هذه قصة تحكى عن عجوز هرم مملوء باليقين عاجز عن الفعل مسن خط الشيب في عارضيه .. أرمل وحيد بسيط شبه أمي فعلت تضاريس الزمن أفعالها فيه فصار وجهه متغضنا وأصبحت عظامه تطقطق .. كان دائما نومه أبيض وطويلا إلا أنه في إحدى الليالي وبينما كان الظلام يخيم محولا المدينة الصغيرة التي يقيم فيها إلى سلسلة من النقاط اللماعة المتتابعة وإذا بألم يعصف به مثل راية فوق مبنى في ريح .. كانت «حصوة» صغيرة كحبة عدس تقيم كعنكبوت بارد في خاصرته منذ زمن واختارت أن تمارس هذه الليلة ضغطها السويدي .. وتصاعد الألم محولا تلك الحصوة إلى عنكبوت أعصاب تفتت الصدغين أصبحت نيزكا حارقا.. كان يصحب ذلك الألم في الجنب حرارة عالية وارتعاش وعرق غزير .. كان يسأل نفسه هل يمكن لهذا السهم أن يتوقف؟ كان يريد ألا يبكي إلا أن الدموع تحولت إلى مطر.. وتحركت تلك المسننات في الداخل ظلت ترتعش وتدور لتحيله إلى حائط من تعب وتستقر في مجرى البول.. احتلت المجرى كجيش غاشم وحولته إلى نهر بلا مصب .. لم يستطع النوم ظل مستيقظا وحتى انتفخت أجفانه وكيف ينام وروحه لم تجد مستقرا من الألم.. حمل المسن أطرافه فوق ظهره متجها إلى أقرب مشفى.. كان قرن الثور يفتت خاصرته ويزيد خطواته ثقلا.. كان جسده يتأرجح مثل هودج في أرض صحراوية.. كان يجاهد بجهد يفوق طاقة الإنسان للوصول إلى المشفى .. ووصل الرجل الذي سحقه التعب إلى قسم الطوارئ مثل شمعة وصلت قبل قليل إلى آخر مسيرتها ثم هوى على أقرب سرير فحص مثل ريشه .. كان المسن يتكسر في السرير كخزف قديم .. كانت أصابع الطبيب تمر على جسم المسن المتألم فتضيء الألم .. كان يحاول أن يوضح للطبيب وحبات عرق تلمع فوق جبينه عن تلك الدودة التي كانت تنخر خاصرته لتتحول إلى صهيل لا ينقطع .. كان الطبيب يمرر يده على جبينه ليسكن روعه .. جددت تلك اليد نور عينيه الناعستين.. لا حاجة للمريض أن يتكلم أحيانا ليهدي الطبيب لمعاناته فنوع الألم عنوان مكتوب على شفاه المريض المرتجفة .. كانت دموع المسن المكفكفة كفيلة بنقله لغرفة العمليات فقد كانت الكلمات التي تبكي والدموع التي تتكلم .. أوقفت الأمصال المهدئة والتي منحت له في غرفة الطوارئ بعض التأوهات .. وتمت العملية بنجاح .. جاء طبيب آخر بفاتورة تكاليف العلاج للمريض تقدم بها للرجل المسن والذي كان جسده مطويا في السرير كما يطوى الأكارديون استلم المريض الفاتورة بارتخاء عميق .. أخذ ينظر إلى النافذة المشرعة نظرة الطاعنين في السن للأشياء وأخذ يبكي .. أحرج الطبيب .. قال له لا داعي للبكاء ياسيدي إن كانت النفقات عالية سأتكفل بذلك الأمر مع إدارة المشفى.. أجابه المسن وكأنه يهذي .. كأنه يناجي نفسه .. أنا لا أبكي من فاتورة العلاج يا بني ولكني أبكي لأن الله سبحانه وتعالى منحني القدرة على التبول سبعين عاما دون أن يرسل لي أي فاتورة!! اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. فعلا وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة