الفَتَّاح اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى ورد مرة واحدة مفردا في القرآن الكريم مقرونا بالعليم: (.. وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)، ومرة بصيغة الجمع (.. وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)، وقد نسب الله تعالى الفَتح إلى نفسه: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا). واسم الفَتَّاح فيه من الأسرار ما يبعث على الطمأنينة والأمل والثقة بأن الله هو الحق والعدل، وأنه هو الرّزاق الرحيم، وهو الناصر والوهّاب. الفَتَّاح سبحانه هو الذي يدحض الباطل ويبطله.. ويكشف الغمّة عن النّفس ويأتي بالفرج وييسر أبواب الرزق. حين يمنح الخالق تعالى عبده نور البصيرة ويقوده لدروب الإيمان فهو الفَتَّاح. يقول ابن القيّم رحمه الله في شرح اسم الفَتَّاح: فتحٌ بحكم وهو شرع إلهنا والفتحُ بالأقدار فتحٌ ثان. فحين تنغلق الأبواب أمام العبد، فإن خير من يلجأ إليه هو الفَتَّاح سبحانه وتعالى ليفتحها له برحمته وقدرته وعلمه. من يمنّ الله عليه بالفتح فقد أعطاه من رحمته كثيرا؛ فهو يفتح عليه بالفهم والهداية والتوفيق، ويفتح له الرزق، ويفتح عليه ما انغلق من الأمور والأسباب. فرحمة الله تعالى كلها فتح: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا..). ومن أنواع فتح الله على عباده أن يشرح صدرهم للإيمان والعلم والتفقه في الدين. الدعاء بالفَتَّاح هو استدعاء لنور الله.. فحين يشعر العبد بالوحشة والضيق والحيرة فهو يلجأ للفَتَّاح ليزيل عنه الغمّة والابتلاء ويشرح صدره لنوره الكريم.. وحين تضيق الأرض بما رحبت.. لا ملاذ إلا عند الفَتَّاح ليفتح كل عسير وييسر كل أمر: (.. فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ..) يفتح له ما انغلق ويشرح صدره بعد ضيق ويسخر له الرّزق من حيث لا يحتسب. من يؤمن باسم الفَتَّاح حق إيمانه: يؤمن بأن الله هو العدل وهو الحاكم والحكيم.. إيمان يملأ القلب طمأنينة وسكينة. التوجه للفَتَّاح هو ملاذ المكروبين والمظلومين وقليلي الحيلة.. وهو نهج الأنبياء والرسل عليهم السلام: (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ..)، فهو الفاتح بين عباده في الدنيا والآخرة. الإيمان باسم الفَتَّاح يحفّز العبد على الاجتهاد والأخذ بالأسباب وعدم التراخي والتقاعس والإحباط، ففي النهاية هو يعمل وسعَه وطاقته ومعرفته، أما الفتح فما هو إلا من عند الفَتَّاح. حظ العبد من اسم الفَتَّاح: دوام التوكّل والاعتماد على الله قبل الأخذ بالأسباب، وأن يطلب منه وحده مفاتيح الخير، وأن يدعو الله ويجتهد ليجعله من العباد الذين اختصهم ليكونوا من مفاتيحه الذين يسخّرهم لفتح أبواب الخير، يقول عليه الصلاة والسلام: (إن هذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير..). الفَتَّاح يفتح لعباده منافع الدين والدنيا، ويفتح أقفال القلوب ويُنزل عليها ما يصلحها من معارف روحانية وحقائق ربانية ويهيئ من الأسباب ما لا يحتسبه الإنسان. من يؤمن بالفَتَّاح ويتوكل عليه حق توكل، يعطيه الله فوق ما يطلب ويأمل.. وييسر له العسير.. فهو فاتح كل أنواع الرزق وبيده سبحانه كل مفاتيح خزائن السماوات والأرض.. والإيمان به يريح النفس والعقل ويرتقي بالروح لأعلى درجات الأمل.