من يعرف الشيخ النبيل عبد المقصود محمد سعيد خوجة، صاحب الخلق العالي، والتواضع الجم، والكرم الحاتمي، والحس الأدبي، والتواصل المعرفي مع كافة أطياف المجتمع، فإنه لن يتفاجأ بأن هذا الطبع الرقيق، والابتسامة المشرقة التي منحها الله وغرسها في أعماق هذا الرجل، هي عنوان حياته، وراحة باله، وقمة عطائه. عرفت هذا الرجل الإنسان بكل معاني الإنسانية، منذ نحو ربع قرن، حيث يتمتع بشخصية فريدة نفتقدها في هذا الزمن، يتعامل بأريحية مع من يعرف ومن لا يعرف، يهب ويجزل العطاء من فضل الله عليه بدون منة، فتح قلبه وبيته، ليل نهار لكل أحبائه، وأصدقائه، من كل الفئات، علماء وشعراء وفنانين، وكتابا، هاشا باشا، وسعادته بدون حدود عندما تجتمع الصفوة كل أسبوع في اثنينيته المعروفة والمشهورة والتي كرم ويكرم خلالها مئات الشخصيات من داخل الوطن وخارجه، كلا في المجال الذي أبدع فيه، مما جعلهم نتاج هذا التكريم وتلك الحفاوة يواصلون إبداعاتهم لشعورهم أن هذا التكريم الأصيل هو تكريم وتقدير لأوطانهم أولا، وثانيا لهم كأعلام. ولعل أعماله ومساهماته الخيرية والأدبية كانت حافزا لي للحرص منذ زمن للتعرف على هذه الشخصية من قرب، وكان أول لقاء لي معه كان عندما عاد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان من رحلته التاريخية «للفضاء» حيث أقام له حفل تكريم ضمن اثنينيته المشهورة، بعد ذلك توطدت العلاقة الشخصية معه وأبنائه واستمرت اللقاءات، وتبادل الزيارات فيما بيننا وأحرص بين فترة وأخرى في مشاركته في احتفائيته الأسبوعية، كذلك تناول الإفطار العائلي في يوم من أيام شهر رمضان المبارك، وعرفت خلالها أبناءه وأحفاده، ولأنه يسأل ويتصل بوفاء المحب، فإنني كنت لا أجد طعما لأية زيارة إلى جدة إلا وتكون زيارته ضمن برنامجي. هذا الرجل النبيل عشنا معه خلال الأيام الماضية لحظة حزن لفقدانه لأعز وأقرب أبنائه إلى قلبه، ابننا جميعا، الابن العزيز (إباء)، وهذه إرادة الله سبحانه وتعالى ولا راد لقضائه، هذا الشاب الحبيب القريب إلى القلب، كانت له مكانة خاصة في قلوب والديه ومحبيه وكل من عرفه، ماذا عساني أن أقول وأردد وأتحدث عن إباء هذا الشاب الخلوق، الجسور، المحب لكل الناس، واليد اليمنى في كل حياته، لوالده المكلوم. كان إباء شابا وديعا، ذا إطلالة مشرقة، كما والده، دائما، اكتسب من والده طباعه، وأخلاقه، وحسن الأداء والمثابرة في العمل، ذكي بفطرته، يحاول ويسعى أن يكون لكل الناس ومع الناس، وكنت أتواصل معه هاتفيا بين فترة وأخرى، آخرها قبل وفاته بنحو عشرة أيام، مكالمة كانت كعادته تقطر ودا ومحبه، وتكراره للسؤال كما والده «متى جاي جدة» و«حاضر ياعمي» يالها من تربية، ووفاء، وأخلاق عاليه تربى ونشأ عليها الإباء ليس معي لوحدي وإنما مع كل أصدقاء والده، ترى في هدوئه الحكمة وحسن التصرف، لا تسمع منه كلمة هذا صعب أو غير ممكن حتى لو كان في آخر العالم، إباء وأبوه يحتاجان مني ومن كل من عرفه إلى صفحات، كما صفحاته وصفحات والده البيضاء. أخيرا العزاء الحار إلى والديه وإخوانه وأخواته وأسرته وكافة آل خوجة وإلى كل محبي آل خوجة، والدعاء ل (إباء) بالمغفرة والرحمة، وأن يلهم والديه الصبر. عبد الله بن محمد آل الشيخ