أشارت تطورات أمس إلى أن الأمل غدا كبيراً جداً في إمكان التوصل إلى «قرص سحري» من شأنه أن يدحر وباء فايروس كورونا الجديد. وهو ما وصفت بلومبيرغ جانباً منه بأنه قد يكون «السلاح السري» بيد الرئيس الأمريكي جو بايدن. فقد أعلن الليل قبل الماضي في عدد من العواصم الغربية أن كبريات شركات الأدوية بدأت برنامجاً متسارعاً للتوصل إلى «حبة» يتم يتاولها بالفم لمنع الفايروس من إلحاق الضرر بمن التقطوا عدواه. وذُكر أمس أن شركة فايزر الدوائية الأمريكية، وهي الشركة التي طورت أول لقاح تم إقراره ضد الوباء، بالتعاون مع شركة بينتوك الألمانية، بدأت المراحل الأخيرة من تجارب سريرية على عقار أطلقت عليه PF-07321332. وهو دواء يحتوي على مادة قادرة على حجب إنزايم يستخدمه الفايروس لاستنساخ نفسه داخل الخلية الإنسانية. وكانت العقاقير التي تحتوي على المادة التي تقمع بروتين الاستنساخ لدى الفايروسات قد استخدمت بنجاح ضد فايروسات، منها فايروس «اتش آي في»، المسبب لمرض النقص المكتسب في جهاز المناعة (ايدز)، والتهاب الكبد الوبائي (ج). وقد تم استخدامها منفردة، وأحياناً إلى جانب عقاقير أخرى مضادة للفايروسات. وتعتقد شركة فايزر أن دواءها السحري الجديد لن يواجه عقبات تذكر، لأن العقاقير المماثلة له لم يتم الإبلاغ عن أي مشكلات فيها تتعلق بمأمونيتها، وفعاليتها. وتكشف الليل قبل الماضي أن شركتي أدوية كبريين، هما ميرك وشركاه الأمريكية، وروش هولدينغ السويسرية؛ تجريان أيضاً تجارب سريرية مماثلة في مراحلها الأخيرة. وإذا تناول المصاب هذا القُرص حال شعوره بأعراض الإصابة بالفايروس فلن تتدهور صحته، ولن يكون الأطباء بحاجة إلى تنويمه في المستشفيات. ومما يمتاز به هذا الدواء أنه يسهل تصنيعه بكميات كبيرة، كما أن تكلفته زهيدة نسبياً. وإذا تم توفير تمويلات كافية لهذه التجارب السريرية ومحاولات التصنيع؛ فمن المتوقع أن يكون لهذا القرص سلاح ماضٍ وحقيقي ضد الوباء العالمي. وكانت الولاياتالمتحدة تعهدت في يونيو الماضي بتقديم 3.2 مليار دولار لمساندة مساعي شركة ميرك وشركاه في هذا الشأن. وفي لندن، أعلنت مؤسسة ويلكوم ترست للأبحاث الطبية الخيرية تبرعها أمس ب 8 ملايين جنيه إسترليني (11 مليون دولار) لمساع يبذلها علماء بجامعة أكسفورد لتطوير قرص مماثل، من شأنه كبح الدهون (بروتين) الرئيسية التي يلجأ إليها الفايروس لاستنساخ نفسه داخل خلايا المصاب. وقال المشرف على تجارب القرص البريطاني المضاد لكوفيد البروفيسور فرانك فون ديلت إن التمويل الجديد سيقود المشروع إلى مرحلة التجارب السريرية، لكنه أقر بأن هذه الجهود لا يمكن أن تنافس مساعي الشركات الدوائية الكبرى. وتقول شركة فايزر إن تجاربها السريرية في مرحلتها الثالثة والأخيرة ستشمل 2600 متطوعاً من الأصحاء الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً، يقيمون في المنازل نفسها مع أحد أفراد العائلة الذين تمت إصابته بالفايروس. وسيتم إعطاء نصف عدد هذه المجموعة قرصاً من الدواء الجديد وجرعة منخفضة من عقار ريتونافير، وهو دواء قديم مضاد للفايروسات يستخدم لعلاج مرض الايدز. وسيطلب من هؤلاء المتطوعين تناول هذا القرص إما مرتين يومياً لمدة 5-10 أيام. وسيراقب العلماء مدى فعالية القرص الجديد في منع الإصابة وكبح أعراضها لمدة تصل إلى 14 يوماً بعد التعرّض للفايروس. وتقول شركة ميرك وشركاه الدوائية الأمريكية إن عقارها الجديد المضاد لكوفيد-19 يسمى مولنوبيرافير. وتشمل تجاربه مرضى غير منومين لمعرفة مدى قدرته على تقليص مخاطر تنويمهم، أو وفاتهم بالفايروس. ولاحظت بلومبيرغ أمس أن رهان بايدن على القرص السحري لا يختلف كثيراً عن مراهنة سلفه دونالد ترمب على عقاقير ثبت عدم جدواها في كبح الوباء. وأضافت أنه إذا فشلت التجارب الراهنة؛ فستكون الإدارة الأمريكية مثل سابقتها قد أهدرت أموالاً ضخمة. غير أنه إذا نجحت التجارب فسيؤدي العقار الجديد إلى تغيير حقيقي في قواعد اللعبة ضد كوفيد. وشددت على أن التوصل إلى هذا القرص السحري سيكون زهيداً جداً، مقارنة بالكلفة العالية لابتكار لقاح، وإنتاجه بكميات كبيرة، وتوفير اشتراطات تخزينه، وإستراتيجية توزيعه؛ إذ إن القرص الجديد يسهل إنتاجه بالآليات نفسها المستخدمة في مصانع الأدوية، ويمكن توزيعه بمنتهى السهولة على الصيدليات. ومن الواضح أنه في حال نجاح الساعي الرامية للتوصل إلى قرص ناجع لدحر كورونا فإن الدول الفقيرة والمتدنية المداخيل ستكون المستفيد الأكبر. وبسبب غلاء كلفة اللقاحات، والأدوية المصنوعة من الأجسام المضادة لم تتمكن الدول النالمية من تطعيم أكثر من 2% من سكانها، بحسب الإحصاءات المتاحة في 9 سبتمبر الجاري. سانوفي تغادر ملعب لقاح كورونا أعلنت شركة سانوفي الدوائية الفرنسية العملاقة الليل الماضي أنها لن تواصل مساعيها الرامية لإنتاج لقاح مضاد لوباء كوفيد-19، يقوم على تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي. وبررت قرارها بالقول إن فراغها من ابتكاره سيكون متأخراً للحاق بسوق اللقاحات المضادة لكوفيد-19. وجاء قرار ساتنوفي على رغم نتائج إيجابية من بيانات مرحلتين أولى وثانية من تجارب سريرية أجرتها على لقاحها. وقال رئيس قسم اللقاحات في سانوفي توماس تريومف، في مؤتمر صحفي في باريس، إنه بدلاً عن ذلك ستركز الشركة الفرنسية على ابتكار لقاح جديد يمكن استخدامه كجرعة تنشيطية للمناعة. وأوضح أن سانوفي تقوم بتطوير الجرعة المشار إليها بالتعاون مع عملاق الأدوية البريطاني غلاكسوسميثكلاين. وتوقع أن تحصل الشركتان على الموافقات اللازمة على لقاحهما الجديد بحلول نهاية السنة الحالية. وتلقت الشركتان طلبات من بريطانيا والاتحاد الأوروبي لتزويدهما بأكثر من 75 مليون جرعة تنشيطية من اللقاح الجديد. وتعهدت الشركتان بتزويد مبادرة كوفاكس، التي تقودها منظمة الصحة العالمية لإتاحة اللقاحات للدول النامية، ب 200 مليون جرعة من لقاحهما التنشيطي الجديد.