محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    «الاختبار الأصعب» في الشرق الأوسط    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    رحيل نيمار أزمة في الهلال    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدافع عن ثغر للإسلام ولست عبدا للشيطان
د.عبد الله الغذامي يكشف معاناته ل «عكاظ»:
نشر في عكاظ يوم 30 - 10 - 2009

من يقرأ هذا الحوار مع الدكتور عبد الله الغذامي سيظن للحظة أنه كان كافرا فأسلم، فالرجل الذي قاد معركة الصدام بتيار الحداثة على مدى ربع قرن، ووصف من قبل مخالفيه بكل ما يحويه معجم الشتائم من فسق وكفر وعبادة للشيطان، يتحدث اليوم بلغة جديدة وعبارات كأنها مغازلة للإسلاميين، خصوصا بعد أن نسف كل ما حارب من أجله، ودخل مرحلة تقاذف علني شرس مع أبرز أصدقائه ومريديه وعلى رأسهم أدونيس ومحمد العلي وتركي الحمد .. الغذامي لبس في حواره معي رداء ابن عثيمين، واستخدم مفردة الشيخ السعدي، فلم أجد نقيضا بين عراب الحداثة والشيخ العالم، وحملت إجاباته في ثناياها استفزازا يعجب البعض وقد يغضب البعض الآخر .. الرجل الذي يشكل ظاهرة ثقافية في المجتمعين السعودي والعربي، ويهوى المواجهة مع كل ألوان الطيف، كشف سر رفضه للعديد من المناصب، وآخرها مجلس الشورى؛ لشدة تعلقه بالكتاب منذ أن كان طفلا يخط حروفه الأولى في كتاتيب مدينة عنيزة..
لم يكن والدي يحبذ أن أمضي وقتي في الشارع باللعب، ولكي يبقيني في المنزل فقد كان يحتال علي بأعطائي كتبا لأقرأها، وإذا وجدني لا أقرأ يقول لي: شوف هذا الكتاب واقرأه لي؛ لكي يعودني على القراءة، فمن صغري عشت مع الكتب وأصدقائي الموتى من المؤلفين كالجاحظ والمتنبي وغيرهم، وعندما كبرت أصبحت معنيا بالمسألة الفكرية، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ما منكم من أحد إلا هو على ثغرة من ثغور الإسلام فالله الله لايؤتى الإسلام من ثغرته، بمعنى أن كل واحد عنده مجاله الذي يبدع فيه، ومنهم المفكر الذي يعمل في المسألة الفكرية، فلو أنني تركت مجالي وذهبت لمجالات أخرى فمعناها أن مجالي لن يخدم، فهناك توازع للقوى والخدمات والقدرات، وقيمتك فيما تستطيع، فأنا أعمل على الشيء الذي أتقنه وينتظر مني أن أقوم به.
• ما دمت كما تقول فلماذا تراجعت عن فكرة (الطبخة البايتة) المسماة بالحداثة؟
أنا لم أتخل عن الحداثة وإنما انتقلت، وهناك فارق بين أن تتخلى وأن تنتقل، فنحن الآن نعيش في مرحلة ما بعد الحداثة، والانتقال هنا انتقال معرفي، والشاهد عليه كتب النقد الثقافي والمرأة واللغة والثقافة التلفزيونية وكلها تنتمي لمرحلة ما بعد الحداثة، وحينما قلت عن الحداثة إنها (طبخة بايتة) فلا يعني هذا أنها طبخة فاسدة فالبايت يمكن أن يؤكل ولا يرمى.
• لكنك فشلت في فرض آرائك على رؤية المجتمع المعارضة لتيار الحداثة؟
أنا الذي اتهمت الحداثة العربية بأنها حداثة رجعية؛ لأنها فاشلة فلم تتجه نحو المشروع السياسي أو الاقتصادي أو الفكري واكتفت بالمشروع الشعري فقط، فبالتالي هي حداثة جزء وليس كل، وهذا ما ألغى مفعوليتها.
• وهو ما دعاك أيضا للتصريح بأنك ستحرق نصف كتبك؟
يا أخي أنا كمفكر حر ومستقل إذا انتهيت من كتابي انتهى أمري معه فليس بيني وبينه علاقة شخصية، فمن يرفض كتبي فليضرب بها عرض الحائط، وإن شاء أحرقتها نيابة عنه، فالمسألة هنا قيمة معرفية وأسوة بالإمام إبي حنيفة فما كان يتشبث برأيه فأفكاري أعرضها ولا أفرضها.
• ألم تكن هذه الكتب نتاج ردود فعل؟
إطلاقا، ليست ردود فعل، بل هي تأليف فكري لكنه ليس فكرا قمعيا وقطعيا وقسريا وإنما فكر حر مستقل، وسقراط رضي بحكم من حاكموه مع أنهم أقل من أن يكونوا تلاميذ له لكنه رضي؛ لأنه حكم الناس وأنا أنتمي لهذه الأقلية التي ترضى برأي الناس وأجعل رأي الناس أهم من مقام الفرد.
• وهل تخشى الدخول في المناطق المحرمة خوفا من عاصفة التكفير كما حدث مع نصر حامد أبو زيد وغيرهم؟
أنا أقول إن الأستاذ محمد عبد الله مليباري رحمه الله حصنني من كل شيء، فقبل ثلاثين عاما كتب ووصفني بكل الصفات الممكنة (الشيوعية والعلمانية والماسونية والخيانة الوطنية) فلم يبق الآن صفات أخاف منها بعد أن حصلت على كل المعجم حتى أخونا البازعي عندما قال الخيانة الثقافية عني فقد كان ينهلها من الأستاذ المليباري فأصبحت هذه الأمور عادية عندي، ويمكن للإنسان أن يتخوف من شيء لم يحدث لكن ما حدث واستمر يحدث على مدى ثلاثة عقود حصنني من كل شيء، حتى الأخوين العزيزين صاحب شريط الحداثة وصاحب كتاب الحداثة في ميزان الإسلام فكلاهما ينهل من معجم المليباري وقدم لهما كل شيء يمكن أن يستثمراه بعد ذلك من الصفات والتهم.
• لماذا قلت احذروا «نصف عالم ونصف طبيب ونصف فقيه» ولم تقل احذروا نصف مثقف مثلا؟
اعذرني إذا قلت لك إنه لا مشكلة مع المثقفين، ففيهم أرباع وأعشار أيضا وأقل من ذلك، ولا نحتاج أن نحذر منهم لسبب واحد أن الطبيب تضطر للذهاب إليه في المستشفى اضطرارا والفقيه والعالم تذهب اليهما للاستفتاء، أما المثقف فلم يعد صاحب دور وتأثير، والتصور خلاف ذلك غير صحيح، والناس ليسوا بحاجة لنحذرهم من المثقف؛ لأنهم أصلا لا يلتفتون إليه، وإنما يلتفت الناس للطبيب والعالم والفقيه، فإذا صرت تلتفت إلى نصف فقيه أو نصف طبيب أو نصف عالم فإنه سيقتلك.
• أنت تقصد بهذا الطرح المثقف محليا؟
عالميا حتى في أمريكا ولندن وباريس، ونحن جزء من العالم، وليس لدينا شيء في السعودية يخصنا دون غيرنا، ففكرة المثقف النخبوي التي كانت معهودة في الستينيات والسبعينيات تلاشت ولم تعد قائمة، والذي يعيش عالميا الآن ويؤثر ويتفاعل هي ثقافة الوسائل والصورة، أما المثقف الرمزي العضوي والنخبوي الذي كان يقود ويؤثر ويحرك الشارع في باريس ولندن وأمريكا فلم يعد موجودا، أم كلثوم الصوت الواحد التي كانت إذا غنت يسهر العالم العربي كله لسماعها، وتتعطل جلسات مجلس الوزراء في إحدى الدول؛ لكي يستمعوا لها، ويتوقف خطاب أحد الرؤساء العرب؛ لأنها ستغني في نفس الليلة، هذا النوع لم يعد موجودا أيضا.
• جدالك مع الشيخ عوض القرني هل هو خلاف أم اختلاف؟
لا هذا ولا ذاك، وليس بيني وبين الأخ عوض القرني أي خلاف أو اختلاف أصلا، وكل الذي حدث أن الصحافة تسألني عنه وعن كتابه وأنا أرد برأيي عن كتابه. فهذه لا تسمى بالعلم لا خلاف ولا اختلاف .. لكن العلم لو تصديت للكتابة عنه مثل ما حدث عندما كتبت عن أدونيس، فأنا لم أكتب عن الشيخ القرني قط وإنما أجبت عن كتابه الحداثة في ميزان الإسلام فقلت إن كتابه ناقص وغير صحيح من الناحيتين المنهجية والعلمية، والرجل دخل في مسألة يجهلها ولا يعرفها وارتكب منظومة من الأخطاء.
• هل ظلمك شخصيا؟
ظلم أمما وملايين الملايين ممن قرأوا كتابه وصدقوه، فأسأوا الظنون بمجموعة أناس وصاروا يميلون إلى تكفيرهم وتأثيمهم فحملوا ذممهم أمورا كثيرة تسبب فيها عوض القرني وسعيد الغامدي في الشريط، والاثنان تحملا أثاما عظيمة؛ لأنهما جرا بشرا لا أول لهم ولا آخر، وسيظل هذا الأمر يتنامى مع الزمن أعدادا وراء أعداد ممن يقرأون الكتاب ويستمعون للشريط قبل ذلك فيصدقون هذه التهم والمزاعم والأوصاف عن مفسدين وكفرة ومخربين وملاحدة فيتوسمون أن القرني صادق في ذلك وأن الغامدي دقيق في حكمه فيتابعونهما في الرأي وهذه منظومة أثام، وأقول للقرني: يا ويلك من الله يوم القيامة حينما تقف وذمم هؤلاء البشر تحيط بك لأنه ورطهم بظنونه الآثمة وهذا أمر خطير خطير.
• استخدمت كلمة (مكنسة) لتنظيف أفكار الناس من كتاب القرني، فهل تتقبل أن ينطبق عليك نفس الوصف إذا استخدمه المعارضون لكتبك؟
أنا أؤمن بشكل كبير بمفهوم الناقد منقودا وطرحته في البحرين قبل عشر سنوات، ولا بد للناقد أن يقبل انتقاد الآخرين له وإلا سيدخل تحت مظلة المطففين كما ورد في الآية الكريمة بأن يكون له ميزان للآخرين يختلف عن ميزانه لنفسه فهذا لا يجوز، وأن يقول الآخرون شيئا عني أو عن كتبي وكتب الآخرين فهذه حقوق أصلية، ومن حيث المبدأ فلا أحد يملك أن تلجم ألسنة الناس، وإنما السؤال الأخلاقي بعد ذلك .. هل تؤمن بأن للناس حقا أن ينتقدوك؟ فأقول نعم وأكررها كثيرا.
• رفضت أن تتحاور مع القرني مع أنك قلت إن التشنجات تنضج الحوار بين اثنين فلماذا لم تطبقها في حوارك معه؟
لو حدث حوار بيني وبين الشيخ القرني في حدود اللفظ واللغة فهو بالضرورة مقبول، فالأب مع ابنه، والأخ مع أخيه، والصديق مع صديقه، ولغة البشر عادة ما يصحبها درجات من الشجار والتبادل اللفظي، وهذه طبيعة بشرية لا نضع لها قوانين بحيث نبيحها أو نمنعها، وبالتالي فعلينا أن تتسع صدورنا لذلك، وأنا قلت لك عن الأستاذ المليباري وسمعتني أترحم عليه مع أنه وصفني بصفات خطيرة جدا كان بإمكاني أن أخذه إلى المحكمة ولم أفعل قط، بل إنه عندما لوح باتهامي بسرقة علمية ونشر هذا في الصفحة الأخيرة لإحدى الصحف عام 1407ه فأخذت الجريدة أمام طلابي في المحاضرة وقلت لهم: أنظروا، هذا الرجل يتهمني بالسرقة العلمية فإن كنت سارقا فأنا لا أستحق هذا المقام أمامكم، ولا يجوز لي أن أكون أستاذا جامعيا أدرس المنهج وأكون سارقا .. واعتذرت عن إكمال المحاضرة لنفسيتي السيئة، وذهبت للدكتور رضا عبيد وهو يشهد على كلامي وطلبت منه أن تحقق الجامعة معي وليس مع المليباري فإن صح أنني سارق فافصلوني من الجامعة (وهذا الذي أؤدب نفسي به وأربيها عليه) ولم أطالب بمحاكمة المليباري، ولم أذهب معه لا إلى وزارة الإعلام ولا المحكمة الشرعية، وبعد أن تم التحقيق لفترة طويلة أصدرت جامعة الملك عبد العزيز بيانا رسميا ينفي أية تهمة علمية ضدي ونشر البيان في كل الصحف السعودية بما فيها الصحيفة التي نشرت اتهامه لي وفي نفس المكان، وأنا أقول إن هذه هي القيم التي يجب أن ندفع أنفسنا إليها، وأن نشيعها في مجتمعنا أيضا، وأقول عبر هذا الحوار معك: إن كان الشيخ عوض القرني يعتقد أنني أذيته بتهمة فأنا أطلب منه أن يطلب محاكمتي أمام محكمة شرعية وليس عبر وزارة الثقافة والإعلام، ولا يظن أنني سأدعي حينئذ بأن دعواه إعلامية وصحفية ويجب أن تؤخذ لوزارة الإعلام، وأنا مستعد للحضور وتطبيق الحكم وأتعهد بذلك من الآن إذا ثبت أنني قد أخطأت عليه، أما إذا كان وصفي له بالجهل بالحداثة، وأن كتابه في الجهالة العلمية حول الحداثة حكما علميا فهذا رأيي من قبل والآن ومستقبلا.
• ألم تحدث محاولات لتقريب وجهات النظر بينكما؟
تحدثنا مع بعضنا ولكن القضية أن تتعامل على المستوى الشخصي بمودة ومحبة شيء، وبين أن أقول رأيي في الكتاب شيء آخر حتى لو قبل رأسي وقبلت رأسه فسأظل أقول له أن رأيي مستمر، ولا تحصل المصالحة بحيث أتحول اليوم من أن أصف جهله بالحداثة فأقول أنه عالم بها فهذا لن يكون وسيظل أمر جهالته بالحداثة ووقوعه بأثم عظيم في تحميله لذمم الناس لا يمكن تغييرهما لأنني لم أكذب ولم أتطاول فيهما.
• هناك من يقول إنك تلبس رداء الشيخين ابن سعدي وابن عثيمين كخط دفاع أمام هجمات الإسلاميين عليك؟
أولا.. إن كان استخدامي لهما كرداء فأنعم به من رداء ويشرفني ذلك وأرفع رأسي عاليا إذا ارتديته، ثانيا إذا ظن ظان أن هذا سيحميني من المتدينين أو غيرهم فانظر في تاريخ خمسة وعشرين عاما بدءا من شريط الحداثة وعوض القرني والشيخ إبراهيم الدبيان رحمه الله الذي قال في أحد أشرطته: إن هذا ليس عبد الله بل عبد الشيطان، وخطب الجمعة والتكفير، فلا شيء يحمي من شيء، وهذه حالة نفسية وثقافية تقوم بغض النظر من نصاحب، ألا يكفي أن قتل الحسين بن علي في كربلاء لم يشفع له أنه حفيد رسول الله ثم تريدني؛ لأنني كنت تلميذا للشيخ ابن عثيمين وأن والدي كان جارا للشيخ السعدي، أسلم من ذلك.
• ما مدى صحة الضغوط عليك والتي وصلت لدرجة التهديدات العلنية؟
تعرضت لضغوط كثيرة نفسية واجتماعية إلى حد أن أحد تلامذتي في مرحلة الدكتوراه وأخذ الامتياز عندي، ما يعني أنه ليس هناك شيء شخصي ثم عين بعد ذلك أستاذا معنا في القسم ومر عليه إلى الآن عشر سنوات في القسم، لم يطرح السلام علي، ويتجنب أن يراني في الممر، وقبل ثلاث سنوات كنا في الحج في منى وكانت هناك لجنة شرعية من عشرة أشخاص في المخيم الذي نحن فيه فاثنان من هؤلاء كانا لا ينظران باتجاهي، واذا رأيا وجهي صدا وأنا محرم معهم في الحج وأهلل وأكبر وألبي، فقل لي بالله أي إيذاء أكثر من هذا بل هو أعلى درجات الإيذاء، وهذا كله بسبب الشيخين عوض القرني وسعيد الغامدي، وهؤلاء الذين قرأوا الكتاب واستمعوا للشريط يحملانهما الآثام، وهذا أمر لا يجوز ولو من باب أن تفرح بتوبة أخيك الذي كان خطأ وتاب بتشجيعه على مزيد من التوبة، فمن يتحمل مسؤولية هؤلاء؟ أنا أقول لك عوض القرني وسعيد ناصر الغامدي.
• بعد خمسة وعشرين عاما من هذا الصراع الفكري.. هل يمكن أن تكون هناك نقطة تفاهم بينكم؟
إذا توقفنا عند البحث عن نقطة تفاهم أو وسط فهذا معناه أن المعرفة ستتوقف، وأنا لا أتوقف عند هذه الأمور وأظل أنتج كتابا وراء كتاب ومشروعا وراء مشروع وليس جزءا من مشروعي أن أتوقف للتفاهم أو المصالحة. فالتاجر ورجل الأعمال يحتاج للمصالحات لكي يستمر عمله، أما أنا كمفكر حر ومستقل أكتب وأؤلف وإن أردت جمهورا فسأجدهم في فاس والبحرين وفلسطين والجزائر والسودان وكل مكان والحمد لله فالجمهور موجود وبقوة شديدة ومع ذلك فأنا لا أبحث عن الجمهور؛ لأنني لو فعلت ذلك لتعطلت، وهمي الدائم الفكر الذي بين يدي حيث أقوم بتنقيحه وإنتاجه ثم ليحدث له بعد ذلك ما يحدث.
• وهذا ما يستدعيني لأسأل عن أسباب تمدد رسالتك في الخارج وتعثرها في الداخل؟
الهجوم المحلي مفيد جدا للفكر والكتاب على مستوى التسويق والإشاعة، وقد كنت أقيس درجات المبيعات لكتاب الخطيئة والتكفير في زمانه بدرجات الحملات، فكلما زادت الحملة زادت المبيعات تبعا لذلك، وهذه أمور ليست سيئة بل مرغوبة، ومارك توين معروف عنه في أمريكا أنه إذا أصدر رواية ولم يكتب عنها أحد فإنه يبدأ بكتابة مقالات ضدها فيسبها ويتهم الكاتب بالسرقة بأسماء مستعارة كي يشيع روايته، فأنا لا يقلقني هذا الضجيج؛ لأنه يخدم كتبي، فهو نعمة أشكرهم عليها، بل عندما أصدر كتابا ولا يحدث حوله ضجيج أعد أنني خسرت ولم أقدم شيئا.
• وهذا ما يجعلك تبحث دائما عن المواجهة مع الآخرين؟
الذي أفعله بكل بساطة أنني إذا سئلت عن سؤال لا أستطيع إخفاء ما في قلبي من إجابة، وبعض الناس يراوغ، وهذا جيد وفيه شيء من الحكمة، أما أنا فلا أملك هذه الحكمة، وهذا أمر غير معتاد في الوسطين الاجتماعي والثقافي، فالمعتاد أن الناس يجاملون ويغمغمون بالكلام أو يتجنبون السؤال أصلا، ويبدو أنني من نوع الحمقى الذين لا يتجنبون السؤال ولا يخفون الجواب.
• ولكنك ضعفت أمام قسوة محمد العلي عليك؟
أبدا.. فأنا كنت صارخا وقاسيا ضده أيضا، ولكننا تقابلنا بعد ذلك وتصالحنا وقلت له أثناء المصالحة عندما حاول أن يبرر آراءه بأن الرأي مقدس يا أبا عادل فابق على رأيك وأنا سأبقى على رأييي، لكن الجانب الشخصي هو الذي يجب أن نتعامل معه بإنسانية، أما ما يراه أحدنا في الآخر فهذه أمور يجب أن نحترمها ولا نضيعها.
• هناك من يتهمك بالتضخم وممارسة الأنا في كتاباتك من منطلق الأستاذية والتعالي كما فعل نزار في أشعاره؟
أنا لكي أربي نفسي على الخلق القويم أقبل أي انتقاد حتى لو كان متجنيا، فإذا ظن أحد أن عندي تعاليا أو غرورا وأنا طاغية فسأحاول أن أراجع نفسي وأهذبها، ويجب ألا ننسى أن كلمة (الغرور) بفتح الغين وردت في القرآن الكريم كأحد أسماء إبليس وأنا لا أريد أن أتصف بشيء من صفات إبليس أو أسمائه، فمن رأى في ذلك فكثر الله من يهدي إلى عيوبي لينبهني ومثل هذا النقد أفرح به ويستدعيني لأشفي نفسي من هذا المرض الخطير.
• اتهمت بأنك تتمركز حول المرأة وتميل إلى الصدام مع الرجل؟
لا أستطيع محاسبة الناس على ما يقولون، ولكنني كتبت أربعة كتب عن المرأة واللغة، وهناك كتب أخرى في الطريق، وهذا جزء من مشروعي بغض النظر عما يقوله الناس؛ لأنه ليس من حقي أخلاقيا أن أصحح أقوالهم أو أخطئها، وأنا لا أقصد الصدام تعمدا، ولكنني أيضا لا أتجنبه؛ لأن في ذلك نوعا من المسالمة الباردة التي تقتل العلم فتجعل العالم والباحث خائفا دائما وينشأ عنده نوع من المراقبة الذاتية فبالتالي ينتهي إلى لا شيء، والفكر من شأنه أن يكون شجاعا، فاذا جبن فقد انتهى، وابن جني يتكلم دائما عن مقولة عظيمة يسميها شجاعة العربية لغة وثقافة، طبعا هي جبنت الآن وأصبحت ثقافة التخوف، لكنني أحاول أن أكون مخلصا في عملي، ولذلك تجنبت الكثير من المناصب التي عرضت علي وآخرها مجلس الشورى وشكرت واعتذرت عنها، ويشهد بذلك أناس أجلاء منهم الدكتور رضا عبيد والأمير عبد العزيز بن فهد والشيخ عبد العزيز السالم؛ لأن همي الدائم هو الكتاب قراءة وكتابة له.
• آراؤك تخرج مفاجئة وشبيهة في عنفوانها بالزلازل والبراكين؟
الفكر نوع من الزلازل والبراكين التي تنفجر من دون حسابات، ولذلك عندما ظهرت علينا رجاء الصانع لم يكن يعرفها أحد إلا برواية بنات الرياض، وهذا الأمر يشابه ما قلته عن محمود درويش بأنه يملك القدرة على تغيير لعبة الناقد ومفاجآته بما لم يكن في حسبانه في كل مرة فيضطر الناقد إلى إعادة حساباته من جديد.
• هذا يعني أنك متفائل بمستقبل الرواية السعودية؟
نحن أمام سيل من الروايات 95 بالمائة منها هراء فيما الجيد منها خمسة في المائة، وهذا التراكم مفيد لأنه لولا الهراء ما خرج الجيد وإن كان قليلا، وأنا على يقين أن مفاجآت في مجال السرد الروائي لابد أن تظهر لأن البوادر كلها تنبئ عن ذلك، وبنات الرياض من الأعمال اللافتة جدا وقد كتبت عنها سبعة مقالات وعندي سبعة مقالات أخرى وقد جاء بعدها عدد من الروايات نتاجا لإغراء بنات الرياض.
• البعض اعتبر امتداحك لرواية بنات الرياض تصفية حسابات مع تركي الحمد الذي قلت إنه ليس نموذجا للخطاب الروائي في المملكة؟
من قبل جاء الطيب صالح برواية موسم الهجرة إلى الشمال كأول عمل يعمله فغير مسار الرواية العربية كلها ونجحت روايته ليس بالعربية فقط بل هي الرواية العربية الوحيدة التي وصلت إلى الطبعة السادسة في ترجمتها الإنجليزية، بينما غيرها من كل الترجمات العربية لم تتجاوز الطبعة الأولى وظلت في صناديق ومخازن دور النشر، أما تركي الحمد فأنا لا أرى عنده من حيث البدء القدرة على كتابة الجملة الأدبية ونصه ضعيف بشكل مخيف سواء جاء قبله أحد أو بعده وأعماله غير قادرة على المنافسة مع أعمال أخرى ولم يكن لتركي الحمد سوى جرأته المبكرة على بعض الأمور التي لم يكن يتجرأ عليها أحد ولا شيء غير ذلك.
• لا نستطيع أن نقول إنه عصر وانتهى؟
تركي الحمد لم يصنع عصرا أصلا لكي ينتهي، وعندما تتكلم عن رواياته فأنت تحكي عن تقاليد مائة عام في الرواية العربية بكل صنوفها وأشكالها وليس حادثا للتو، وعندما جاء سبقه محليا رجاء عالم وغازي القصيبي فليس له أولية على الإطلاق، أما من حيث الاتقان فلا يمكن أن يجاري لا رجاء عالم ولا القصيبي ولا يستطيع ذلك؛ لأنه أقل بكثير من أن يجاري، ولو قارناه على مستوى الرواية العربية فليس له أي موقع للمنافسة، وما هو أهم من ذلك ودع كلامي كله ولا تجعل له اعتبارا انظر إلى الروائيين السعوديين الآن فكلهم يقولون إن تركي الحمد ليس نموذجا لنا، وهم تجاوزوه أصلا، ويعلمون أنه ليس القياس الذي يقيسون عليه، وهذه بشرى بالنسبة لي؛ لأنني رأيت مرة أحد الروائيين في جدة قبل خمسة عشر عاما وكان يثني على تركي الحمد فخشيت عليه؛ لأنه إذا كان سقفه الإبداعي هو تركي الحمد فلن يفعل شيئا، وعادة الناس تقاس بالسقف الذهني عندهم، فإذا كان السقف عاليا جدا فمعناه أنه سيرتفع باتجاه هذا السقف، وإذا كان سقفه هابطا وبسيطا فسينتهي عند هذا الحد الضئيل.
• أليست غريبة هذه الحدة تجاه صديق قديم وروائي معروف في الساحة؟
نحن نتكلم عن حقائق علمية ومعرفية وتركي الحمد صديق شخصي لي قبل أن يكتب الروايات، وكنا نجلس ونسهر جلسات طويلة في الرياض عندما كنت أنام متأخرا، لكن لا يمكن أن تكون الصداقة شفيعة للرداءة مثل ما قلت عن الشيخ عوض القرني، فمن الممكن أن يكون صديقا لكن رأيي في كتابه وعمله لا يمكن أن يتغير وكذلك الحال مع تركي الحمد.
• ألا تشعر بأنك تظلم أصحاب النصوص الجميلة بحدتك في النقد؟
هذا طبيعي لأن النص المختلف الذي لا يشبه الألف نص هو النص الاختراقي والمثير والمذهل مثل ما جرى عام 1948م لقصائد نازك والسياب التي غيرت مسار القصيدة الحديثة وأصبحت قصيدة التفعيلة بصورة وصيغة مختلفة ولاحظ أنني لم أقل 1947م؛ لأن لهما شعرا في ذلك العام لو ظلا عليه فسيشار إليه تاريخيا فقط، وهناك نصوص جميلة لعدد كبير من الحداثيين وشعراء العمودية ولكنك عندما تقيسها بنصوص غيرهم تجدها تسير في نفس النسق عربيا ومحليا فيصبح مجرد رقم من الأعداد.
• إذا قسناها على مجال الأغنية فشعبان عبد الرحيم يحدث هياجا في أغانيه لا تحدثه أحيانا أغاني فيروز فهل يمكن أن يكون قياسا للإثارة؟
هنا القياس ظالم ولا يمكن أن نقول إن أحمد مطر مثل المتنبي، فأنا استمع لفيروز في وقت ولشعبان عبد الرحيم في وقت آخر، ولكل منهما شأن ومذاق، ولو قلت لي هل تستمع لشعبان؟ أقول لك نعم بل وأحرص على سماعه؛ لأنه يتكلم بضمير الناس وخطابه سياسي ووطني واجتماعي، ويلامس الناس البسطاء الصادقين الحقيقيين، ويعبر عن موقف الناس من إسرائيل وغيرها مثل قضايا التدخين وغسيل الأموال، ويجب أن نفرق بين أغنية شعبية وأغنية فنية لفيروز وغيرها من كبار المطربين تقوم على ضوابط وشروط، وفيروز مدرسة في هذا المجال، وشعبان جزء من مدرسة الغناء الشعبي، كالشيخ إمام وقبله مارسيل خليفة بمستوى آخر وطريقة أخرى، ولا أستطيع أن أقارن أيضا بين فيروز ومارسيل خليفة فهذا مستحيل؛ لأنني سأظلم مارسيل خليفة ظلما كبيرا لأن له مدرسته وجمهوره الكبير.
• مثل الشعبية الطاغية التي يستغربها البعض لخالد عبد الرحمن وتتجاوز ما يحظى به فنان العرب محمد عبده؟
أتركني من هذين الاثنين، ومحمد عبده بالذات كان ممتازا بكل تأكيد لكنه في السنوات العشر الأخيرة فقد قدراته الصوتية، فالمطرب محمد عبده انتهى وبقي لنا المنشد محمد عبده؛ لأن مستوى صوته أصبح واحدا ولايستطيع أن يرتفع أو ينغم أو ينوع في أدائه كما كان يفعل في السابق ويطربنا بأداء راق، وقد أكدت لي تجربة أدائه لقصيدة الشيخ عائض القرني ما ذهبت إليه من أنه انتهى مطربا وأصبح منشدا، وقد استمتعت بصوته وأدائه العذب والمؤثر لها.
• من المستفيد شهرة من هذا التقارب؟
هذا التقارب لا غبار عليه من ناحية المعنى الثقافي العام، ومن حيث الشهرة فلا عايض القرني ولا محمد عبده يحتاجان لمن يشهرهما، فلديهما مايكفي، لكنني أسجل ملاحظتين على الشيخ عايض وأنا أجله وأحبه وأقدره، فالأولى: أنني تمنيت لو كتب قصيدته بالفصحى لغة القرآن وليس بالعامية خصوصا أنه داعية ويفترض فيه أن يضع كل ما له علاقة بالقرآن الكريم في مقام عال، وكان يمكن أن يجعل قصيدته الروحانية بلغة التعبد والتكبير، والثانية: أن الشيخ عايض سامحه الله وهداه وعفا عنه، وأنا أعاتبه وألومه أعلن عن مسابقة بمليون ريال لمن يعارض قصيدته، ولو كنت مكانه وعندي مليون ريال فائضة لأعطيتها لمستشفى لعلاج المرضى أو لفقراء ولا أعطيها لشاعر شحاذ، وكنت أرجو ألا يقع الشيخ عايض في هذا الأمر، وإن كانت غلطة الشاطر بعشرة فغلطة الشيخ عايض بمليون، وكنت أتمنى ألا يقع فيها.
• إلى أي مدى تشعر بخطورة تحول الأندية الرياضة إلى روح القبيلة؟
أنت ترى العنصريات في الرياضة، فالفريق كأنه قبيلة أو طائفة أو مذهب، وكل واحد عنده فريق يمكن أن يفعل أشياء خطيرة للفريق الآخر تعصبا لفريقه، فهذا جزء من الهويات الجذرية، وهذه التكوينات الاجتماعية تتحول مع الزمن إلى نوع من الأوهام التي يجعلها التعاقب الزمني والتواتر الإخباري كأنها حقائق وهي ليست كذلك.
• ولكن المثقفين ساروا في نفس الاتجاه أيضا؟
حتى المثقفون صاروا مثل عباد الله الآخرين، فالمثقف يحمل كل عيوب المجتمع، بل إن عيوب المثقف أخطر من عيوب الإنسان العادي؛ لأنه يفلسف عيوبه ويبررها بينما العادي فيه عيوب لكنه لا يستطيع أن يبررها.
• وأين تجد نفسك الآن بالإضافة لتطوعك في التدريس في الجامعة؟
أنا أجد نفسي من خلال السرد، وتطوعي في الجامعة بلا مقابل نابع من إحساسي بأنني أخذت من المجتمع الشيء الكثير وحان الوقت لأقدم لمجتمعي وبلدي خدمة تطوعية خيرية من خلال علمي، أما إبداعي فالشعر تنازلت عنه منذ زمن بعد أن اكتشفت أنني شاعر متوسط فلامكان لي بين المتميزين والمختلفين، وكنت أعلنت مازحا عن بيع قصائدي فتقدم الصديق الحبيب علي محمد العمير لشرائها ولم نتفق على السعر، فأنا أذكره بمعاودة الاتصال بي وسيكون له تخفيضات بنسبة تسعين بالمائة.
• ما سر عودتك إلى النوم المبكر؟
وجدت الفائدة من الصحو المبكر في العمل دون أن يقاطعني شيء، وأحسست بمردودها الصحي العالي جدا وخفف النوم المبكر من هذه المشاكل كثيرا.
• وإلى متى ستظل مقاطعا للأندية الأدبية؟
إذا لم تعد الانتخابات إلى الأندية الأدبية فلن أعود، وهذا درس أقدمه لنفسي والآخرين، فلابد أن نبث مبادئ الثقافة وأن نجعلها حية في أذهان الناس، وإذا تواطأنا على قتلها وإماتتها ماتت، فلابد أن نتواطأ على إحيائها، ومقاطعتي لكي يظل هذا الإعلان دائما وهو ضرورة العودة إلى الانتخابات.
• هل كان إلغاؤها تخوفا من أشخاص أم من منهج معين؟
اسألوا الأستاذ أياد مدني في هذه المسألة وقد قال لي ذلك بشكل خاص ولكنني أشعر بأنه من غير الأخلاق أن أذيع سره ولو سمح لي بكشف ذلك فسأقول.
• هناك انتخابات جرت بخمسين في المائة وتعيينات بالنصف الآخر وظلت الغلبة للمعينين؟
إن حدث هذا الأسلوب في الأندية الأدبية فسأظل مقاطعا.
• وهل هناك قيود حاليا تحاصر إبداعك؟
ليست هناك أية قيود تحاصر أي إبداع الآن، وكتبي تنشر في بيروت وليس في المملكة وتكون على موقعي في الإنترنت وبهذه الصيغة فلا أحد يحاصرني.
• كيف تلقيت كمثقف قرار جلد المذيعة روزانا اليامي قبل الأمر الملكي بإسقاط الحكم وتحويل القضية إلى وزارة الثقافة والإعلام؟
السؤال عندي ليس جهة الحكم سواء كانت وزارة الثقافة والإعلام أو المحكمة الشرعية وإنما هو منصب على حيثية أنها تعمل في محطة غير مرخص لها في المملكة، فهل تستحق أن تجلد؟ وهل العمل في جهات غير مرخص لها أثم أم ماذا؟ ولنفترض أن هذا ما حصل فالخطأ هنا أنني غامرت بمستقبلي الوظيفي، وأخطأت على نفسي لكن يحكم علي بجلد لأنني عملت في محطة غير مرخص لها، فهذا ما لم أستطع فهمه على الإطلاق ولا أفقه سببا لمثل هذا الحكم، وأنا ما زلت أتذكر بثناء عظيم قاضي المويه الذي كان يصدر أحكاما راقية لخدمة المجتمع وكنت أقول إذا كان القاضي يرى أن تصرف هذه الصحفية غير صحيح فكان يمكن أن يأمر بأن تخدم أسبوعا في أحد المستشفيات مثلا ووقتها سيكون الموقف نبيلا منه.
• بالمقابل يادكتور، هل تعتقد أنه سيأتي من يقول عنك في يوم ما «كان طيب الذكر»؟
إن شاء الله، ويمكن أنني لن أراه وأسمعه وأكون قد ذهبت إلى ربي، فإن جاء وأنت على قيد الحياة فأوصيك أن تنوب عني وقل له «كثر الله ألف خيرك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.