على مر تاريخ الدراما العربية، لا أظن أن عملا، يمكنه صناعة أكبر قدر ممكن من ردود الفعل، مثلما يمكن لهذا العمل المنتظر: «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، ذلك لأن مسائل، شائكة، معقدة، وسبق لها أن أخذت كمسلمات، ثابتة، سوف تنجح المغامرة، الدرامية، في هزها، من قمصانها، بعنف، يمكن تخيله، ولا يمكن تخيل نتائجه، إلا بعد عرض المسلسل، بسنة، وربما بسنوات، ومع أنه يمكن لي الوثوق سلفا، بالإبداع الصادق، والمصداقية المبدعة، للعمل، على مستوى الكتابة، ذلك أن اسم الدكتور «وليد سيف»، يقف وراءها، برغبة، وإيمان، فقد ظل هذا هو حلمه المؤجل الثاني، على اعتبار أن الحلم الأول هو رؤية فلسطين، محررة، من مغتصبيها، مطهرة من دنسهم، وما دام «وليد سيف» هو كاتب العمل، فإنني أبصم بالعشرة، على جودة الكتابة، وتألق المعنى، وطيب عبق المضمون، وصحة الخبر، وسلامة النقل، كما يمكن لي ضمان أنه لن يسلم العمل، لغير قوة إنتاجية مؤهلة، وكوادر فنية متميزة، خاصة على مستوى الإخراج، لأنني أعلم أنه لن يتدخل، في أكثر من هذا، لكن هذا يكفي، غير أن المسألة أكبر من إشكالية، أن يكون العمل جيدا، وصادقا، ومنصفا، بكثير، ذلك أنها تضرب، أول ما تضرب، في معولها، حائط الاعتقاد، بجواز ظهور شخصيات، إسلامية، شديدة الثقل، والأثر، والورع، والصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل سيدنا «أبو بكر الصديق»، وسيدنا «عمر» رضي الله عنهما، مثل هذه الورطة، التي نشأت من اعتراضات قديمة جدا، للأزهر الشريف، تحديدا، والذي غض الطرف، عن تبيان موقف شامل، محدد، من ظهور عدد آخر، كبير، من الصحابة، في الأعمال الدرامية، مما شكل، مسلمة بديهية، للرفض، والقبول، دون مناقشة. اليوم، ومع اقتراب البدء في مسلسل «الفاروق»، ولست متأكدا من الاسم النهائي للمسلسل بعد، أنتبه لإشكالية، أظنها هي التي أسهمت في صناعة مثل هذا الموقف، المرتاب، من ظهور شخصيات جليلة، من الصحابة، في الأعمال الفنية، وهي إشكالية نظرتنا الدونية للفن، وللفن التمثيلي على وجه الخصوص، أظن أن المسألة ليست مسألة حلال، أو حرام، بقدر ما هي مسألة: هل القالب الفني التمثيلي قالب محترم، من وجهة نظرنا، هل التمثيل عمل مشروع أصلا، من وجهة نظر الدين، يجب بحث هذه المسألة بشجاعة، وجرأة، ومصارحة أكبر، هذه واحدة، تؤازرها إشكالية أخرى، بحاجة أيضا إلى مصارحة جريئة، ذلك أن الحكومات العربية، ترى، بشكل أو بآخر، أن قداسة الحكم، قد تتأثر، من جراء تقديم مثل هذه الشخصيات، التي استحقت دون شك، أن تبقى رموزا، وتبيان صحة مثل هذا الشك، يسيرة، فالذين لا يظهرون على الشاشة، هم الخلفاء الراشدون، يضاف إليهم، معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، مؤسس الدولة الأموية، والحكام العرب، إلا بعد وفاتهم وتغير الظروف، والاستثناء الوحيد من ذلك، هو الرئيس المصري حسني مبارك، مؤخرا، والأكيد، أننا في انتظار عمل درامي، قادر على فتح أبواب مغلقة كثيرة..