بين مُرجفين من الاحتفاء به وعُشّاق يتحرون قدومه في الرابع عشر من فبراير، يكتسح لون الحب أرجاء العالم على نحوٍ فريد وحالم، ينثر المتحابون مشاعرهم في ساعاته المحدودة على قوالب الهدايا وبطاقات العشق، يطوقون أناقتها في باقات لا لون يخالج رونقها إلا الأحمر، والأحمر فقط.. الحب، لغة فريدة وخاصة لا تحتاج إلى تراجم أو معاجم أو مفسرين، تماهت على ألسنة البشر منذ أول الوجود وستبقى إلى منتهاه، تخفق في قلوبهم سراً وعلانية، وتتحدث في عقولهم بكل شموخ وكبرياء. إذاً.. لماذا يخافون من يوم الحب؟ في زمن مكتظ بالأوهام ومناوأة العواطف كانت سياط الممانعة تجلد بكل قسوة وبشاعة أغصان الورود الزاكية، وكان حبر القلق الأسود يُسكب عشوائياً على كل صفحة حمراء، هكذا جُزافاً وبلا وعي ولا يقين! كنت أسأل منذ ريعان أيامي، لماذا يخافون يوم الحب؟ لماذا كل هذه الغلظة والحدّة والوجس؟ ما كانت تعنيني الإرهاصات التاريخية في يوم الحب، ولا معتقدات كائن كان، ما كان يعني وحسب هو الحب بما أفهمه وأعرفه، المواجهة الكبرى والإبحار ضد التيار، الغنوة والسطوة في آنٍ معاً، فمن لم يمت في حبه لم يعش به. إن الاتكاء على قيم الحب الثلاث «الحميمية والارتباط والشغف»، يُنبئ عن امتلاء بالألق والسكينة، فالاستمرارية وأهداف الاستدامة ركيزة يقوم عليها الحب، وتبادل المشاعر والعبارات والهدايا تكسر رتابة العلاقات والتعايش. لا يمكن أن يكون الحب عبارة دارجة، يُزهقها حمقى الانتهازية والأنانية والغلظة، فالتضحيات بكل أشكالها أصدق وسائل التعبير عن الحب. الحب هو رعشة الحمى والحضور، كلما اكتمل الغياب، وهو الأعمى الذي يبصر ما لا يراه المبصرون. وفي فبراير الذي أحب، أوصيكم بأن لا تلتهموا الحب بل استطعموه، تهادوه كلما اختنقت السماء بغربان البؤس، وإذا اكتظت الأرض بأسراب الجراد.