العملية السياحية تحتاج إلى الرفع من مستوى التنسيق والتكامل بين كافة الإدارات الخدمية وهيئة السياحة والقطاع الخاص. السياحة تشمل أيضا وضع خيارات متعددة أمام السائح من الذهاب للمرتفعات الجبلية الباردة وزيارة الغابات الطبيعية والمتنزهات والمنتجعات والحدائق، وعلى سبيل المثال زيارة مزارع البن والمانجو وإنتاج العسل والنباتات العطرية أو زيارة العيون الحارة والمواقع الأثرية والتاريخية أو الذهاب للوديان أو بعض الغابات والمطلات الجبلية في عسير وجازان والباحة والطائف وتهيئتها وتنسيقها وتنظيمها للسياح والمستثمرين بحيث يكون هناك مردود اقتصادي من خلال استثمار هذه المواقع وما تشتهر به تلك المناطق من إنتاج محلي، بالإضافة إلى سياحة الأسواق الشعبية التي تعرض من خلالها المشغولات اليدوية والحرفية المحلية أو إيجاد حديقة في موقع اصطيافي جميل وتجهيزها بالخدمات وجعل السائح يقضي وقتا جميلا أو زيارة بعض المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية أو زيارة بعض المزارع النموذجية لإنتاج الفاكهة أو قضاء وقت ممتع في المطلات والحدائق السياحية مكتملة الخدمات وتشجيع أصحاب المزارع والحدائق على اقتناء بعض الحيوانات والطيور النادرة لجذب السائح وهي أيضا فرصة لأصحاب تلك المزارع لتسويق منتجات مزارعهم أو غير ذلك من المنتجات الأخرى وفقا لمعايير واشتراطات مقبولة. المنطقة الجنوبية وخصوصا في جازان تشتهر بإنتاج الفل والكاذي والبعيثران وغير ذلك من النباتات العطرية الجميلة وأيضا منطقة تبوك تشتهر بإنتاج باقة من أجود أنواع الورود في العالم وغير ذلك من المناطق الأخرى التي تشتهر كل منها بإنتاج متميز ومتنوع وهو ما يشجع على إنشاء حديقة طبيعية متخصصة لعرض هذه المنتجات لتكون مقصدا دائما ووجهة محفزة للسائحين إلى جانب ما تشتهر به المناطق الأخرى من إنتاج لمختلف أنواع الفواكه مثل المانجو والجوافة وكذلك البن وأجود أنواع التمور، ونجد أن كل منطقة تتميز عن الأخرى ببعض المقومات سواء في الإنتاج أو المواقع أو الأجواء، وعلى مدار العام نجد أن مناطق بلادنا بإمكانها أن توفر سياحة جاذبة عطفا على توفر المنتوجات والحرف المحلية والمواقع الأثرية والتاريخية ويمكن تخصيص الكثير من المواقع السياحية لعرض تلك المنتوجات، بما في ذلك إبراز ما تشتهر به كل منطقة من إنتاج موسمي ومشغولات شعبية وتخصيص مواقع للتعريف بها وجعلها مقصدا للسائحين من خلال مزارعها ووديانها ومرتفعاتها. إنني على يقين تام بأن كل منطقة من مناطق المملكة يتوفر بها مواقع صالحة للاستثمار السياحي متى تمت تهيئتها بالخدمات الضرورية مع الحاجة لوجود بعض الاستثناءات للراغبين في الاستثمار السياحي. نريد أن نخرج عن المفهوم التقليدي السائد لدينا للتنشيط السياحي، فالسياحة لدينا معادلة وقتية طرفاها الترفيه المكرر المحدود والتسوق التجاري التقليدي الربحي المحض، لا نريد أن يكون لدينا تناقض بين الترويج للسياحة وبين واقع الخدمات السياحية والضعف الكبير في البنية التحتية في المواقع السياحية، وما تواجهه من نقص في الخدمات، والموجود منها بمستوى متوسط ولا يعكس ما تتمتع به بلادنا من إمكانات وقس على ذلك مواقع عديدة في مختلف المناطق. لدينا مواقع سياحية جيدة ولكنها تفتقر لمتطلبات وبرامج الجذب السياحي من مشاريع البنية التحتية للمواقع السياحية والأثرية بما في ذلك توفر الطرق الآمنة وتوفر محطات وقود واستراحات على أعلى المواصفات، بالإضافة إلى توفر السكن بكافة فئاته والمطاعم وغير ذلك. السياحة بمفهومها الصحيح تهتم بإبراز المواقع السياحية والمعالم التاريخية والأثرية والبيئية والثقافية، بالإضافة إلى إبراز الحرف اليدوية والمشغولات الشعبية الجبلية والريفية مع توفير باقة متنوعة وجاذبة من النشاطات الترفيهية للكبار والصغار وكل ما يحتاجه السائح وبالتالي يصبح لديه خيارات متعددة وفي مواقع مختلفة. السياحة تحتاج إلى جهود تكاملية وميزانيات كبيرة وآليات عمل فعالة واستنبات خبرات الآخرين بدءا من استقبال السائح في المطار وانتقاله لسكنه بالسيارة وفي التعامل معه السكن والمطعم والمواقع السياحية.. إلخ حتى يتحقق المفهوم الصحيح للسياحة وليس بمفهوم وأهداف المهرجانات التجارية الوقتية البعيدة عن التعريف بالمواقع السياحية والأثرية ونشر الثقافة السياحية التي تتناسب مع تقاليدنا وشريعتنا الإسلامية. الجميع يدرك بأن هذه المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة في ظل توفر الدعم والإمكانيات من حكومتنا الرشيدة وخصوصا خلال هذه الفترة المزدهرة بالعطاء والصرف السخي على المشاريع التنموية بما في ذلك خدمات البنية التحتية والتي تعد مطلبا رئيسيا للسياحة وحتى يصبح لدينا منتج سياحي يستقطب السياح من خلال جودة وتنوع الخدمات السياحية المقدمة على أرض الواقع وخصوصا أن من يدير دفة السياحة في بلادنا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، لديه من الكفاءة والرؤية الشاملة والقدرة بإذن الله على تطوير هذا القطاع الاقتصادي المهم. تطوير السياحة يحتاج إلى المزيد من التنظيمات والإجراءات والدعم الذي يعمل على نشر وتطوير قطاع السياحة بكافة مقوماتها الأساسية. الهيئة العليا للسياحة ممثلة في مركز المعلومات والاتصال السياحي تقدم معلومات عن المواقع السياحية ولكن بمجرد ذهاب السائح لتلك المواقع لا يجد الحد المرضي الذي يتطلع له السائح من الخدمات وتنوع البرامج التي يحتاجها وهذا ما يؤكد الحاجة لجهود مكثفة وكبيرة وفق متطلبات السياحة تسبق الترويج للسياحة ومنح التراخيص لمنظمي الرحلات السياحية والمرشدين والتأشيرة السياحية وغير ذلك من الإجراءات التي سعت الهيئة إلى استكمالها وهي أمور طيبة يشكرون عليها متطلعين لأن تكون لدينا سياحة داخلية ذات مردود حقيقي بدلا من إعطاء أرقام وتوقعات لا تعبر عن واقع السياحة ومعوقاتها ومتطلباتها. [email protected]