مليون و529 ألفًا و418 مواطنة سعودية بلغن الثلاثين، ولم يتزوجن، وذلك بحسب ما صرحت به الدكتورة أسماء الحسين أستاذ علم النفس المساعد بجامعة الأميرة نورة يوم الأحد الماضي خلال فعاليات «ملتقى المرأة السعودية ما لها وما عليها» في الرياض. وأضافت بأن السعودية تحتل المركز الأول خليجيًّا، والثالث عربيًّا في نسب الطلاق، وذلك بحسب ما نُشر في صحيفة الشرق يوم الاثنين 12 ديسمبر الماضي، كما وضَّح الأستاذ نوير الشمري في صحيفة الاقتصادية يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ 13 ديسمبر بأن الإحصائية التي صرحت بها الدكتورة أسماء الحسين مؤخرًا هي لمَن بلغن سن «الخامسة والثلاثين». بالطبع يهمنا تحديد الفئة العمرية للفتاة «الثلاثينية» غير المتزوجة؛ لأن مجلس الشورى حدد في إحدى جلساته خلال العام الحالي بأن «العنوسة تعني مَن تجاوزن عمر (32 سنة) بدون زواج»، وبالتالي إن كان الرقم المذكور صحيحًا فإن العدد في تزايد كبير عن الأعوام السابقة. وبالعودة إلى آخر كتاب إحصائي مفصل، والصادر في 2009م عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات -(المرجع الإحصائي الرسمي الوحيد في المملكة العربية السعودية بموجب نظام الإحصاءات العامة للدولة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (23)، وتاريخ 7/12/1379ه)- فإن أعداد الإناث السعوديات للفئة العمرية ما بين 30 إلى 80 عامًا وأكثر (وهي الفئة العمرية التي يتحدد منها العنوسة) بلغن مليوني و844 ألفًا و832 مواطنة سعودية، وبالتالي فإن النسبة التقريبية للعنوسة في المملكة العربية السعودية هي حوالى 54%. هذه الأرقام المزعجة عن الطلاق والعنوسة يجب أن تدفع المسؤولين نحو إعداد دراسات اجتماعية إحصائية وتحليلية من أجل وضع حلول فعّالة، فقضيتا العنوسة، وتزايد حالات الطلاق بشكل مفزع لا يجب أن تُطرح لها حلول دون الاستناد إلى دراسات قوية مدعمة بالإحصاءات لتوضح الأسباب المتعددة لها، مع الأخذ في الاعتبار عامل «ثقافة المجتمع»، وهذا ما يعمل به في أقطار أخرى من العالم، وهو الأمر الذي لا يجعل الحلول التي طبقت في دول أخرى، ونجحت لديهم في الحد من هذه الظواهر السلبية من الممكن أن تكون ناجعة لدينا، وذلك يعود لاختلاف طبيعة المجتمع وثقافته، وبالتأكيد أن أسباب الطلاق أو العنوسة في المجتمعات الشرقية تختلف جذريًّا عن المجتمعات الغربية. وفي مجتمع مختلف تمامًا مثل المجتمع الأمريكي أشارت الدراسات في السنوات الأخيرة إلى أن أكثر من عشرة أسباب للطلاق تأتي في مقدمتها الخيانة الزوجية، الملل، عدم التوافق الجنسي، الاختلاف على تربية الأطفال، الإدمان، والإيذاء الجسدي والعاطفي. أمّا العنوسة (Spinsterhood) فينظر لها بشكل اجتماعي مختلف عنا تمامًا، حيث نشر مؤخرًا في 22 مايو 2011 كتاب من تأليف إي إس ويين تحت عنوان «الأسباب التي تدعوك للبقاء عازبًا»، كتب فيها 101 سبب تدعوك للبقاء عازبًا للرجل والمرأة، ولم أجدها مناسبة للتداول في مجتمعنا الشرقي بتاتًا، طريقة تفكير المجتمعات الغربية لقضية «العنوسة» بعيدة عن ما نصبو له في مجتمعنا الشرقي، ومن الأمثلة على ذلك المقولة الشهيرة عن العنوسة: «امرأة بلا رجل مثل سمكة بلا دراجة» (الكاتبة الأسترالية إيرينا دون، 1976م)، وهو ما يفسر ضرورة اعتمادنا على دراسات تركز على ثقافة المجتمع الذي ننتمي له. المسؤولون لدينا طرحوا العديد من الحلول للنقاش خلال السنوات الماضية، ومنها ما طرحه مجلس الشورى مثل زواج السعوديات من أجانب، وتحديد سن الزواج، بالإضافة إلى دعم الزواج الجماعي من قبل المسؤولين، وإطلاق برامج للتوعية وتفعيل ودعم لجان إصلاح ذات البين، ومكافحة العنف الأسري ونشر التوعية الحقوقية للمرأة، كما حصل مؤخرًا في «ملتقى المرأة السعودية ما لها وما عليها». ولكن على الرغم من ذلك، ما زالت قضيتا ارتفاع معدلات الطلاق والعنوسة مستمرة في زيادة اطرادية دون جدوى ملموسة للحلول، ومن هنا نسلط الضوء على ضرورة دراسة الحلول بشكل أدق والتوصل إلى إجابة دقيقة عن طريق دعم وتكثيف البحوث الأكاديمية والإحصائيات لمعرفة أسباب الطلاق والعنوسة، والتي تم الإجابة عليها كثيرًا بإجابات مختلفة، لكن لم يكن هناك إحصائيات ودراسات قوية تقول إن أهم أسباب العنوسة أو تزايد حالات الطلاق على سبيل المثال تعود إلى غلاء المهور، أو عدم تكافؤ النسب، أو البطالة وضعف الدخل، أو الحالة الاجتماعية، أو التعليم، أو العضل، أو الخوف من التعدد، أو العنف، أو الأمراض الوراثية، أو الشذوذ أو تعاطي المحرمات... إلخ، وهل هناك نسب إحصائية رسمية من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تعاطت مع هذا الشأن؟! الدراسات المميزة في هذا الشأن قليلة بكل تأكيد، ولكن أعجبتني دراسة سعودية جادة أجراها طالب في كلية علم الاجتماع بجامعة الملك سعود في 2007م، ونشرت جريدة اليوم جزء من تفاصيلها سابقًا، حيث توصلت الدراسة إلى أن تعدد الزوجات مسؤول عمّا يصل إلى 55% من حالات الطلاق في المملكة، وخلصت الدراسة إلى أن المحاكم الشرعية تصدق على 25 إلى 35 حالة طلاق يوميًّا، أو ما يعادل 12.7 سنويًّا، وذكرت صحيفة اليوم أن «غالبية حالات الطلاق تقع في السنوات الثلاث الأولى من الزواج، وأن غالبية المطلقات يتزوجن تحت سن العشرين»، وجاءت تدخلات الأهل والفارق العمري بين الزوجين كأسباب رئيسة أخرى لحدوث الطلاق. المطالبة بدعم هذه النوعية من الدراسات يُعجِّل بمعرفة أهم الأسباب الحقيقية خلف زيادة نسبة العنوسة ومعالجتها قبل أن تتفاقم وتصل إلى الرقم الفلكي الذي تكهّنت به بعض الدراسات خلال العام الماضي، والتي أوضحت بأن عدد الإناث العوانس سيصل إلى 4 ملايين في السنوات الأربع المقبلة!!