على امتداد طريقي الطائفالرياض السريع، والحجاز القديم المؤديين إلى مركز ظلم جنوبي محافظة الطائف، ثمة مشهد يومي يكاد لا يتغير لدى العابرين، فمن العواصف التي لا تتوقف على مد النظر، إلى الغبار الذي يخفي معالم الطريق، فيضطر معه السائقون إلى الانحناء للعواصف والتنحي جانبا على أمل السكون. ولم يكن حال سكان ظلم بأقل سوءا، إذ وكما تقول أم عبدالله بتهكم: «نعمل لتنظيف العواصف والغبار لكن بدون مرتب»، مشيرة إلى أنها وأفراد أسرتها يعملون كل يوم في تنظيف منازلهم مما يلحقها من أتربة تستقر فيها. ولا يقف الحال عند التنظيف بحسب أم عبدالله، إذ أن ثلاثة من أفراد أسرتها الذين يعانون من الحساسية والربو ينتقلون إلى المستشفى لتلقي العلاج نتيجة تضاعف المرض لديهم بسبب الغبار. وإزاء هذا الوضع، فإن قطاعات البلدية والنقل والدوريات الأمنية وفرق الهلال الأحمر في حالة استنفار شبه يومي، معلنين «الاستعداد والتأهب» لأي طارئ أو حادث جديد. تعايش مع العواصف ويطلق سكان ظلم على العواصف اليومية التي يتعايشون معها ب«عواصف ظلم»، إذ أنها ليست وليدة اللحظة، «فنحن في حالة تعايش دائم معها وكبار السن يتذكرونها منذ طفولتهم قبل عشرات الأعوام، جعلت من ظلم مقرا ملائما لاحتضان أول مزرعة لطاقة الرياح في المملكة، كما أعلن بذلك وزير الكهرباء والمياه المصري الدكتور حسن يونس مطلع العام الميلادي الحالي. وزاد يونس أنه تم الانتهاء من إعداد دراسة جدوى لإنشاء مزرعة رياح في مدينتي ظلم وينبع، «وأنهينا التقرير الأول للدراسة وإجراء تحليل مبدئي لبيانات سرعة الرياح وعقدنا برنامجا تدريبيا عن تكنولوجيا طاقة الرياح». ورغم جلب عواصف ظلم لمشروع توليد الطاقة، إلا أن المنطقة صنفت بأنها ضمن المناطق المتدهورة بيئيا، وذلك وفقا لخطاب (تحتفظ «عكاظ» بنسخة منه) رفعته بلدية الطائف قبل نحو عشرة أعوام لمدير فرع الزراعة والمياه. وتطالب البلدية في خطابها إنشاء حزام أخضر حول ظلم والمويه لحمايتهما من آثار العواصف الترابية، موضحة أن منطقتي ظلم والمويه من المناطق المتدهورة بيئيا وتحدث فيهما عواصف ترابية شديدة على مدار العام، ما يستلزم عمل أحزمة خضراء حولهما لوقف تلك العواصف. ورغم مرور تلك المدة على مطالبة البلدية بإنشاء حزام أخضر يحمي ظلم، إلا أنه لم ينفذ منها شيء إلى الآن، ما أجبر سكان المدينة على التعايش مع العواصف الرملية التي دفنت محالا تجارية ومنازل. العواصف تنقل الأمراض ويجمع سكان ظلم على أن العواصف في ظلم شوهت سمعة المنطقة، سواء من حيث العواصف أو الرمال التي تتراكم في الشوارع وتطمر المنازل والمحال التجارية، ولا يلومون ضعف أداء البلدية والنقل في رفع هذه الرمال، وذلك نتيجة ضعف إمكانياتهما على حد قول الأهالي. ويشير أحمد الغنامي إلى أن وضع ظلم مع الرمال يبرز الحاجة الماسة إلى إنشاء حزام أخضر من الأشجار لحماية المنطقة من آثار العواصف، التي تنقل تأثيراتها السلبية للجميع بمن فيهم المرضى والأطفال. ويتابع الغنامي: كما أن الطرق تشهد حوادث يومية تقريبا، فضلا عن ضرر العواصف على سيارات الأهالي في ظلم. ويؤكد ذيب الرويس أن إمكانيات البلدية والنقل تقف عاجزة أمام العواصف المتكررة يوميا في ظلم، ما يوضح الحاجة لإيجاد حلول جذرية تحد من آثار العواصف، وهذا بحسب الرويس لن يتأتى إلا عبر اعتماد بلدية مستقلة بإمكانيات عالية تخدم المنطقة بالشكل المطلوب، خصوصا أن ظلم تقع على مثلث طرق رئيسة يعبرها المصطافون والحجاج والمعتمرون. ويلفت ناصر القرشي إلى أن استمرار العواصف التي تشهدها ظلم وتأثيرها على الصحة، فضلا عن قلة المياه وعدم توفير بلدية تخدم المنطقة، كان لها تأثير على هجر سكانها إلى مناطق أخرى. المجلس البلدي يتدخل من جانبه، يؤكد عضو المجلس البلدي في المويه منير فيصل العتيبي أن مناطق المويه وظلم تقع في رقعة صحراوية تفتقر للغطاء النباتي، ما جعلها عرضة شبه يومي للرياح المصحوبة بالأتربة. وقال: من حق المواطنين أن يتمتعوا بالحماية الكاملة من هذه الظاهرة، خصوصا أن الحل ميسر وليس مستحيلا، إذ لا يحتاج لأكثر من زراعة أحزمة النباتات حول هذه المناطق. إدراج مشروع لتثبيت الرمال وهنا يشير ل «عكاظ» مدير فرع الزراعة في محافظة الطائف حمود الطويرقي إلى أن فرع الزراعة يعد حاليا تقريرا ودراسة عن وضع العواصف والرمال في مركز ظلم، وعلى ضوء التوصيات التي سيخرج بها التقرير فإن الفرع سيرفعها أولا إلى الوزارة لإدراج مشروع تثبيت الرمال في ظلم ضمن مشاريع وزارة الزراعة لأخذ الموافقة عليه واعتماده والعمل على تنفيذه. استمرار النظافة رغم الصعوبات يقول ل «عكاظ» المتحدث الرسمي في بلدية المويه فهد فيصل العتيبي إن بلدية المويه، ممثلة في مكتبها الفرعي في ظلم، تتابع أعمال النظافة بشكل يومي لإزالة آثار العواصف الترابية رغم الصعوبات التي تواجهها نتيجة كثرة العواصف الترابية التي تشهدها المنطقة. وأشار إلى أن البلدية جندت الآليات وعمال النظافة لمتابعة تنظيف الشوارع الرئيسة والفرعية من آثار العواصف المتكررة والتي تتسبب في تراكم رمال الشوارع، إضافة إلى متابعة عمليات النظافة الأخرى في الأحياء. تكثيف التواجد الأمني ويشير مدير مرور الطائف العقيد عبدالله الشهراني إلى وجود تنسيق مستمر مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وفي حال وصول تقارير عن وجود عواصف تتسبب في انعدام أو تدني مستوى الرؤية يتم التنسيق فورا مع الدوريات والجهات الأمنية لتكثيف التواجد الأمني على الطرقات للحد من الحوادث وتوعية المسافرين وعابري الطرق. الصحة تحذر ويحذر الناطق الإعلامي في مديرية الشؤون الصحية في محافظة الطائف سعيد الزهراني من ارتفاع عدد مراجعي الجهات الصحية في ظلم نتيجة حساسية العيون والأمراض الصدرية من جراء الغبار والعواصف، مشددا على مرضى الربو والأمراض الصدرية ضرورة عدم الخروج في أوقات العواصف والغبار والبقاء في المنازل.