أعلنت بريطانيا رسمياً أن الشتاء سيبدأ الأحد القادم. وهو إعلان له مغزاه الخاص هذه السنة؛ إذ إن الشتاء سيحل في أتون موجة رابعة تشير كل الدلائل إلى أنها آخذة في الشدة، وأحياناً الضراوة في بعض مناطق القارة الأوروبية، حيث ترتفع الإصابات الجديدة والوفيات بشكل مفزع. وقد اختارت النمسا أن تواجه الموجة الرابعة من هجمة فايروس كورونا الجديد، ممثلاً في سلالة دلتا المتحورة وراثياً، بإجراءات محددة استهدفت الأشخاص الذين لم يخضعوا للتطعيم. وهم فئة تحمّلها حكومات عدة مسؤولية تفاقم الأزمة الصحية، ما يهدد الآمال في إمكان تعافي اقتصاد الدول الأوروبية. وهو ما يهدد أيضاً بسلب الأوروبيين حرياتهم، مثل ما حدث خلال الموجات الفايروسية السابقة. وفيما ارتفع العدد التراكمي لإصابات العالم أمس (الثلاثاء)؛ إثر تسجيل دول العالم 533920 إصابة جديدة (الإثنين)، إلى 254.63 مليون إصابة، وعدد وفيات العالم إلى 5.12 مليون وفاة أمس (الثلاثاء)؛ تجاوز عدد إصابات الولاياتالمتحدة فجر الثلاثاء 48 مليون إصابة. ورزئت أمريكا (الإثنين) ب 143685 إصابة جديدة؛ رافقتها 1129 وفاة إضافية. واضطرت النمسا إلى منع تحرك غير المطعمين- نحو مليوني نسمة- بعدما ارتفع معدل إصاباتها الجديدة بنسبة 134% خلال الأسبوعين الماضيين. واتخذت دول أوروبية عدة إجراءات متشددة أخيراً ضد من لم يخضعوا للقاحات كوفيد من سكانها؛ بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس الأول أن أوروبا قد تشهد وفاة نصف مليون شخص خلال أشهر الشتاء. وسجلت بلدان القارة زيادة بنسبة 10% من وفياتها خلال الأسبوع الأول من نوفمبر الجاري. وكان أكثر الوفيات وحالات التنويم في دول الشطر الشرقي من القارة العجوز. وأضحت الاحتفالات التقليدية بعيد الميلاد نهاية ديسمبر القادم تواجه تهديداً لا يخفى. ويقول العلماء إن غير المطعّمين هم الذين يسمحون للفايروس بأن يتفشى ويتحور وراثياً. ولذلك قررت الحكومات الغربية استهدافهم بتدابير صارمة. ووصفت أستاذة الطب بجامعة فيينا الطبية البروفيسور إيفا شيرهامر ما يحدث في النمسا بأنه تقليص كبير جداً للتواصل بين المحصنين وغير المحصنين. وأعلنت ألمانيا أنها في سبيلها لفرض قيود مماثلة على غير المطعّمين، تشمل عدم السماح بالسفر بالحافلات والقطارات إلا لمن يبرز نتيجة سالبة لفحص خضع له حديثاً. وتقول فرنسا إنه اعتباراً من 15 ديسمبر القادم لن يكون بمستطاع أي شخص تجاوز عمره 65 عاماً الحصول على شهادة تحصين إلا إذا حصل على جرعة تنشيطية ثالثة من لقاح كوفيد-19. كما قررت إلزامية ارتداء الكمامة في المدارس الابتدائية. وارتفع متوسط الإصابات الجديدة في فرنسا من 4 آلاف إصابة جديدة يومياً مطلع أكتوبر الماضي إلى أكثر من 8 آلاف حالة جديدة يومياً. وفي إيطاليا، لم يعد مسموحاً للموظف، أو العامل، دخول مكان عمله إلا بشهادة تحصين، أو شهادة تعافٍ من الوباء، أو الخضوع لعدد من مسحات الفحص على حسابه الخاص. وأعلنت الحكومة الإيطالية أنه اعتباراً من أمس (الثلاثاء) لن يسمح لأي شخص بركوب القطارات العالية السرعة إلا إذا أبرز شهادة تحصين. وستقتصر الرحلة بسيارات الأجرة على راكبين فقط؛ إلا إذا كان جميع الركاب أفراد أسرة واحدة. وذكرت السلطات الصحية الألمانية أمس أن معدل الحالات الجديدة ارتفع إلى رقم قياسي، هو 312.4 إصابة بين كل 100 ألف من السكان. وأعلنت قيد 365 وفاة إضافية، تعد الأعلى منذ 27 مايو الماضي. أما عدد الإصابات الجديدة (الإثنين) فبلغ 32048، قياساً ب 21832 إصابة جديدة الأسبوع الماضي. ومن المقرر أن تعقد المستشارة المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل وخليفتها المرتقب أولاف شولز اجتماعاً غداً (الخميس) مع حكام مقاطعات البلاد لمناقشة التدابير الكفيلة بكبح الموجة الفايروسية التي تجتاح ألمانيا. وكان الوضع أشد سوءا في أوروبا الشرقية. وعزا خبراء ذلك إلى خضوع الأنظمة الشرقية عقوداً للحكم الشيوعي، وهيمنة الاتحاد السوفيتي السابق. ودفع ذلك غالبية سكان تلك البلدان إلى عدم الثقة بالمعلومات الرسمية، وبالتالي التشكيك في جدوى اللقاحات التي تتيحها تلك الحكومات لصد نازلة كورونا. ففي رومانيا- الأقل تطعيماً لسكانها في القارة العجوز- ارتفع عدد وفيات كوفيد ليصبح الأكبر هناك. كما أن مستشفيات بلغاريا لم تعد فيها أسرّة شاغرة لاستقبال المصابين. ويتزايد عدد الوفيات بشكل مفزع في روسيا وأوكرانيا، اللتين لم تطعّما سوى أقل من 50% من سكان كل منهما. وعلى رغم أن إيطاليا تطبق أشد الأنظمة تشدداً في شأن التطعيم؛ وعلى رغم أنها قامت بتلقيح أكثر من 80% من سكانها الذين تجاوزت أعمارهم 12 عاماً؛ فإن مناطق الشمال الإيطالي تصطلي أكثر من غيرها من مناطق البلاد بالموجة الحالية. وانتظمت اليومان أمس بمظاهرات حاشدة احتجاجاً على قرار الحكومة اليونانية إلزامية شهادة التحصين لدخول المرافق الحكومية، والبنوك، والمتاجر، وصالونات الحلاقة، والمطاعم، والمقاهي. بريطانيا.. هل تعود ل «الإغلاق» ؟ زادت المخاوف في بريطانيا من احتمال فرض الإغلاق مجدداً، وربما إلغاء احتفالات عيد الميلاد نهاية ديسمبر القادم، مع اقتراب الشتاء، واستمرار تزايد الإصابات الجديدة بكوفيد-19. وتعمّقت تلك المخاوف أمس، بعدما رفض رئيس الحكومة بوريس جونسون استبعاد الإغلاق خلال عيد الميلاد. وناشد جونسون شعبه المسارعة للحصول على الجرعة التنشيطية الثالثة من لقاحات كوفيد-19. وأكد أن البيانات التي بين يديه لا تشي باحتمالات فرض إغلاق جديد. لكنه قال: من الواضح أنه لا يمكنني استبعاد أي شيء. وحذر رئيس الوزراء، الذي بدا أنه يعاني من نزلة برد، من خطورة تزايد التفشي الفايروسي في أرجاء أوروبا. وأضاف أن ذلك يحتم على بريطانيا عدم التهاون في حماية شعبها. وأقر جونسون بأن حكومته قد تطلب من السكان إبراز شهادة تحصين تتضمن الجرعة التنشيطية الثالثة شرطاً للسفر. وسجلت بريطانيا أمس 39705 إصابات جديدة خلال الساعات ال 24 الماضية، بارتفاع يفوق 25% عن يوم الإثنين من الأسبوع الماضي. وأعلن جونسون، في مؤتمر صحفي، أن أي بريطاني في ال 40 من عمره أو أكثر يمكنه التقدم إلى مراكز التطعيم للحصول على الجرعة التنشيطية الثالثة، من دون موعد مسبق. وأضاف أن جميع البريطانيين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً يجب أن يبادروا بالحصول على جرعتهم الثانية من لقاحات كوفيد-19.