ساحات المسجد الحرام التي تتجاوز مساحتها 88 ألف متر مربع وتتسع لأكثر من 600 ألف مصل، تعتبر حزاما حول المسجد الحرام، ويفضل كثير من المصلين أداء الصلاة فيها بعد أن هيئت بالفرش ومياه زمزم. وانضمت في هذا العام إليها ساحة جديدة وهي الساحة الشمالية، وذلك لفك الزحام، خاصة الذي يحدث في العشر الأواخر من رمضان. وتشرف على هذه الساحات إدارة ساحات المسجد الحرام لمتابعة نحو 40 جهة خيرية توزع ما يقارب ثلاثة ملايين وجبه إفطار خلال شهر رمضان. «عكاظ» تجولت في ساحات المسجد الحرام برفقة مدير إدارة الساحات في الحرم المكي أحمد إبراهيم شريعة لمدة ساعة ونصف، ورصدت بعض الجهود التي تقدمها الدولة في خدمة المعتمرين والزوار. وكانت الانطلاقة في تمام الساعة الخامسة مساء من مكتب مدير إدارة الساحات أحمد شريعة، وفي الساحة الغربية بدت الكتل البشرية من المعتمرين تنظم بشكل محترف من قبل الموظفين الذين يعملون في ساحات الحرم المكي الشريف ممن يعملون على توزيع الساحات إلى مربعات على المشرفين يساندهم الموظفون الرسميون والمؤقتون الذين يبلغ عددهم 550 موظفا يعملون على مدار الساعة ويتم تكثيفهم في الفترة المسائية، حيث يتم تنظيم وجبات الإفطار في الساحات بشكل منظم، وهي عبارة عن وجبات جافة بعيدة كل البعد عن الوجبات المطبوخة. ويقول مدير إدارة الساحات: إن هذه الوجبات تم إعدادها وفق معايير معينة، بحيث تكون ذات قيمة غذائية مناسبة وتحافظ في نفس الوقت على نظافة المكان الذي ستقام فيه الصلاة، فالتمر في هذه الوجبات منزوع النوى وكان النوى في السابق يشكل لنا عائقا في النظافة، كما تم وضع كمامة مع كل وجبه في هذا العام. ويباشر العاملون في إدار الساحات منع جميع الأطعمة والممارسات السلوكية السيئة مثل التسول والدراجات النارية ويسمح فقط بإدخال التمر والقهوة. ومن المشاهد التي رصدت: معتمر يحمل كيسا وعندما قام الموظف بتفتيشه وجد فيه وجبة تحتوى على الأرز فأقنعه بإعادته وأنه ممنوع الأطعمة في الحرم. معتمر آخر كان يحمل معه حقيبة فيها ملابس وعند تفتيشها اتضح أنه يخفي داخل الملابس بعض أنواع الأطعمة الممنوعة وتم إعادتها وإفهام ذلك المعتمر أن هذه الأطعمة عليه أن يتناولها خارج الحرم. متبرع آخر كان يحمل وجبات ويحاول إدخالها، إلا أن الموظفين أفادوه بأن التوزيع داخل الساحات منظم ولا مجال فيه للعشوائية، وأعاد ما كان يحمله ليقوم بتوزيعه خارج ساحات الحرم. اتجهنا بعد ذلك إلى الساحة الشرقية وكان هناك شباب يتقدون حماسا ونشاطا ويقومون بتوزيع وجبات الإفطار بكل نظام على المعتمرين وكان المعتمرون يتجاوبون بالجلوس بنظام حتى يأخذ كل شخص وجبته. هؤلاء الشباب يقومون بحمل جميع مخلفات هذه الوجبات، حيث يتم توزيعها على المعتمرين وبعد الإفطار مباشرة يتم رفع جميع مخلفاتها في سرعة عجيبة وقبل إقامة الصلاة ولاتقام الصلاة إلا وقد تمت إزالة كل شيء في وقت لا يتجاوز الخمس الدقائق. كان مدير الساحات ينبه على الشباب العاملين معه بأن عليهم الانتباه بعدم دخول الأطعمة الممنوعة، كما ينبه عليهم بضرورة التعامل الحسن مع المعتمرين والزوار وعدم رفع الصوت والتعنيف. سألنا مدير الساحات أحمد شريعة الذي كان يرافقني عن أبرز السلبيات التي اختفت في هذا العام وكانت تقلقهم في الأعوام السابقة، فقال: الباعة الجائلون الذين يحملون الأطعمة على ظهورهم ويتلقفون المعتمرين، وكذلك المتسولون والدراجات النارية، واستطعنا في هذا العام أن نتخلص من كل هذه الظواهر بنسبة كبيرة، حيث قمنا بعمل طوق أمني على مداخل الساحات، إضافة إلى تواجد المشرفين بشكل دائم وهؤلاء الشباب استطاعوا أن يحدوا بشكل كبير من دخول الممنوعات التي كانت تؤذي المصلين في الحرم والساحات المحيطة به. وهناك مجموعة من الشباب يعملون على توعية المعتمرين بأضرار التدخين ويجوبون ساحات الحرم المكي، وعند رؤية أي معتمر يدخن يبدؤون بالسلام عليه ومن ثم نصحة بأن التدخين مضر وأنه أمام بيت الله الحرام، ولابد أن يحترم هذا المكان ويجتهد في العبادة بعيدا عن هذه العادة السيئة ويقدمون له مطوية توضح أضرار التدخين ويهدونه مسواكا ويدعون له. أحد هؤلاء الشباب يؤكد أن هناك تجاوبا من المعتمرين ونادرا ما يكون هناك شخص يحاول رفض النصيحة، وهناك من يعلن إقلاعه عن التدخين ويحلف أن لا يدخل فمه مرة أخرى.