هذه الكلمة «أخيراً»، هي التي قالها الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وتداولتها وسائل الإعلام ومنصات التواصل بسبب التلقائية والبساطة والحميمية في طريقة الرئيس عون عندما قالها، وأيضاً بسبب الدلالات الكثيرة التي تحملها والرمزية التي تختصر المعاني المتعددة للغرض من قولها. نعم، أخيراً أصبح للبنان رئيس بعد فراغ طويل، ظهرت بشائر عهده منذ خطاب تنصيبه الذي كان وطنياً لبنانياً عربياً بامتياز، يمثل خارطة طريق للتعامل مع المشاكل المتراكمة والمتشعبة التي أثقلت كاهل لبنان وعرّضته لمتاعب ومخاطر تفوق طاقته على احتمالها. ونعم، أخيراً يزور مسؤول سعودي بهذا المستوى لبنان بعد حوالى 15 عاماً، كان خلالها رهينة حزب يعبث بمجريات الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية فيه، أبعده عن محيطه العربي، وقامر بمقدراته وشعبه وأرضه، وفرض عليه تركيبة حكم تخضع لمشيئته وأجندته المفرغة من الوطنية والانتماء، جاراها المنتفعون على حساب وطنهم، وخلت من الوطنيين المخلصين الذين كانت التصفية مصير الكثير منهم. ورغم كل ما حدث في لبنان لم تتوقف المملكة يوماً عن مساندته بالنصيحة والرأي والمشورة والدعم بمختلف أشكاله، لكنه في فترة من الفترات أصبح حالة مستعصية، لا يوجد فيه من يملك قراراً وطنياً ينتشله، ثم دخل في حالة فراغ بسبب الشغور الرئاسي الذي طال بسبب مناكفات المحاصصة وتعطيل التوافق على انتخاب رئيس. ولكن عندما استجد واقع جديد في المنطقة ولاحت فرصة استعادة لبنان لاستقراره وضعت المملكة ثقلها من أجل تحقيق هذه الفرصة، ولعبت دوراً جوهرياً لتحقيق التوافق على شخصية وطنية تحظى بالاحترام وتتميز بالإرادة على إنهاء مرحلة بائسة وبدء مستقبل يليق بلبنان. نعم، أخيراً استجد واقع جديد يبشر بالخير في لبنان إذا استثمره اللبنانيون بالطريقة الصحيحة. سوف يعود العرب إلى لبنان عندما يعود لبنان إلى منظومتهم بعد اغتراب قسري طويل، أراد من فرضوه تجيير لبنان إلى الغرباء الذين لم يحصد منهم غير الشر المستطير.