دراسة غريبة في نظر الكثيرين، نشرها الموقع الإلكتروني لجلسات الأكاديمية القومية للعلوم في أمريكا، مفادها أن الطلاق يشكل خطرا بالغا على البيئة، أو على الأقل يؤثر بشكل سلبي عليها. يقول جيانجو ليو الباحث في علوم البيئة في جامعة ميتشجان الأمريكية: «إن الأسر المتحدة تستخدم عادة مواردها بصورة أكثر دقة وفاعلية من الأسر المفككة». فوجود العديد من الأسر يعني ببساطة استهلاك أكثر للأراضي والمياه والطاقة، كما أن الأسر ذات العدد القليل من الأفراد لا تكون اقتصادية في استهلاكها على عكس ما يرى البعض أكثر من الأسر الكبيرة، فالأسرة كبيرة أو صغيرة تستهلك نفس كمية الطاقة أو التدفئة أو التكييف أو الثلاجة، نفس القدر من الطاقة للأسرة ذات الفرد الواحد، هو للأسرة ذات الفردين مثلا، وعليه، فإن استهلاك زوجين يعيشان منفصلين بدلا من العيش معا في بيت واحد، يضاعف استهلاك الموارد الثلاثة التي ذكرتها آنفا، الأرض (السكن) والمياه والطاقة، فكلاهما سيحتاج إلى سكن وجهاز تكييف وسيارة وثلاجة وغسالة وغيرها من الأجهزة الضرورية. ولا يمكن لنا الاستهانة بنتائج هذه الدراسة، (فالمحصلات التراكمية لانفصال زوجين يعيش كل منهما بعيدا عن الآخر، مثيرة بحق، إذ أورد الباحث جيانجو ليو إحصائيات لعام 2005م تشير إلى وجود ما يقرب من 16 مليون ونصف المليون أسرة أمريكية منفصلة، في مقابل 60 مليون أسرة موحدة، ومن البدهي أن ما ينفقه الشخص الواحد في الأسرة المنفصلة شهريا أكثر مما ينفقه الشخص ذاته في الأسرة الموحدة، في مجال الكهرباء مثلا. ولتأكيد ما ذهب إليه الباحث الأمريكي، قدم لنا عملية حسابية بسيطة ذكر فيها إنفاق 6.9 مليار دولار إضافية سنويا في مجال الكهرباء، بالإضافة إلى 3.6 مليار دولار إنفاق في مجال المياه، هذا فيما يتعلق بالولايات المتحدة وحدها، وقد طبق الباحث ليو دراسته على إحدى عشرة دولة في مختلف قارات العالم. ومن الآثار السلبية الأخرى للطلاق، أو الانفصال الأسري، على البيئة، والتي توصل إليها الباحث في دراسته، تزايد عدد المنازل في المناطق قليلة السكان، وذلك بسبب الطلاق أولا، بالإضافة إلى التحولات الديموجرافية الأخرى مثل: تأخر الزواج لفترات أطول، والانتقال إلى منازل أخرى مع زواج الأبناء. ولا يخفى علينا وعلى كل متابع ومهتم بمشاكل البيئة من احتباس حراري وتغيرات مناخية تهدد هذا الكوكب، ما يسببه استهلاك الطاقة من جانب، وتناقص المساحات الخضراء من جانب ثان، والانبعاثات الحرارية نتيجة استخدامات الوسائل الحديثة كأجهزة التكييف والثلاجات والسيارات ونحوها في تلك المشاكل البيئية المستعصية. بالطبع، هذا ينبه الغافلين منا إلى معالجة ديننا لقضية الطلاق والانفصال الأسرى، وكيف أنه جعل الطلاق كحل أخير حين تعجز جميع الأطراف عن إصلاح ذات البين بين الزوجين. كما تجعل هذه الدراسة أولئك الذين يمارسون حقهم في الطلاق دون تفكير وروية، يعيدون النظر في سلوكياتهم، إن لم يكن تقديرا للزوجة وعشرتها، وخوفا على الأبناء من التشتت وعدم الاستقرار، فعلى الأقل لتقليل الخطر الداهم الذي ينتظر البشرية على هذا الكوكب من سوء سلوكيات ابن آدم، ونسأل الله السلامة. dr@dr rasheed.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة