أنهى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إجازته أمس وفي انتظاره سلسلة ملفات من ذكرى مرور الإعصار كاترينا، إلى الانسحاب الأمريكي من العراق وصولا إلى محادثات السلام في الشرق الأوسط والاقتصاد المترنح، وذلك قبل شهرين من انتخابات منتصف الولاية التشريعية في الولاياتالمتحدة. وبعد عشرة أيام أمضاها في مارثاز فاينيارد في لعب الغولف والاسترخاء مع عائلته، استأنف أوباما نشاطه أمس حين يغادر مباشرة إلى نيو اورليانز بدون حتى التوقف في واشنطن. وقبل خمس سنوات غمرت المياه ثمانين في المائة من مدينة نيو أورليانز عند مرور الإعصار كاترينا، ولم تتعاف حتى اليوم من هذه الكارثة التي خلفت أكثر من 1500 قتيل. وقال الناطق باسم البيت الأبيض بيل بورتون عن المدينة «إنها تتعافى لكن لا يزال هناك عمل يجب القيام به». وخلال زيارته في الذكرى الخامسة لمرور الإعصار، وجه أوباما تحية للذين خسروا حياتهم وسيشدد على التضحية التي قدمها خليج المكسيك بسبب كاترينا، كما أعلن البيت الأبيض. وتعهد أوباما أيضا «بإعادة الالتزام على مستوى الأمة» إلى منطقة عانت في الآونة الأخيرة من أسوأ تسرب نفطي في تاريخ صناعة النفط. وبعد نيو اورليانز ينصرف أوباما إلى ملف ورثه عن سلفه الرئيس السابق جورج بوش وهو ملف العراق. وبعد لقائه القوات الأمريكية في قاعدة عسكرية في تكساس، سيلقي أوباما كلمة من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض مساء الثلاثاء للتشديد على إنهاء العمليات القتالية في العراق كما وعد. وبعد سبع سنوات على الاجتياح الأمريكي للعراق وصل عدد القوات الأمريكية في هذا البلد إلى ما دون عتبة الخمسين ألف جندي للمرة الأولى. لكن الولاياتالمتحدة لا تزال تحصي خسائرها في العراق مع سقوط 4417 قتيلا أمريكيا وإنفاق أكثر من 700 مليار دولار وتراهن على سحب باقي قواتها في الموعد المحدد بحلول نهاية السنة المقبلة. وأكد البيت الأبيض أن العراقيين قادرون على تسلم مسؤولياتهم الأمنية، وهي النقطة التي يتوقع أن يركز عليها أوباما مجددا في كلمته الموجهة إلى الأمة. إلا أن مسار الأحداث قد يكون مغايرا لتصوراته، حيث إن البلاد تشهد بانتظام هجمات دموية تنسب إلى شبكة القاعدة فيما حذر رئيس أركان الجيش العراقي بابكر زيباري من أن القوات العراقية لن تكون قادرة تماما على تولي الملف الأمني قبل 2020 وستكون في حاجة للدعم الأمريكي حتى ذلك الحين. لكن بدون أي شك فإن التحدي الأكبر الذي ينتظر أوباما هو الأربعاء حين يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لإطلاق المفاوضات المباشرة بين الطرفين. ويشدد البيت الأبيض على إمكان الوصول إلى اتفاق بحلول المهلة التي حددها أي بعد سنة لكن الواقع أن الأمر استغرق 18 شهرا لمجرد إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات لا يبعث بتفاؤل كبير. وإعطاء السياسة الخارجية مثل هذه الأهمية الكبرى قد ينطوي أيضا على مجازفات بالنسبة لأوباما لأن الأمريكيين قد يعتبرونه غير مهتم بمشكلاتهم في وقت وصلت فيه البطالة إلى مستويات عالية وهناك مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد. ومع تزايد انتقادات الجمهوريين لسياسة أوباما، يبدو وضع الغالبيتين الديموقراطيتين في مجلسي الكونجرس مهددا في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر (تشرين الثاني)، وإدراكا منه لحساسية الوضع، كشف البيت الأبيض أن أوباما شارك الأربعاء في دائرة تلفزيونية مغلقة من مقر إجازته في مارثاز فاينيارد مع فريقه الاقتصادي. وأعلن بورتون أيضا أن الرئيس سيوجه كلمة أيضا قريبا إلى الأمريكيين بخصوص الاقتصاد في البلاد.