بديهيا أن تبدأ قراءة الكتاب من الصفحة الأولى، وهي القاعدة في القراءة بشكل عام، لكنها قاعدة ذات استثناء، فهناك من قراء الصحف من يبدأون من الخلف، أي من الصفحة الأخيرة، وهي عادة تولدت لدى البعض منذ الصغر، وربما يكون أحد أهم أسبابها إكتظاظ الصفحة الأولى بالأخبار الرسمية المكرورة والأخبار السياسية وأخبار الحروب والقتل وغيرها، وهو ما يتجنب قراءته البعض ولو كان ذلك على حساب التراتبية والمنطق. وبين شريحة قراء الصحف العريضة من يكتفي بتصفح عناوين الصفحة الأولى، ثم يتحول تلقائيا إلى الصفحة الأخيرة ليجد فيها من الأخبار الغريبة والمشوقة ما يجعله يبدأ القراءة التفصيلية والتمعن. ومن هذه الصفحة ينطلق لقراءة بقية الصفحات دون ترتيب، والنسبة الأعلى من هؤلاء هم من متابعي الأخبار الرياضية والفنية التي يكون موقعها عادة في الصفحات الأخيرة من الصحيفة، بحيث يبدأون بالأخيرة ليجدوا أنفسهم أقرب إلى ما يهمهم من أخبار الرياضة والفن. «عكاظ» استطلعت آراء ووجهات نظر قراء حول هذا السلوك، ويقول هادي أحمد غازي: إن قراءة الصحيفة من الخلف عادة لازمته دون شعور،«أجد نفسي وبلا وعي أتصفح الصحيفة من الصفحة الأخيرة، أبدا بقراءة المواد الخفيفة وبعدها أعود للبداية لمطالعة ملخصات المواضيع التي استعرضت ملخصاتها في الأولى، ولا اهتم ببقية المواضيع الأخرى». وتؤكد القارئة آمنة خزام أنها تبحث من خلال قراءاتها للصحف عن الموضوعات المشوقة في الصفحة الأخيرة، «أبحث عن الرسم الكاريكاتوري الذي يحمل مضمونا جيدا والأخبار المنوعة والخفيفة، لذلك أبدأ من الخلف». ولا يعرف عمر صيقل السبب الحقيقي لممارسة هذا السلوك، يقول «ربما لأنني أشول، ويسري ذلك على قراءة الكتب أيضا، أحرص على أن أقرأ فهارس الكتب ومصادرها قبل الشروع في قراءة الكتاب من الصفحة الأولى». ويشير موفق الحمدان إلى أن الصفحة الأخيرة مكملة للصفحة الأولى في الصحف، ولا بد أن تجاريها في المحتوى،«الاختلاف بينها يكمن في أن الصفحة الأخيرة تحتوي على صور وتعليقات وأخبار خفيفة غير مملة وهو ما يجعل القراء يبدأون بها قبل الدخول في تفاصيل الصفحات الأخرى»، فيما يعتقد عمر باصرة أن هناك عوامل نفسية تدخل بالفعل في هذا الجانب، وقد يكون للأخبار المفجعة على صدر الصفحة الأولى دور في ترسيخ هذه الحالة لدى البعض، وكرس ذلك بشكل أكبر اهتمام المطبوعات بالصفحات الأخيرة سواء بالنسبة للمحتوى أو طريقة العرض أو الإخراج. أما سمير زيلعي فيقول «قراءة الصحيفة من الخلف أسهل، خاصة كلما صغر حجمها، إضافة إلى أن كثيرا من الصحف تضع الصفحات الرياضية في أواخر صفحات الصحيفة لذلك يقبل الشباب على مطالعة الصحف من الخلف لقربها من الصفحات الرياضية التي يفضلونها عن باقي الصفحات، فيما يؤكد عبد القادر طبيقي أن تميز الصفحات الأخيرة في بعض الصحف يجعل منها صفحة جاذبة، لكنه يرى أن الطبيعي أن تبدأ القراءة من الصفحة الأولى».