روى الدكتور غازي القصيبي إحدى عمليات الرشوة التي عرضت لأحد مساعديه السابقين في كتابه حياة في الإدارة والتي بلغت ثلاثة ملايين ريال و «5 %» من قيمة كل عقد يرسو على الشركة، وليس هذا ما يهم الآن، فما يهم هو كيف تجرأ الراشي على اقتراح المبلغ دون أن يتأكد إن كان مرتشيا أم لا. ألا يعني ذلك السلوك أن للراشي عددا من الأذرع في القطاع العام!!! خبر هيئة الرقابة والتحقيق الذي نشر الأربعاء الماضي في «عكاظ» يشير إلى أن إجمالي غرامات الرشوة 135 ألف، وهذا الرقم الضئيل من الغرامات يشير إلى أن المرتشين الذين تم القبض عليهم هم ناشئون في رحاب الرشوة وليسوا مثل النموذج في المثال السابق! ويشير ذات الخبر أيضا إلى أن غرامات استغلال النفوذ بلغت 33 ألف ريال!!! وهذا المبلغ الضئيل ليس بمستغرب، فكيف للهيئة القبض على المزيد من حالات استغلال النفوذ. وكيف تستطيع الهيئة القبض على المزيد من حالات استغلال النفوذ وموظفو القطاع العام لاتحكمهم فترة إنجاز محددة لكل معاملة! ألا يمكن في ظل إجراءات العمل الحالية أن يكون لأصغر موظف في القطاع العام نفوذ فضلا عن استغلاله قانونيا!. يحاسب نظام مكافحة الرشوة في مادته الخامسة مستغلي النفوذ بنفس عقوبة المرتشي وتصل إلى مليون ريال أو السجن عشر سنوات أو كليهما، وعند مقارنة العقوبات التي أعلنتها الهيئة في العقوبات المنصوصة نظاما يتضح أن على الهيئة تطوير مستواها بشكل أكبر بكثير مما هو عليه الآن، ونشر الهيئة لتفاصيل القضايا هي شفافية تشكر عليها وبداية انطلاقة جديدة. إن مكافحة استغلال النفوذ تبدأ بمحاسبة القطاع العام على النتائج وليس على المصروفات، وزيادة موظفي المباحث الإدارية في إدارات المشتريات والمشاريع، وإعادة هيكلة الأنظمة على المصلحة العامة للوضع الراهن والمتمثلة في إصدار نظام لمكافحة الاحتكار وتأهيل ومنح المشروعات المتوسطة والصغيرة فرصة في التنمية لتخفف من معاناة البطالة ولتكون هذه الأنظمة بديلة للأنظمة الحالية والتي سنت قبل عقود من الزمان لتؤسس لشركات ومصانع تستطيع أن تنافس عالميا، ولكن كثيرا منها آثر أن يسيطر على السوق المحلية وأن لاينافس عالميا لضعف قدراتها الإدارية مع ما تمتلكه من أصول وموارد مالية، فإعادة هيكلة الأنظمة سيقلل من نفوذ هذه الشركات في السوق المحلية ويقلل من قدرة الفاسدين على المتاجرة بالنفوذ والسلطة.. عمليات الرشوة واستغلال النفوذ تتطور بشكل سريع وخطير على مستقبل الوطن، والحل تواصل موظفي المباحث الإدارية وهيئة الرقابة والتحقيق مع موظفي المبيعات في القطاع الخاص والاستماع إلى معاناتهم في الحصول على مناقصات بطرق مشروعة وعندها سيسهل رسم خارطة الطريق لاستئصال الفاسدين في القطاعين العام والخاص الذين جعلوا الفساد سنة حسنة في المجتمع. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة