التوكل هو طريقة تفكير.. مريحة وجميلة، خصوصاً في الزمن الراهن.. حيث كثرت الأسباب والرغبات.. وفي المقابل، كثُرت أيضاً النتائج المفاجئة.. وغير السارة. الإنسان يعرف أن الأمر ليس بيده، وأن قضاء الأمور ليس بيده، وتحقيق المصالح ليس بيده.. بل رزقه كله ليس بيده وإنما مربوط بقوى خارجية. نحن في زمن العمل المستمر والمنافسة العالية.. جداً. كل هذا ينتج عنه ضغوطات تجعل مهمة البحث عن أماكن الراحة الذهنية ضرورة للحفاظ على الذهنية الصحيّة. أفضل مكان راحة هو: إلقاء الأسباب والنتائج على القوى الخارجية. لهذا يعمل العقل دائماً على البحث عن ملجأ يتكل عليه.. هنا تأتي مفردة التوكل كمفردة مريحة للنفس الإنسانية. المهم هو معرفة أن من يذهب في توكله إلى أي اتجاه غير الله.. ويميل بتوكله إلى المخلوقات - أيا كانت - فقد ضل ضلالاً بعيداً. طريقة التفكير (التوكل) يجب أن تكون معتمدة على الإيمان المطلق بوجود قوي مدبّر مقدّر.. ورب حكيم عادل كريم غني.. ليس في القلب غيره.. فهذا هو من يستحق التوكل عليه.. لأن بيده الأمر كله.. هو الله. التوكل هو قمة الثقة بالله سبحانه وتعالى.. قمة الاعتماد عليه.. بأنه المعطي والمانع، الضار والنافع.. وهذا يؤدي لنتيجة: تفويض الأمر له ولمشيئته وقدرته. وقد جاء في السّلف، أن (التوكل جماع الإيمان)، وأنه (الغاية القصوى) التي يسعى أن يصل لها الإنسان ليعيش حياة صحية بذهنية سليمة. الجميل أن التوكل يقترن بالإيمان؛ وقد فرضه الرب تعالى على المؤمنين: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن صحة الإيمان متوقفة على التوكل، وأن (التوكل أصل مراتب العبادة في جميع مراحلها.. ولا تقوم إلا به). من أراد أن يعرف مدى إيمانه فلينظر في قدر توكله على الله وحده سبحانه وتعالى.. ويعمل على توحيد التوكل عليه جل جلاله؛ ومن المهم الوضع في الاعتبار أن العكس يؤدي للغرض.. أي: من أراد أن يقوّي إيمانه بالله، فليركز في كل عمل ونيّة على التوكل عليه وحده.. (.. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ..).