اليوم هو أول يوم في العام الجديد 2011، وحسب ما هو مدون على صفحة التقويم أمامي فإنه يعني أيضا «أول يوم في الباقي من سنين العمر». والأول في كل شيء يعد جديدا، والجديد لذيذ دائما، وقد قيل: «لكل جديد لذة»، أذاقكم الله لذة هذا العام. متى استثنينا جديد المصائب كالموت والأمراض والكوارث، التي يزيد قبحها بالجدة وينقص بالقدم، فإن الجديد له بريق مختلف ومذاق متفرد. ألا ترون أن الشاكين من الملل، يكثرون من ترديد قول: أن لا شيء جديدا في أيامهم، وأن كل شيء صار معادا مكرورا! حين يطل العام الجديد يجرجر أذياله متبخترا، يميل الناس إلى الفرح به والاحتفال بمقدمه، ربما ابتهاجا بالتخلص من عام قبله ملأ حياتهم كدرا وضيقا، وربما تفاؤلا واستبشارا أن ينيلهم العام الجديد ما يرجون، فالعام الجديد يستمد جماله من جمال التوقعات التي تصحب مجيئه. نحن نستقبل العام الجديد بآمال عذاب تجعلنا نرنو إليه بلهفة، عسى أن يأتي لنا بما لا يؤتى به، وأن يهدينا ما ليس منتظرا إهداؤه، وكثيرا ما نتوقع من العام الجديد ما لا طاقة له به، ونتوقع منه أن يحطم القوانين الطبيعية، وأن يتجاهل المقدمات فيقفز بنا إلى نهايات تعانق رغباتنا المطمورة في الأعماق. أحيانا يبلغ بنا الخيال أن نتوقع من العام الجديد أن يأتي ليغير خريطة حياتنا، فيعدل فيها وفق ما تنسجه الرغبات ويخفق له القلب، نتوقع منه أن يأتي فيحطم ساعة الواقع والحقيقة وما يصرح به العقل، ليحلق بنا إلى حيث تستلقي أحلامنا الجميلة متجردة من قيود المنطق والوعي. عند إطلالة كل عام جديد، ترتسم أمامنا وجهتان يمكن لنا النظر منهما؛ إما أن نلتفت إلى الوراء، ونظل نتأمل بلوعة أذيال عامنا الراحل وهي تتلاشى مسرعة عن عيوننا، فنغرق في الأسى لفراقه وما ذهب به من أحداث حلوة ومرة. وإما أن ننظر إلى الأمام، فنستقبل العام الجديد مرحبين به، متفائلين بمقدمه، متوقعين منه مسح خيباتنا، وجبر كسورنا، واسترجاع ابتسامات اختطفت منا. الذين ينظرون إلى الأمام، يؤمنون بأنه «إذا لم تجد شيئا أمامك فلا معنى للالتفات إلى الوراء»، لذلك هم لا يبكون في وداع عامهم ويدعونه يمضى في صمت، بلا أسف على سعادة انصرمت، أو أسى على أيام جميلة تلاشت مسرعة كطيف طل عبر حلم. أما الذين يصرون على الالتفات إلى الخلف، فإنهم لا يزيدون على أن يصرفوا أنفسهم عن التمتع بالحاضر والتطلع إلى المستقبل بتشبثهم بماض لن يعود، فيبيتون كمن يتشبث بثوب بال ويترك الثوب الجديد خلفه. ومع هذا، أجدني خلقت ألوفة كألفة المتنبي لشيبه، لذلك فإني في وداع العام لا أملك سوى أن أردد بيني وبين نفسي بأسى، عبارة زكي مبارك التي قالها في رثاء صديقه، لكني أراها تنطبق على رثاء العام أيضا: «أفي الحق أننا لن نلتقي في الدنيا ثانية! تلك أيام خلت ولن تعود، فعليك وعليها تحية الشوق الذي لا يموت». جعل الله عامكم مباركا مملوءا بكل خير. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة