عندما يأمرنا الله سبحانه وتعالى بالأخذ بالأسباب للحد الأقصى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ..) ثم يخبرنا: (.. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ..)، فهو يوجهنا نحو الطريقة الصحيحة لصناعة ذهنية التوكل؛ أن نأخذ بالأسباب لأعلى درجاتها ونعمل وكأنها هي التي ستحقق لنا النتائج، وبعدها نتوكل على الوكيل، وكأن كل ما عملناه من عمل ليس له أي تأثير على تلك النتائج؛ هذا ما يؤكده كثير من العلماء. كما يؤكدون أن (التوكل مكانه القلب). ولكن الذهن هو من يُهيّئ ويفسح ذلك المكان. فالوصول لمرحلة التوكل معادلة تقوم على ثلاثة مرتكزات: المعرفية، والروحانية، والذهنية. المعرفية هي معرفة أن التوكل (أمر) إلهي مباشر لكل مؤمن. والروحانية هي حسن الظن بالله.. من يسيء الظن بالله لن يكون له للتوكل من سبيل. ثم المرتكز الثالث وهو الذهنية؛ وقد تكون هي المصدر الحقيقي للتوكل. والتهيئة الذهنية لهذه القيمة الجليلة تبدأ أولاً، بالتخلص تماماً من فكرة الاعتماد على الآخرين في الحصول على ما تريد أو ربط النتائج بهم.. ومعرفة أن الاعتماد على الأسباب أو على الآخرين لتحقيق النتائج لن يجلب سوى المزيد من الضغوط الإضافية على الحياة اليومية. ثانياً، فكّر بطريقة عكسية؛ أي ضع في الاعتبار: أنك إن لم توفّق أو لم تحصل على ما تريد، فلعل في ذلك خيراً من الله.. فأقدار المولى سبحانه وتعالى دائماً خير. ثالثاً، راقب طريقة تفكيرك ولا تجعلها تتجه نحو التخاذل.. بمعنى وجه طريقة التفكير دائماً نحو التفاؤل، وفي كل مرة يتوجه تفكيرك نحو اليأس والقنوط، عليك إعادة توجيهه نحو التفاؤل.. اجعل القيمة الأهم لطريقة تفكيرك هي (التفاؤل). هذه الخطوات هي مفاتيح أساسية لذهنية التوكل، ولكن ذلك لا يمنع من أن يضيف عليها كل شخص ما يراه مناسباً لتفعيل تلك المفاتيح أو الإضافة عليها للوصول إلى ذهنية التوكل بشكل كامل. ففي النهاية، من يحظى بذهنية التوكل على الله يحظى بكل شيء: يحظى بالتوفيق في حياته، ويحظى بالرضا بالأقدار، ويحظى بطاعة أمر الله جل جلاله.