مفردة الوداع لا يعرفها إلاّ من ذاق مرارة فقدان عزيز عليه مهما كانت صلة القرابة بينهما ابنا أوصديقا أو من نشأت بينهما علاقة حميمية وارتباطا روحيا في شتى مناحي الحياة التربوية والثقافية والفكرية وقس على ذلك قائمة تتجاوز حدود المدى البعيد والقريب فما بالك إن كانت تلك العلاقة ممزوجة بإنسانية ووفاء الرجال ونبوغ الشباب ونماء الفكر هذا ما جادت به قريحة التربوي القدير وأستاذ الأجيال حسين عاتق الغريبي في مرثيته التي نُشرت في هذه الجريدة يوم أمس الأول وفي آخر تحية صباحية للشاب النبيل " إباء " فمن خلال قراءتي لنص المرثية عدة مرات انتابني الكثير من علامات التأثر وهي طبيعة الإنسان حينما تخالجه مشاعره نحو الآخرين حتى وإن كانت العلاقة بينه وبينهم تلك العلاقة العادية إلاّ أنها تجسد واقع الإنسان ذاته وتواصله مع مجتمعه فبيت الشيخ عبدالمقصود محمد سعيد خوجه غني عن التعريف بيت اعتاد على الكرم والثقافة وتربى أبناؤه على الأدب وحسن التعامل لابد أن يجد هذا الاهتمام وهذا التقدير فالجموع التي حضرت من كل مكان لتقدم واجب العزاء ومنهم من جاء على عربه متحركة إما لكبر سنة أو لمرضه من مختلف شرائح المجتمع السعودي والعربي جاءوا يشاركون عميد أسرة آل خوجه مصابهم الجلل في فقيدهم الشاب الخلوق " إباء الكرم والأصالة " رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته ومن عرفه وتعامل مع أدبياته الصبر والسلوان. وأقف مُجَددا مع نص الأديب القدير الأستاذ الغريبي الذي وجدته متأثرا وكأنه فقد إبنا من أبنائه ولاشك أنه كذلك كأحد الرموز التربوية التي أثرت الميدان التربوي بهذه المثالية المتناهية إضافة لعشرة السنوات الطويلة برفقة رجل الثقافة ومدادها الذي َقدَّم ثقافتنا السعودية في أروع وأجمل الصور من خلال إثنينيته الشهيرة التي لم تقتصر على الواقع المحلي وإنما تجاوزت للعالمية باستضافته العديد من الوجيه الثقافية ذات الصدى المحلي والعربي والإسلامي والعالمي فله منا صادق الدعاء أن يمنَّ عليه بالمزيد من الثبات والصبر في مصابه الجلل وأن يعوضه خيرا وأن يحتسب أجره عند الله ويقف قلمي عاجزا أمام هذا المشهد وما رأته عيني أثناء تقديم واجب العزاء في وصف مشاعر من حضر مشاركا ومتأثرا بفقيد أسرة آل خوجه وهو في يرعان شبابه وزهوة نبتته وكل الصفات التي تليق بمكانة الفقيد كما وصفه الأديب الأستاذ الغريبي بكلمات أصدق ما قيل في الرثاء وألم الفراق.