الإطاحة أخيرا بأخطر عصابات ترويج العرق «المسكر» في منطقة مكةالمكرمة خلال العامين الماضيين، خبر يعكس ما تمثله بعض العمالة الوافدة، لاسيما المخالفة منها لنظام العمل والإقامة من مخاطر على أمن المجتمع بترويجها السموم من ناحية، ولما تبذله الجهات الأمنية من جهود في تعقب وملاحقة هؤلاء المخالفين ومداهمة أوكارهم التي تتفرخ منها مختلف أنواع الجرائم من ناحية ثانية. اتخذت العصابة من منطقة استراحات أقصى شرقي جدة، موقعا لأضخم مصانع الخمر التي كشف عنها رجال الأمن في المحافظة، حيث كشفت قوة أمن المهمات والواجبات الخاصة في شرطة منطقة مكةالمكرمة عن موقع المصنع الذي يعتبر مقرا للتوزيع (بالجملة) على البائعين، رغم امتيازه بالبعد عن الأنظار وإحاطته بالظلام الدامس، وهو الأمر الذي شكل غطاء مهما للتصنيع والترويج. تعود التفاصيل خلال عملية القبض على مروج أفريقي كان يبدو بتحركات مشكوك فيها لسيارة عائلية، بداخلها وافد أسمر البشرة يسلم عددا من الأشخاص عبوات تبدو في الظاهر على أنها مياه صحية، غير أن تحركات الوافد، من خلال مراقبته للسيارات والمارة، وضعه موضع الشبهة، ليتم رصده ومتابعته. في هذه الأثناء، وبعد تفريغ حمولته، توجه مروج الخمر نحو أحياء شرقي جدة، متجاوزا أحياء السامر والأجواد، حتى وصل منطقة استراحات تبعد عنها أكثر من 20 كيلو مترا، ليوقف سيارته أمام مدخل استراحة ليس بجوارها أي مسكن. وهنا، رفع رجال قوة أمن المهمات تقريرا أوليا عن تحركات المشتبه به، متضمنا الشكوك حول ترويجه الخمور، ما دعا لوضع رقابة على الموقع، فترة من الوقت، حيث تأكد لفريق المراقبة شبهة صناعة وترويج الخمر، والذي طالب على الفور بإيفاد فريق مساندة لتطويق الموقع بالكامل. وما إن رصدت القوة الأمنية خروج الوافد بصحبة شخص آخر في الأربعينيات من عمره ، وعمدا لتحميل نفس عبوات المياه السابقة، وبمجرد أن انتهت عملية التحميل، صعدت امرأة مع قائد المركبة وجلست في المقعد الخلفي، وعند تحرك السيارة المحملة بالخمور تابعها رجال القوة، وجرى إيقافها في أحد المواقع، وبالاستفسار عن الأوراق النظامية، تبين أن المقيم من جنسية تشادية، والمرأة التي معه أثيوبية، ولم يكن يربطهما أي رابط شرعي، إذ كان يزعم السائق بأنها خادمة تعمل لدى كفيله ويرغب في إيصالها . وأمام مشهد رجال الأمن ارتبكت المرأة بشكل زاد من الشكوك، ما جعل رجال الأمن يفتشون المركبة وتبين وجود عبوات كثيرة من المياه الصحية مليئة بالعرق المسكر. وفيما حاول قائد المركبة إنكار علاقته بما في داخل السيارة، صرخت المرأة في وجهه أمام رجال الأمن بأنه مروج خطر للخمور ويملك مصنعا يضم بداخله 83 برميلا تنتج أكثر من 400 عبوة يوميا، ويتولى توزيعها بواسطة ثلاث مركبات عائلية، مظللة مع شريكه سعودي . وأشارت المرأة التي أنهارت أمام رجال الأمن، إلى أن المروج كان يجبرها على الركوب معه في السيارة لإبعاد الشبهات عنه، فيما هو يوزع كميات الخمر المخبأة داخل حقيبة المركبة على زبائن معينين في عدد من الأحياء . واعترفت المرأة بأنها لا تملك إقامة نظامية، وقادت رجال الأمن إلى موقع المصنع، مؤكدة وجود امرأة أخرى من جنسيتها ومعها المواطن السعودي، يعملان على تعبئة كميات أخرى بهدف توزيعها. وفيما تتابع المرأة الأثيوبية اعترافاتها، لم يكن أمام المروج سوى إظهار تعاونه أمام رجال الأمن، حيث ذهب بهم إلى الاستراحة، التي قال إنه يعمل فيها منذ فترة طويلة، وهو من أجرى تمديدات السباكة التي أوصلها بنفسه نحو براميل المسكر، كما أجرى تقسيم الاستراحة إلى غرف، حيث خصص ثلاث غرف لوضع 83 برميلا من المسكر سعة كل واحد منها 250 لترا. وخصص المروج التشادي إحدى صالات الاستراحة لتكون مستودعا للمسكر، فيما هيأ غرفة لأجهزة التقطير والتبخير، وغرفة لتعبئة المسكر في عبوات المياه، مؤكدا أنه كان ينزع الغطاء ويصب المياه منها ويضع بدلا عنها المسكر ويعيد الغطاء إلى ما كان عليه وهو ما يبعد عنه الشبهات. وطوق رجال قوة أمن المهمات، مصنع الخمر، قبل أن يحاول شريك المروج السعودي ، الهرب مع المرأة الأثيوبية الأخرى، حيث ضبطا وهما يملآن الخمر في عبوات الماء . بناية سكنية لتصنيع الخمر وكشفت الدوريات الأمنية في محافظة جدة مصنعا لإنتاج العرق المسكر ، جهزته عصابة آسيوية في حي السليمانية فوق سطح بناية سكنية دون علم مالكها ووجد أن وكر التصنيع جهز ببراميل التخمير وأجهزة التسخين والتقطير، فيما حولت غرف المنزل إلى مستودعات لتجميع العرق المسكر . أيضا قادت الرقابة الصارمة على رجل آسيوي تحت جسر الستين وسط جدة إلى كشف مصنع عرق سري في حي السبيل. مصنع متكامل في الرياض في مداهمة أخرى لمنزل شرق العاصمة الرياض، عثر في داخله على مصنع متكامل لإنتاج الخمور وضبطت فيه كميات كبيرة من المشروبات الكحولية، إضافة إلى شحنة في طريقها إلى التسليم قدرت قيمتها بنحو 15 ألف ريال، فيما كان المنزل الذي تمت مداهمته مستأجرا من مواطن ب 70 ألف ريال سنويا، ويتولى المستأجر عملية إدارة التسويق في حين تتولى مجموعة من الأفارقة تصنيع الخمور . وكشفت المداهمة عن استخدام بعض الآليات في عملية تصنيع بقايا الفواكه والأغذية، إضافة إلى العثور على فئران ميتة في براميل التخمير بهدف تسريع عملية إنتاج الخمر إلى جانب استخدام مياه ملوثة من الصرف الصحي ومواد كيميائية يحظر استعمالها. مروجو المسكر في مركز القوز، التابع لمحافظة القنفذة ألقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القبض على أشهر مروجي المسكر في محافظة القنفذة وتم ضبط 83 عبوة عرق في منزله حجم العبوة لتر ونصف اللتر كان يروجها على الوافدين الذين يقطنون في المزارع والأوكار المهجورة بمبالغ تتراوح ما بين 50 ريالا للعبوة من الحجم الصغير و 100ريال للعبوة من الحجم الكبير. مصنع في حفر الباطن في محافظة حفر الباطن كشف عن مصنع للمسكر، بعد أن طلب أحد المواطنين، من عامل عن رغبته في استئجار المنزل، إذ لم يعط ردا له، وأطلق على الفور، ساقيه للريح، الأمر الذي أدخل المواطن في شكوك، ما دفعه إلى التحري ليجد أن المكان مليء بالبراميل وعبوات المسكر، فلم يتردد في إبلاغ الدوريات الأمنية التي نجحت في التوصل إلى الهارب و أحد رفاقه . دوريات سرية إلى ذلك قال المتحدث في شرطة منطقة مكةالمكرمة العقيد مسفر الجعيد، إن الجهات الأمنية ممثلة في أمن المهمات والواجبات الخاصة في شرطة منطقة مكةالمكرمة تلعب دورا بارزا في مكافحة الخمور والمخدرات والممنوعات عموما، مشيرا إلى أن هناك دوريات سرية تتابع المواقع المشبوهة، التي يتواجد بها مروجون أو مصنعون للخمر ، «لدينا عمليات ضبط شبه أسبوعية ومداهمات على مدار الساعة لملاحقة أوكار الخمور، وذلك بمتابعة من مدير شرطة منطقة مكةالمكرمة»، مبينا أن دور المواطن في هذا الجانب يتمثل في الإبلاغ عن أي أماكن مشبوهة، إضافة إلى أصحاب العقارات الذين يجب عليهم التأكد من المستأجرين والتأكد من نظاميتهم وإقاماتهم عند تسكينهم، موضحا أن هناك رقما يمكن الإبلاغ عن طريقه وهو 6425550. وحول جنسيات العاملين في تجارة وصناعة الخمور قال العقيد الجعيد:إن العمالة التي تعمل في هذه المصانع وتتاجر في الخمور من جنسيات مختلفة، والفساد عموما لا يرتبط أبدا بجنسية معينة. يبحثون عن الثراء طالب عميد معهد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الدكتور عمر فلاتة ، بإقامة الحد الشرعي بحق من يروج ويصنع الخمور، وفرض عقوبة مالية كونهم يفسدون في الأرض. وقال الدكتور فلاتة، إنه قد زاد عمل هذه المنكرات في الفترة الأخيرة، وأصبح من الضروري صدور نظام يوقف هؤلاء عن التمادي في ارتكاب المعاصي، لأن هؤلاء العمالة الذي يديرون ويصنعون الخمر لم يأتوا إلى هذه الديار إلا من أجل نشر هذا النوع من الفساد، ويضعون في اعتبارهم قبل الوصول إلى المملكة نوع العمل الذي سيزاولونه وهو تصنيع المسكرات، إذ يتعلمون بعض فنيات التخمير والأدوات البسيطة التي يمكن أن تساعد في ذلك، ساعين باتجاه تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، إلى جانب أنهم وجدوا المكان المناسب بكل يسر وسهولة دون متابعة من أصحاب العقارات، و استغلوا أثناء عملية الترويج بين أوساط المجتمع الجهل الكبير وعدم المعرفة من مغبة الوقوع في الكبائر ، من خلال شرب الخمر الذي أتمنى التصدي له بشكل كبير، ولن يتم ذلك إلا بتضافر الجميع. أضرار الخمر أما أضرار الخمور كما يوضحها استشاري وأستاذ الباطنية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، الدكتور محمد الحضرامي، فتتركز في التسبب في أمراض تليف الكبد، وحدوث الخرف وإتلاف الخلايا الدماغية، والتهاب الأعصاب الطرفية، والتهاب المعدة، و الفشل الكلوي، فضلا عن وقوع حوادث السيارات التي تحدث بسبب القيادة تحث تأثير المسكر، وذلك نتيجة إدخال مواد كيميائية بالغة الخطورة على الإنسان وهذه المواد غير مرخصة للاستعمال من ناحية التغذية ولها أضرار حين استعمالها. و أشار الحضرامي، إلى محاضرة ألقيت قبل عدة أعوام، لرئيس الكلية الملكية البريطانية ، في اجتماع يخص أمراض الباطنية ، تحت عنوان «الخمر.. هل نتحمل تبعاته» ركزت على مشاكل الخمر وشربه والأضرار الناتجة عنه، واعتبارها استنزافا لميزانية وزارة الصحة والتي يمكن استغلالها في علاج الأمراض المستعصية.