ما زال باقر علي الغزال وهو في السبعينيات من عمره متشبثاً ببيع الأواني الفخارية والخوص في سوق الأحساء القديم، وهي واحدة من المهن المهددة بالانقراض، غير أنه توارثها عن أبيه وظل يعمل فيها منذ أكثر من 50 عاماً. بدأ الغزال في مزاولة المهنة في سن الثالثة عشرة، حيث كان يعمل مع والده قبل أن يتحول المحل الذي كان وقتها مخصصا لبيع بعض الأشياء البسيطة المصنوعة من الخوص، كالسفر، المهفات، الحصير، المناسف، فيما يعمل الآن على تطويره ببيع بعض أنواع البذور، الرز الحساوي، العطارة كحبة البركة، الحلبة، والرشاد، إضافة للأدوات الفخارية، الأقفاص، مراجيح الأطفال التي تصنع من الجريد، في حين يستورد بعضها من خارج المملكة، مثل الديرم أو ما يسمى ب «أحمر الشفاه» من الهند، حيث ينبت هناك ويجد إقبالا من كبيرات السن. يقول باقر: رغم تدني مبيعات المحل في الأعوام الأخيرة، بسبب ضعف الإقبال على ما نعرضه، ألا أنني لن أتركها، فهذه المهنة تعني لي الشيء الكثير، بل أحاول تعليمها لأبنائي، إلا أنهم مفضلون أي مهنة أخرى توفر لهم دخلا أكبر. عن الذكريات التي مرت عليه في هذه المهنة، يتذكر: لن أنسى ذلك اليوم الذي أبلغني فيه أحد الجيران عن حريق في المحل، وحينما وصلت وجدت كل شيء بداخله قد تحول إلى رماد. وعن أكثر النوعيات التي تجد إقبالا من الزبائن، يشير إلى أن الأواني المصنوعة من الخوص والمستوردة من الباكستان تجد إقبالا أفضل، لانخفاض أسعارها مقارنة بالمحلي، ولأن أغلب زبائنها لا يهتمون بالجودة، مؤكدا أن بعض المنتوجات المحلية قلت جودتها عن السابق بسبب ضعف الإهتمام بها. في مكان ليس ببعيد في نفس السوق، يجلس محمد الحسن وهو في السادسة والسبعين من عمره في دكان صغير مخصص لبيع المنتجات الخوصية والليفية منتظراً الزبائن. يقول الحسن: أعمل في هذا المحل منذ نحو 60 عاما، وقد ورثت هذا الدكان من والدي، إلا أن الزمن قد تغير وقل الإقبال على ما لدينا من المنتجات، فأصبحنا لا نستطيع أن نغطي إيجار الدكان والكهرباء، مضيفاً أن ما يبقيه هو عدم وجود أي بديل آخر، فهو شخص وحيد ليس له أولاد وزوجته توفيت منذ خمسة أعوام، مؤكدا أنه سوف يبقى فيه ما دام على قيد الحياة على الأقل للتسلية، فيومه يقضيه في هذا الدكان ولا يفارقه، ألا عند ذهابه للراحة أو النوم. عن أعز الذكريات يقول: هذا الدكان الصغير وفر لي مهر زوجتي رحمها الله ، ومن الذكريات الحزينة عندما حضرت ذات مرة إلى المحل، فوجدت ما بداخله قد تعرض للسرقة.