كشف وكيل جامعة أم القرى للأعمال والإبداع المعرفي الدكتور بكري عساس أنه لن يتم تجديد عقود أعضاء هيئة التدريس في الجامعة نهاية كل عام، ما لم يكن الراغب في التجديد قد قدم بحث أكاديميا نشر في إحدى المجلات العلمية المعتمدة عالميا. وأكد الدكتور عساس في حوار مع «عكاظ» أن الإجراء الذي سيطبق سيشمل كافة أعضاء هيئة التدريس «ستتخذ الجامعة إجراءات صارمة في تقييم أعضاء هيئة التدريس وستؤثر نتائج التقييم على المستوى الأكاديمي من خلال منح مراتب عليا للملتزمين بإعداد البحوث ونشرها في المجلات العلمية، مع الإبقاء على غير الملتزمين دون رفع مستوياتهم الوظيفية». إلى تفاصيل الحوار: • أصبحت وكيلا لجامعة أم القرى للأعمال والإبداع المعرفي، ماذا ستقدم لطالبات وطلاب الجامعة؟ أولا دعني أبين أن التعليم أصبح مختلفا في طريقته وأدواته عن ذي قبل، وبات يعتمد على البحث عن المعلومة دون انتظار تلقيها من عضو هيئة التدريس، وهناك أسلوب جديد للتعليم الذاتي، والإبداع ينتج عن الشخص ذاته في ضوء المعلومات المتوافرة لديه، والإبداع والمعرفة أضحت مقترنة بكافة الأعمال فهناك الاقتصاد المعرفي، والاستثمار البشري المعرفي، حتى أصبحت المعرفة عاملا رئيسيا في قياس قوة الدول وما تتمتع به من مكنون معرفي، وطغت على القوة العسكرية التي كانت مقياسا لقوة الدول في حقبة مضت. وبالنسبة للطالبات والطلاب فإن لدى الجامعة توجها قويا لتحديد المبدعات والمبدعين فيها ومن ثم تحفيزهم، فلدينا كثر يحتاجون إلى التشجيع ونهدف إلى تحفيز كل من يملك موهبة تمكنه من تحقيق إنجاز على مستواه الشخصي وعلى مستوى الجامعة. • هل لنا بمعرفة تفاصيل هذا التوجه؟ بدأنا تطبيق خطة تهدف إلى التنقيب عن المبدعات والمبدعين في كليات وأقسام جامعة أم القرى، ونحن بصدد مخاطبة كافة عميدات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام لمعرفة الخطط والبرامج التي تشجع الطالبات والطلاب على التميز وتشجع على الإبداع، وسنطالبهم بحصر الجميع على أساس وضع برامج من خلالها يتم صقل مواهبهم، وسنصل لمراحل متقدمة تكون فيها الشركات هي من تبحث عن خريج الجامعة لإبداعه وتميزه، كما أننا في خطتنا نحو الإبداع المعرفي نركز على مخرجات الجامعة لتصبح على مستوى عال من التدريب والكفاءة والتأهيل، وسنقضي على الواسطة لمنع دخول الخائبين إلى المقاعد الدراسية في الجامعة، وسترون المبدعات والمبدعين في جامعة أم القرى في القريب العاجل، وستتنوع وسائل التحفيز وسيتم ابتعاثهم للدراسة في مختلف التخصصات في الجامعات العالمية، كما أنهم يحتاجون للدعم والمساندة ليتمكنوا من إظهار كل ما هو مميز. وأعد جميع الطالبات والطلاب بدعم لا محدود في إبداعهم وتميزهم لمن أراد التميز. • كيف سيتم اكتشاف الموهوبين، وما هي الشرائح التي سيتم استهدافها؟ نحن نعلم أن قياس الإبداع لا يمكن أن يتم بالمسطرة ولكن نوعية ما يقدمونه من نتائج في تحصيلهم الدراسي وعلى مستوى براءة الاختراع لكل واحد منهم، كما أن الإبداع يمكن اكتشافه من خلال قياس مستوى التفكير لدى الطالب أو الطالبة وطريقة التحليل وليس بالضرورة أن يكون المبدع هو الحاصل على المركز الأول في دفعته. ونستهدف في خطتنا لاكتشاف المبدعين كل الشرائح التي تقع تحت مظلة الجامعة، ولا يكفي أن يكون مدير جامعة أم القرى لديه تطوير بمفرده يمكن من خلال رؤيته أن تتطور الجامعة هذا مستحيل، ولكن لا بد من أن يكون التطوير للجامعة حلم الجميع فيها من طالبات وطلاب وأعضاء هيئة تدريس حتى عامل النظافة إذا لم تكن لديه روح لتطوير الجامعة فلن تتطور إذا كانت غير نظيفة، إذن التطوير عملية تكاملية، وما أريده لكي تنجح الجامعة في تطوير الإبداع المعرفي هو الروح المعنوية لتحقيق الإبداع والتميز، وسنبدأ مرحلة الإبداع المعرفي من أعضاء هيئة التدريس وسنستهدف كافة منسوبي الجامعة حتى الموظف العادي وطلاب الكليات الملحقة بالجامعة في المحافظات. • هل ستبدأ وكالة الأعمال والإبداع المعرفي في الجامعة استبدال كليات بأخرى أو استحداث كليات جديدة لتواكب احتياج سوق العمل؟ هناك دراسات لاستحداث كليات جديدة، وحاجات سوق العمل كثيرة، ولكننا ننظر للأولوية، حيث افتتحنا كلية السياحة في الجامعة لأهميتها، ونحن في المراحل النهائية لوضع اللمسات الأخيرة لانطلاق كلية الحج والعمرة وستكون موائمة لاحتياج سوق العمل كون أغلبية أهالي مكة يعملون في خدمة ضيوف الرحمن في مواسم العمرة ورمضان والحج. • ولكن افتتاح كلية للحج والعمرة سيخرج مطوفين من غير محتكري المهنة وهنا قد تقع إشكالات، كيف ستتلافون ذلك؟ ليس بالضرورة أن تقتصر الدراسة في الكلية على تعليم أبناء المطوفين، لأن هذه الخدمة شرف لكل مواطني المملكة. • بدأت جامعة أم القرى بكلية الشريعة الأمر الذي دفع البعض إلى النظر للجامعة على أنها مكان خصب يفرخ التشدد وينبذ الوسطية، كيف تردون على ذلك؟ لاحظت أن عدم التواصل مع الآخرين والاحتكاك بهم قد يولد لديك إحساسا خاطئا كونك تجهل حقيقتهم، بالعكس هذا الاتهام باطل، فحين عقدنا ورش العمل لإعداد الخطة الاستراتيجية وصدر توجيه مدير الجامعة بضرورة مشاركة جميع أعضاء هيئة التدريس، كان مستوى التواصل جميلا وراقيا ويعبر عن الوسطية المعتدلة التي يتمتع بها كافة منسوبي الجامعة لدرجة أن الكثيرين استغربوا أن يكون منسوبو كلية الشريعة بهذه الانسجام والأريحية، حتى أن منسوبي كلية الشريعة هم أيضا تفاجأوا برقي أخلاق منسوبي كلية الطب، ودائما التواصل يكسر الحواجز التي قد يضعها البعض، وكل ما يقال عن جامعة أم القرى عار من الصحة، لا تشدد بين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، بل إنهم مميزون وصدرهم رحب، ومن محبي الدعابة. • لماذا لم تستطع الجامعة أن تكون جهة الاعتماد الأكاديمي العالمي لكليات الشريعة واللغة العربية؟ كلية الشريعة في جامعة أم القرى تعد نواة التعليم العالي في المملكة ودول الخليج، وهي الجامعة التي تشرفت بانطلاق أول دراسات عليا في المملكة في العلوم الشرعية، ولدى الجامعة توجه قوي لتكون نواة للاعتماد الأكاديمي لكليات الشريعة الإسلامية واللغة العربية، وفي طور أن تكون جهة تقييم ومنح شهادات معتمدة لجامعات العالم، فمن هنا انطلقت اللغة العربية، ومكة التي نزل فيها القرآن باللغة العربية وأصبح معجزة العالم، وحين تتحدث عن مكة فأنت تتحدث عن مهبط الوحي ومقصد المسلمين من كافة أنحاء العالم. وكليتا الشريعة واللغة العربية عليهما مسؤولية كبيرة جدا، ومسؤولية جامعة أم القرى مسؤولية عظيمة جدا ليس على مستوى المملكة فحسب بل على مستوى العالم أجمع. • ما هو ردكم حيال القول إن جامعة أم القرى تقف بمعزل عن المشاركة في أنشطة وفعاليات المجتمع، وهل تتابع الجامعة ما يجرى من مشاريع عملاقة في المشاعر المقدسة؟ جامعة أم القرى تحتضن معهد أبحاث الحج الذي أنتج دراسات كثيرة في مجالات إدارة الحشود والنقل والبيئة والدراسات المائية، وجامعة أم القرى هي الرائدة في الدراسات التي تتعلق بمكة والمشاعر «هي الأم وهي المرجع»، وفي ذات المعهد لجان للدراسات التي تقدم حسب الظواهر التي تطرأ في كل عام، وتعمل اللجان على ترشيح المتخصصين من خلال الاستعانة بخبراء من كليات الهندسة والعمارة الإسلامية وإدارة المشاريع، ونفس الشيء إذا كانت الدراسة تتعلق بانتقال عدوى أو تفشي أمراض تتم الاستعانة بأعضاء هيئة التدريس في كلية الطب، وجميع الكليات تدعم المعهد في أداء رسالته. • رفع 17 مسؤولا وذوي خبرة عقب اجتماع المصارحة الذي نظمه المجلس البلدي توصية لوزير التعليم العالي بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة لتجنيب جامعة أم القرى مخاطر السيول، أين تقف الجامعة من هذه التحذيرات؟ بالنسبة للتحذيرات التي أطلقها البعض عن جامعة أم القرى بوقوعها حسب قولهم في مرمي السيول نحن في الجامعة أخذنا ذلك بعين الاعتبار، لكننا يجب أن نؤكد أن الجامعة في منأى عن مخاطر السيول، ومع ذلك هناك دراسات لكيفية الحد بشكل أوسع من الخطر على الجامعة مستقبلا تنفذها إدارة المشاريع بطرق علمية سليمة لحماية الجامعة، وللعلم الجامعة ليست وحدها التي تقع في واد فجميع أحياء مكة تقع في أودية نظرا لطبيعتها الجغرافية. • لا يزال طلاب جامعة أم القرى يعانون من إلزامهم بمراجع تدرس لسنوات طويلة خالية من الإبداع المعرفي، هل هناك خطة للارتقاء بعضو هيئة التدريس؟ بدأنا في الجامعة إلزام كافة أعضاء هيئة التدريس بتقديم بحوث أكاديمية تنشر في مجلات علمية، وتم ربطها بتجديد عقود أعضاء هيئة التدريس حيث إنه لن يتم تجديد عقد أي عضو هيئة تدريس ما لم يقدم بحثا أكاديميا، كما أن ذلك الإجراء ينطبق على أعضاء هيئة التدريس السعوديين من خلال إيقاف تحسين مستوياتهم كل عام وربطها بما يقدمه عضو هيئة التدريس من بحث أكاديمي، وهذا جاء بهدف إثراء البحث العلمي في الجامعة، لأن الهيئات العالمية للتصنيف تخضع جميع معايير التصنيف للبحوث ومستوى تقديمها في كل جامعة، إذن لا مكان لأية جامعة غير بحثية في التصنيف، ويجب أن يعلم كافة أعضاء هيئة التدريس ألا مكان لجامعاتهم ما لم يثروا البحث العلمي، والحمد لله شارك عدد من أعضاء هيئة التدريس بأبحاث في مسابقات عالمية وتم اختيار بحوثهم من أفضل البحوث المميزة التي قدمت، وعضو هيئة التدريس الذي يعد بحثا وينشره في إحدى المجلات العلمية له من إدارة الجامعة مكافآت مادية ومعنوية، ليكون حافزا لباقي أعضاء هيئة التدريس ليحذوا حذوه.