غريب أمر التلفزيون العربي، فهو لا يفتح صندوقه الأسود غير في رمضان! وباقي العام.. صائمون! تدخل حلبة السباق أسماء مسلسلات لا حصر لها، وبين الدراما والدراما كوميديا سوداء، والعيون مفتوحة في ملاصقة الشاشات، والقنوات الفضائية تتباهى (ما في حصري كله عندي)! عالم رمضاني مفروض علينا نراه من خلال الشاشة يختلف تماما عما نسمعه من خلال الأذن، فالتلفزيون في رمضان يختلف عن الإذاعة في رمضان بينما الناس واحد! والجهة الممولة أيضا واحدة، فأحيانا الممول الذي فتح إذاعة عبر الأثير فتح أيضا تلفزيونا عبر الفضاء، لكن الفرق أن ما نراه في الشاشة أيام رمضان المبارك يختلف تماما عما نسمعه بالأذن عبر الإذاعة! ذلك يعني أن التلفزيون أصبح أحد مفاتيح رمضان الكريم.. وجزءا لا يتجزأ من مظاهره السائدة وعلاماته البارزة! وليس من عندي شيء.. لاحظوا وأنتم أدرى وأعلم.. برامج المسابقات في رمضان! برامج الدعاة تزداد في رمضان! وحتى برامج الاختصاصيين النفسيين أو حتى القادرين على الكلام في الحياة الزوجية وفي المهور وفي المسيار وفي النجاح وفي الذات وفي السلوك، كل هذه الخلطات أصبح لها ناسها الذين يتحدثون فيها موجهين وروادا ومحللين، وترى واحدا يقف أمامك في الشاشة كي يقول لك كيف تستخدم ذاتك في انتصاراتك! عناوين غريبة لموضوعات تدخل ضمن دائرة علم النفس يؤديها عاديون يحاولون بالكلام إعلان الانتصارات، وأصبحوا من مشاهير التلفزيون لمجرد أنهم تفذلكوا وتمالحوا واختاروا موضوعات تصول وتجول في النفس الإنسانية! وهذه البرامج النفسية والوهمية تفوقت على البرامج التي يقدمها بعض الدعاة الذين صاروا ينتهجون النهج نفسه ويسيرون عليه في الحديث عن سلوكيات النفس البشرية وكيف تحقق النجاح في ثلاثة أيام! وإذا تركنا هذه الفوضى الفكرية جانبا تبقى المسلسلات الرمضانية بقضها وقضيضها وهديرها الصاخب.. عجيب أمرهم لماذا يتسابقون في رمضان فقط؟! ووسط الزحام تبحث عن بصمة الدراما الخليجية فتجد الاجتهادات لكن ليس لدينا مدارس! عندنا اجتهادات فردية لكن الأدوار والحكايات كلها صناعية! ليس فيها الشيء السحري الذي يجعل الفن الخليجي درة لها وزنها وقيمتها باعتباره موطنا للغوص والبحث عن الدرر. حكايات أصلية كان ممكنا تحويلها إلى مسلسلات تحفظ التاريخ الخليجي، لكننا لاهون بالتهريج وتكرار القصص والتمثيل المخل الذي يظهر فيه الممثل يمثل.. ومتى ما كان التمثيل تمثيلا معناه الفشل! فالممثل الناجح يشعرك أنه لا يمثل! بينما أبطالنا في الفن هم أنفسهم الذين تمر السنون عليهم سنة وراء سنة وأداؤهم جامد لا يتغير! رمضان فرصتنا للمغفرة، لكن الفرصة تنقلب علينا.. فلها حدان! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة