قد يتصور البعض أن عقد بعض الندوات والمؤتمرات لتوصيف العلاقة بين القضاء والإعلام بأنه جنوح من الطرفين إلى التهدئة خصوصا في ظل ما يسمى بالاحتقان بين الإعلاميين والقضاة بشأن ماهية العلاقة بينهما. المؤكد لمن كان خارج تلك الدائرتين يدرك بأن كلا منهما يقوم بواجب هام للوطن والمجتمع في كشف وإبراز الحقيقة ورد المظالم ورفع الظلم كل على طريقته. فالإعلام الصادق سوف يظل عينا رئيسة ترقب المشهد وتبرزه للسلطة القضائية لتتخذ اللازم وتجري العقاب وتبرئ المظلوم. أما القضاء فهو صمام الأمان للمجتمعات حيث ينهض بالعدل بين الجميع بلا تمييز أو اختلاف. أعتقد كما سبق أن كتبت في مقال سابق بأن أي توتر وشكوك بين المؤسستين القضائية والإعلامية لن تحمد عقباه وسوف يجني المواطن حتما عاقبة ذلك إن لم يكن هو الضحية الكبرى في ذلك التجاذب. الإعلاميون يقول البعض عنهم إن أقلامهم قاسية كما هي أحكام القضاة وتلك القسوة قد تطال أحيانا المؤسسة القضائية التي تعتقد أن القسوة صفة لا يشارك القضاة فيها أحد. المشكلة قد تبدو في بعض التناول الحاد ومن قبل الإعلام والذي قد يصل أحيانا حسب رأي المعترضين إلى التدخل في الأحكام والخوض في الحيثيات القضائية البحتة المحرمة على غير ذوي الاختصاص. البعض من الإعلاميين قد يتصور أنه يتمتع بحصانة مطلقة قد تصل أحيانا إلى الاتهام غير المثبت واستصدار الأحكام، وهذا بلا شك خلل في الفهم الإعلامي الذي له أسسه وضوابطه اللازمة والتي يتعين معرفتها لمن التحق بالركب الإعلامي. إلا أنه في ذات الوقت فإن من حق الإعلام أن يمارس دوره الوطني والرقابي بكل شفافية بعيدا عن أية ضغوط. إن الحشد الإعلامي الهام الذي تقوم به المؤسسات الإعلامية مهم وضروري لمنظومة الإصلاح في أي وطن أو بلد، ذلك أن الإعلام عون رئيس لسلطة القرار في ضبط المعيار الجماهيري وتهيئة الناس لأي قرار أو إصلاح. الحاجة مهمة لضبط الإيقاع وإيضاحه في فرز وبيان العلاقة المتوخاة والمنشودة بين الإعلام والقضاء بعيدا عن المشاحنة والمناكفة الخاسرة. من المهم في نظري أن نوقن بأن الإعلام عين ساهرة رقيبة وهو في كثير من الوقائع شاهد إثبات تستمع شهادته. كما أن مساحة الحرية المشرعة للإعلام يجب أن تكون عونا للقضاء في السعي والوصول إلى الحقيقة الغائبة لا أن يكون الإعلام مصدر ووسيلة تشكيك في السلطة القضائية. وصلت الاتهامات في بعض الدول إلى تذمر السلطة القضائية من الإعلام بسبب ما يسميه البعض التدخل في خصوصيات القضاء وآليات التقاضي، وتلك مسائل لا يفهمها إلا الراسخون في القضاء. وإذا كان البعض من الإعلاميين يؤكدون على ضرورة معالجة أوجه القصور والنقص والخلل في المرفق القضائي عبر التسريع بالإجراءات القانونية التي تحفظ حقوق المترافعين والمتهمين وعدم البطء والتأخر في نظر القضايا وإصدار المدونات وتقنين الأحكام وغير ذلك. فإن القضاة يؤكدون في ذات الوقت على أهمية وضرورة وجود مستشار قانوني في كل وسيلة إعلامية تستطيع من خلاله المؤسسة الصحفية تقدير الخبر الإعلامي المتعلق بالقضاء بعيدا عن اجتهادات المبتدئين وإرجاف المتعالمين. وختاما فإنني آمل أن يكون في مثل هذا المؤتمر الذي ترعاه وتقيمه وزارة العدل مشكورة ممثلة بجهود الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى والذي حرص منذ فترة على إقامة هذا المؤتمر والذي ينطلق يوم السبت القادم عن العلاقة بين الإعلام والقضاء طريقا للوصول إلى الأهداف المنشودة وهي التكامل المحمود والتعاون البناء بين المؤسستين القضائية والإعلامية وأن يتم استشعار المسؤولية لكل منهما بعيدا عن المناكفة والندية المذمومة . [email protected] فاكس : 014645999 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة