لم يتوقع أحد منا حجم الكارثة التي حلت بجدة قبل أسبوعين، وكنا نرى آثار «الفساد» أقصد الدمار الذي خلفته السيول من بين أدمعنا، على بقعة تدعى «جدة» كان يطلق عليها مجازا «عروس البحر» تلك المدينة التي جار عليها الزمن، عندما استلمها أبناؤها فعقوها وعضلوها حتى باتت مدينة الكوارث، ففي كل سنة كانت تستجير جدة بالماء ليجلى عن وجهها تلك التجاعيد الغائرة بين حنايا الروح، فأخذ ذلك الماء يطهرها من رجس الفساد الذي عانت منه سنين طوال، ولتهمس في أذن محبيها أن «من يجهل تحولات الماء يجهل قلب امرأة عاشقة» جهل من يدعي حبها، وهو لايدري كيف يسير الماء من بين دروبها، وطرقاتها لتفضح جدة، زور وبهتان ذلك الحب المزيف! ومن بين تلك السحب الركامية السوداء التي غطت جدة يوم الأربعاء الأسود، ظهرت بقعة ضوء كبيرة، تبشر بمستقبل رائع لهذا الوطن الأغلى، إنهم أولئك الشباب الذين برزوا كفرسان رهان قوي لهذه المرحلة، إنهم أولئك الذين وصمناهم بكل أنواع الاستهتار، فظهروا في خطبنا ومحاضراتنا عوامل هدم للفضيلة، إنهم أولئك الذين نصبنا كل أنواع المكائد والخطط لاصطيادهم واقتيادهم للمحاسبة على ما هو مجرد شبهات. إنهم فتية آمنوا بأن الوطن لا رهان عليه، فقدموا من وقتهم وجهدهم وراحتهم الكثير لتوزيع المعونات، إنهم شباب جدة، وفتيات العروس، أولئك الذين كتبنا عليهم وعليهن «ممنوع الاقتراب» ليظهروا ويظهرن كنيازك شديدة اللمعان «ممنوع الاقتراب» منها لغير المخلصين الصادقين، صفحة بيضاء في سجل الوطن سطرها أولئك الذين كنسوا ومسحوا آثار الكبار من دروبهم، ليسجلوا تأريخهم الآن، إنهم الشباب فاحتووهم، واعطوهم وثقوا بهم، إنهم الشباب القادم، فاجعلوهم في المقدمة عند التخطيط، والتنفيذ، إنهم الشباب رهان المرحلة القادمة فلا تنسوهم، ما قام به شباب جدة هو وسام شرف على صدر كل سعودية وسعودي فهنيئا لنا بهم وهنيئا للوطن بشبابه وبناته، وسؤالنا للمرحلة القادمة هل سنستعين بهم وبهن مخططين ومستشارين لجدة المستقبل؟! هنا يكمن التحدي. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة