إذا تجاهلنا وجود المتشددين، فإننا قل أن نرى تنظيما متميزا كما رأيناه في معرض الكتاب، فوزارة الثقافة والإعلام أقامت مناسبة من أكبر المناسبات الثقافية بتنظيم رائع تشكر عليه. ومع هذا، فهناك أعراض غير جيدة، وأعراض جيدة من قبل الحضور والمشاركين، والسبب حداثة التجربة لبعض المشاركين، والمثقفون أول هؤلاء من حاولوا التميز والبروز بالتصريح بأنهم مقاطعون لمعرض الكتاب؟ وبعضهم رموز وأسماء إعلامية غابوا، فما المشكلة إن غابوا وحضرت الثقافة؟ الذي يحيرني ما أحيط به هذا الغياب من إثارة إعلامية بقولهم إنهم قاطعوا، ويا للهول إن قاطعوا، أنا أقول إنهم غابوا، والمناسبة الجميلة قامت بمن حضر. ولأني أحترم بعضهم كل الاحترام، فقد تمنيت أنهم غابوا بصمت، وتركوا المعرض لمن يريده، وهذا في نظري أفضل لهم، لأن المناسبة هي مناسبة جماهيرية للثقافة وليست للنخبة، فالجمهور العريض الذي ملأ المعرض من الناس العاديين هو المستهدف، ولم يعلم هذا الجمهور بغياب رجال يعدون على أصابع اليد الواحدة، وقد امتلأ المعرض بالوجوه المفكرة التي أعطت سياق الفكر الآخر الواعي، وتلازمت مع المعرض طيلة أيامه الماضية. ثاني هذه الظواهر في معرض الكتاب أن كثيرا من الشباب والشابات من الجيل الجديد يكتشفون القراءة بالكتاب بدل الشاشة لأول مرة، وكانوا قبل ذلك جيل القراءة في الإنترنت، وفعلا اشتروا الكتب وبدأوا قراءتها، وكان خوفنا في السابق هو من عدم تعود هؤلاء الشباب على التعامل مع الكتاب الورقي، فهذه مزية تحسب للمعرض ما كنت أحسبها تحدث. ثالث الظواهر أن الشاب الصغير والشابة الصغيرة سنحت لهما الفرصة ليشاهدا المؤلف ويوقع لهما الكتاب، فالمثال هنا يعدنا بجيل ثانٍ من المؤلفين من أصحاب المواهب، يطمحون لتوقيع كتبهم في معارض قادمة، أقول مع أن في قلبي شيئا من حتى، وربما (حتى مرتين)، حول هذا الإسراف بتوقيع الكتب، خصوصا من مؤلفين جدد يدشنون كتبهم الأولى ويستعجلون الظهور، أناس لم تعرف لهم كتب من قبل، وهنا أقول إن ظاهرة المؤلفين والمؤلفات الشباب في معرض الكتاب كانت الظاهرة الأبرز، وهي بلا شك تعطي المؤلف الغائب فرصة للإعلام عن نفسه، وتجعله يحس بأنه من نجوم الفن، وفعلا جاء أكثرهم مهندما وملمعا بشكل جديد و(لوك) مختلف، ولا يستثنى من ذلك رجال أدب الدين ومؤلف الكتب المبسطة في شروح الأخلاق، منهم الشيخ الفاضل عايض القرني، وهو ألف كتبا كثيرة تخاطب الفئة متدنية الثقافة جدا، بل الجاهلة أحيانا، وجاء ليرعاها بنفسه. معرض الكتاب صار مهرجانا للثقافة، ومناسبة للترفيه في مدينة الرياض التي تحتاج مثل هذه المناسبات، وهو إسهام كبير من وزارة الثقافة والإعلام نتمنى أن يستمر، ويحتضن في جنباته مهرجانا للفنون السينمائية، والموسيقية، والمسرحية لتعزيز احتفاليات المساء، بعد حفلة النهار الصاخبة في أروقة المعرض. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة