مع ارتفاع درجات الحرارة صيفا، يتأخر وصول الشاحنات لتفريغ حمولتها من الوقود، وبالتالي ينعكس أثر ذلك على إمدادات الوقود، فتزداد الانقطاعات عن بعض المحطات، والتي قد تصل لأيام في بعض الأحيان؛ نظرا لعدم توافر الكميات المطلوبة أو لقلة عدد الشاحنات. في الوقت الذي حذر فيه الدفاع المدني من إفراغ الوقود في المحطات دون الالتزام بالاشتراطات الخاصة بالسلامة، مؤكدة جدية تعاملها مع المنشآت المخالفة، وتطبيق العقوبات التي تصل للإغلاق، في حين يشير متخصصون في الهندسة البترولية أن المخاطر عادة ما تكون في ذروتها عند وجود تسرب أثناء التفريغ. جولة «عكاظ» في عدد من محطات الوقود في جدة، كشفت المزيد عن هذه المشكلة. انقطاعات تمتد أياما من واقع تجربته العملية لثلاثة أعوام في محطة وقود في حي بني مالك، يقول أمين النهدي: أكثر انقطاعات البنزين تقع منتصف الشهر وعادة ما نعبئ الخزان الأرضي من 6 7 مرات في الشهر، مشيرا إلى أن عملية التعبئة مكلفة ومردودها ليس كما يتخيل البعض والربح قليل، فالرد الواحد من البنزين 95 يكلف 17.080 ريالا شامل التعبئة وخدمة التوصيل، وبنزين 91 يكلف 12.130 ريالا، فيما يكلف الرد الواحد من الديزل7.395 ريالا، إضافة لأجور العمال والكهرباء وأشياء أخرى. ويضيف النهدي بالنسبة لمسلسل انقطاعات البنزين، فهو يزداد صيفا وفي بعض الأيام نغلق المحطة في وجه الزبائن من 5 6 ساعات، حتى تصل الشاحنة المزودة بالوقود، والعذر الدائم «لدينا طلبات كثيرة، أو الطرق مزدحمة، أو لم يصل الطلب إلا متأخرا» وهذا التأخير ليس في صالحنا ولا نعلم أين الخلل. الزبائن يتذمرون ناصر محمد وسنان مسعد عاملان في محطة على شارع تجاري في حي بني مالك في جدة يقولان: بحكم موقعنا بالقرب من ورش السيارات يجعل الإقبال علينا كبيرا، في ظل نقص الوقود أحيانا، ما يجعلنا عرضة للتهكم من الزبائن الذين لا يتفهمون المشكلة، فتراهم يرددون «كيف لا يوجد بنزين في المحطة الأفضل أن تغلقوها!»، وعند الاستفسار للتزود بالوقود يفيدونا دائما، بأن «هناك طلبات كثيرة»، ما يضعنا في موقف محرج مع الزبائن، وقد ننتظر لوقت طويل في بعض الأحيان حتى قدومهم. ويضيفان: هناك مشكلات كثيرة تصادفنا مع الزبائن لعدم معرفتهم بخبايا المحطات، فهم يعتقدون أن المحطة لا تخلو من الوقود، ولا يعلمون أننا نعاني الأمرين لتزويد خزاناتنا بالوقود والتي نحرص دائما على نظافتها، حتى لا نتعرض لمحاسبة الجهات المختصة من ناحية، وتهكم الزبائن من ناحية أخرى، وكلما كان الموقع نظيفا والخزانات الأرضية نظيفة كلما كان البنزين أفضل. هاجس تعبئة الخزان ضياء الحق ومحمد شميم عاملان في محطة في شارع أم القرى يقولان: نعمل لساعات طويلة وتعبئة الخزان هاجسنا، وكلما فرغ من الوقود، نغلق المحطة لساعات طويلة في وجه الزبائن نجري خلالها اتصالا على صاحب المحطة، والذي بدوره يتصل لتزويدنا بالوقود. وعن نظام التعبئة يقولان: لدينا خزانات كبيرة، وضعنا فوقها مظلات كبيرة بحيث في حالة إفراغ الشاحنة لتعبئتها، تكون في مكان آمن بعيدا عن الحرارة التي تشكل خطرا مباشرا رغم توافر أدوات السلامة، فهذه أمانة في أعناقنا. التعبئة والتفريغ محمد علي وأنيس محمد عاملان في محطة على شارع عام في حي الرحاب يقولان: ليس لدينا أي مشكلات تذكر، ما عدا التعبئة المستمرة، فنحن نقع في وسط حي مكتظ بالسكان ويضطرنا كثرة التزود بالوقود لإغلاق المحطة مؤقتا، فحجم الخزان الأرضي ضيق ومع الاستهلاك ينفد الوقود بسرعة، فنتصل لتزويدنا بالوقود ويحتاج ذلك بعض الوقت، والزبائن لا يحبون الانتظار، فالكل على عجلة من أمره، ولذلك نحرص على التزود بالوقود قبل نفاده، إلا في بعض الأحيان عندما يكون الزحام شديدا. أما صالح بازيد زبون فمن الأشخاص قليلي الخروج وبالتالي احتياجه للبنزين قليل، يقول: كل ثلاثة أيام أعبئ خزان سيارتي بالوقود كاملا، وأكثر ذهابي إلى العمل والعودة منه إلى المنزل، إضافة لقضاء بعض المشاوير المنزلية الضرورية، ومع كثرة الزحام والحفر والمطبات، لا أخرج كثيرا لذلك تجد استهلاكي للوقود قليلا، ولكن هذا لا يمنع أنني في بعض الأحيان ألجأ لمحطة بعيدة عن موقع سكني، والسبب الرئيس هو عدم توافر (البنزين) بسبب التعبئة والتفريغ. تعبئة الظهيرة أنور بخاري يقول: رغم أنني أقضي أغلب مشاويري في أوقات الظهيرة، إلا أنني أتحاشى التزود بالوقود في هذا الوقت بالذات، وخصوصا عند ارتفاع درجات الحرارة، فأبخرة البنزين تدخل سيارتي وتسبب لي ولأبنائي إزعاجا كبيرا، ولذلك أعبئ خزان سيارتي بالوقود كاملا مساء، حتى أرتاح من عناء الوقوف ظهرا عند أي محطة. تسريبات البنزين إلى ذلك أوضح الدكتور صدقي أبو خمسين رئيس قسم هندسة البترول في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أنه تتواجد في البنزين العديد من الهيدروكربونات خاصة الهيدروكربونات الحلقية، وهذه الهيدروكربونات مثل باقي الإضافات المقاومة لطرقات الموتور لها تأثير سرطاني. مشيرا إلى أن الخطر الرئيس للبنزين من هذه التسريبات لا يأتي من السيارات، ولكن من حوادث صهاريج نقل البنزين، ومن التسريبات التي يمكن أن تحدث من مستودعات التخزين. وأضاف: نظرا لوجود مثل هذا الخطر، فإن معظم مستودعات التخزين تتم متابعتها بصفة دورية للتأكد من عدم حدوث أية تسريبات فيها، نظرا لأن البنزين متطاير بطبيعته وسهل التبخر خصوصا في ظل ارتفاع الحرارة صيفا، فإن ذلك يستلزم أن تكون مستودعات التخزين وصهاريج النقل محكمة الإغلاق، ذلك أن هذا التطاير العالي للبنزين يمكنه من أن يشتعل في الجو البارد بعكس الديزل. ويرى أبو خمسين وضع قياسات معينة للسماح بالتهوية الكافية للبنزبن، حتى لا يرتفع الضغط في مستودعات التخزين ويظل مساو للضغط خارج المستودع، فيما البنزين يتفاعل مع كيمياويات معينة شائعة الاستخدام ينتج عنها لهب مستمر، ومعظم مستودعات التخزين في هذه الأيام بها آلات قياس دقيقة لمراقبة ومنع أي تسريبات، فالأفضل التقليل من التفريغ في ساعات الظهيرة عند ارتفاع درجات الحرارة، خصوصا في الصيف. متابعة التفريغ من جانبه أوضح العميد عبدالله حباب الجعيد مدير شعبة العمليات في الدفاع المدني في جدة أنه تم الشروع في تطبيق لائحة النظر في مخالفات نظام ولوائح الدفاع المدني على المنشآت المخالفة منذ ما يقارب العام وقد تم ضبط ما يقارب مائة وخمسة منشأة خلال الثمانية أشهر الماضية وتوقيع غرامات مالية على الغالبية منها، ولا يزال البعض قيد النظر من قبل لجان مختصة. وأشار الجعيد إلى أن من بين تلك المنشآت 19 محطة وقود، وتراوحت الغرامات المطبقة بحقها بين (2000 30 ألف) ريال حسب طبيعة المخالفات المضبوطة، علما بأن غالبية المخالفات عبارة عن قصور أثناء التشغيل، كعدم قفل المحطة أثناء تفريغ الوقود. وعن إمكانية تفريغ الشاحنات المحملة بالوقود داخل المحطات صيفا، قال الجعيد: لا مانع من التفريغ، ولكن بشرط متابعة الناقلة أثناء التفريغ والتأكد من سلامتها من العيوب، لمنع التسريبات وكمية الوقود المسموح بها لها، بالإضافة لتواجد السائق أثناء التفريغ، وتفريغ الشحنات الكهربائية من خلال استخدام سلك التأريض وخرطوم التفريغ المعدني المصمم لذلك، والأهم من ذلك إيقاف التشغيل في المحطة حتى انتهاء تفريغ الناقلة ومغادرتها، لافتا أن كل هذه الشروط تتم متابعتها باستمرار من قبل مفتشي السلامة.