تصف امرأة ثلاثينية ذاك الشعور الذي بدأ يغزوها، وأنها أصبحت مهملة ومركونة حين دخلت بوابة الثلاثين قائلة: «أنا أشبه بكتاب مرهون لغبار الرفوف العلوية، لا يلتفت أحد له، يوهمون الكتاب أنه الأكثر ارتفاعا حتى لا يشعر أنهم فرغوا منه ثم استبعدوه». ذاك الشعور يعززه غياب بوح زوجها، ورسائله التي كانت تصلها قبل الثلاثين، وإن كان غارقا في عمله أو في اجتماع أو دعوة رسمية، يعززه أيضا رسائل زوجها القديمة التي كانت تعود لقراءتها بين حين وآخر، والتي لم تعد تمنحها تلك الابتسامة التي ترتسم على شفتيها حين تقرأها من جديد وهو يؤكد لها «أحبك»، بقدر ما تؤكد لها مخاوفها أنها «كتاب مرهون لغبار الرفوف العلوية»، لهذا لم يعد يكتب لها كما كان يفعل قبل دخولها الثلاثين. تتساءل الثلاثينية: هل لمصطلح العنوسة دور في بث هذه المخاوف؟ فاقتنعت المرأة أنها في الثلاثين عليها أن تتقبل فكرة أنها ستعيش وإلى الأبد وحيدة، وأن فكرة الأمومة انتهت بالنسبة لها، لهذا أصبح تجاوز الثلاثين مخيفا للعانس فهي غير مرغوب فيها ولن يتقدم لها إلا عجوز يبحث عن ممرضة، فيما المرأة المتزوجة وإن كانت متزوجة في الثلاثين لن تصبح مرغوبة لزوجها لهذا لا يكتب لها رسائل حب. ترى الثلاثينية أن الطب شارك في تلك المؤامرة على المرأة، حين أكد أن نسبة الإنجاب تقل جدا عند المرأة، إذ تدخل بوابة الثلاثين، بوابة الشيخوخة، وتتساءل: هل الطب، ومصطلح العنوسة الذي ابتكره المجتمع الذكوري، ورسائل زوجها التي لم تعد تصل، هي من جعلها تشعر أنها «كتاب فرغ منه ثم استبعدت»؟ ولأنها مخاوف امرأة ثلاثينية متناقضة حد الصدق لأنه لا يوجد إنسان غير متناقض لديها اعتقاد أن الرجل أي رجل وخصوصا الشرقي لا يمكن له فهم ما الذي يعنيه أن تدخل امرأة بوابة الثلاثين أو أن تصل للرفوف العليا في مكتبة خصصت رفوفها العلوية للكتب المهملة، وتؤكد على هذا أن الرجل صاحب السلطة ومخترع الثقافة والمفسر لكل شيء استطاع إقناع الكثير من النساء أن العنوسة أو الموت الثلاثيني أمر طبيعي للمرأة وأن عليها تقبل فكرة الرفوف العليا للكتب المهملة. تقول ساخرة من صديقتها: «بعد أن بثثت مخاوفي عن بوابة الثلاثين، اقترحت صديقتي أن أذهب لشيخ ليقرأ علي، لأن ما يحدث لي وساوس شيطان خبيث، لا يريدني أن أقبل بالوضع الطبيعي والرفوف العلوية والمهملة، لماذا يفكر بعض النساء أن المخاوف هي بسبب شيطان وليس بسبب شعور أنه تم إهمالهن»؟ الثلاثينية ليست معنية بالبحث عن إجابة، بقدر ما تريد قذف الأسئلة التي تخنقها من جوفها، تتساءل: لماذا كف عن الكتابة لي منذ أن دخلت الثلاثين، ودفعني للرفوف العليا؟ ولماذا قتل تلك المتعة التي كانت تتركها لي رسائله حين أعود لقراءتها من جديد؟ هل تملك إجابة بصفتك أحد الرجال الشرقيين؟ حسنا.. سأتوقف الآن عن الكتابة، وسأذهب لتصفح حياتي الماضية؛ ربما أعرف أين كان الخلل؟ S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة