هل كان يمكن للتاريخ المعاصر أن يتغير لو أتيح للزعيم النازي الألماني، أدولف هتلر، أن يلتحق بأكاديمية الفنون الجميلة؟. ولو كان قد التحق بها وتخرج فيها، فهل كان سيدخل معترك السياسة ويصبح زعيم ألمانيا ويقودها إلى حرب أكلت الأخضر واليابس وذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشر؟، ربما. وعلى الأرجح لن يمكن لأحد أن يجيب على هذا السؤال الآن، بعد أن أصبحت «عظامه مكاحل» كما يقول العرب. تعتزم دار مزادات بريطانية أن تبيع رسوما أولية (سكتشات)، اكتشفت حديثا، كان هتلر قد رسمها عندما كان يكافح بكل معنى الكلمة للالتحاق بكلية الفنون. وتغطي الاسكتشات المرسومة بأقلام الرصاص والفحم مواضيع تقليدية للطلاب، ولا تعكس موهبة كبيرة كما تقول دار المزادات (مولاوك). وتتضمن اللوحات الاسكتشات ال12 التي عثر عليها أخيرا، رسمين لامرأة عجوز يعتقد أنها والدة هتلر، بالإضافة إلى رسومات لأشياء وأخرى للطبيعة وعارضين، وواحدة لروماني عضو في مجلس الشيوخ. وجميع الاسكتشات موقعة باسم هتلر، بينما يحتوي بعضها على عنوان هتلر البريدي في فيينا، بحسب ما أشارت دار مولاوك للمزادات. وقال عميد كلية الفنون في جامعة بريستول الإنجليزية، مايكل ليفرسيدج: «تبدو الاسكتشات نموذجية بالنسبة لطالب ملهم يطمح بالالتحاق بأكاديمية الفنون، لكنها تخلو من منظور محدد عندما يستخدم قلمي الرصاص والحبر في رسوماته، ما يجعله يرتكب أخطاء في رسوماته». وأشار ليفرسيدج إلى أن الاسكتشات تفتقر إلى الموهبة المبدعة، كما أنها لا تتعدى موهبة طالب في المرحلة المتوسطة، مضيفا أنه على الأرجح: «لو كان الفنان في كلية الفنون في وقتنا الحالي، فإنك لن تشجعه على الاستمرار بدراسة الفن». ومن المنتظر أن تحقق الاسكتشات، التي كانت بحوزة فنان محترف احتفظ بها طوال السنوات الماضية لاهتماماته الشخصية بها، ما بين ستة وتسعة آلاف دولار أمريكي للوحة الواحدة، بحسب دار (مولاوك) للمزادات. ويعود تاريخ رسم هذه الاسكتشات إلى الفترة ما بين 1908 و1909؛ وهي الفترة التي كان فيها هتلر المفلس يحاول الالتحاق بأكاديمية فيينا للفنون الجميلة، الراقية؛ بهدف أن يصبح رساما محترفا، غير أن الأكاديمية رفضته مرتين، لذلك ظل هتلر في فيينا محاولا بيع رسومه الملونة للسياح. ويقول ريتشارد ويستوود بروكس، خبير تأريخ الوثائق في دار مولاوك للمزادات: إن رفض الأكاديمية لهتلر ربما كانت سببا في (العقد الكبيرة) التي أصيب بها هتلر في وقت لاحق من حياته. وأضاف ويستوود بروكس إن «كثيرين يعتقدون أن هذا الرفض من قبل الأكاديمية هو السبب في تحول أفكاره وإخراج الوحش الذي بداخله، وبالتالي إخراج كل هذه الشرور إلى العالم».