تعاظمت المحنة التي يواجهها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بعدما بدا واضحاً أن معدلات تفشي فايروس كورونا الجديد تسير في الاتجاه الخاطئ. وبدأت تتزايد التوقعات بأن يوم تحرير بريطانيا من قيود الإغلاق، المحدد له 21 يونيو الجاري، مصيره التأجيل. وتشتد الضغوط على جونسون بوجه خاص من قبل رجال الأعمال وعدد كبير من نواب حزب المحافظين التواقين إلى عودة الحياة لطبيعتها في بريطانيا. ويرى رجال الأعمال أن على الحكومة أن تعد خطة لتقديم دعم مالي سخي إذا لم يكن ثمة مندوحة من تمديد تدبير الإغلاق إلى ما بعد 21 الجاري. لكن جونسون ووزراءه تحكمهم الأرقام، وليس الأماني. فقد سجلت بريطانيا 6238 إصابة جديدة خلال الساعات ال24 الماضية، بزيادة أكثر من ألف إصابة جديدة عن الخميس. وهي المرة الأولى التي يرتفع فيها عدد الحالات الجديدة على ستة آلاف منذ 26 مارس الماضي. كما أن أرقام الجمعة تمثل ارتفاعاً بأكثر من 50% مقارنة بالأسبوع الماضي. وكان وزراء جونسون قالوا الأسبوع الماضي إنهم سيشعرون بالقلق حقاً إذا تجاوز عدد الإصابات الجديدة 5 آلاف في يوم واحد. وأظهرت أرقام الخدمة الصحية الوطنية أن عدد الإصابات تجاوز الأسبوع الماضي 86 ألفاً، مقارنة ب48.500 إصابة خلال الأسبوع الذي سبقه. وأشارت إلى أن عدد الحالات الجديدة ظل في ارتفاع منذ أواخر مايو الماضي. وقفز في الآونة الأخيرة من 2500 إصابة يومياً الى 4147 يومياً في المتوسط، أي أنه ارتفع بنحو 60%. وقال مهندس الإغلاق الأول البروفسور نيل فيرغسون أمس، إن تسارع تفشي السلالة الهندية (السلالة دلتا) «ليس إيجابياً من كل النواحي». وأضاف أنها بدت أكثر قدرة على التفشي من سلالة كنت البريطانية بمعدل يراوح بين 30% و100%. وأعلنت هيئة الخدمة الصحية العمومية في إنجلترا أمس الأول، أنها رصدت 43 إصابة جديدة بسلالة متحورة نشأت في مملكة نيبال، يعتقد بأنها مقاومة للقاحات المضادة لكوفيد-19. ورجحت أن هذه السلالة وفدت لبريطانيا مع عائدين من محاولة تسلق قمة إيفرست. وأوضحت أنها رصدت 13 مصاباً كانوا ضمن مسافرين على متن رحلة جوية من نيبال إلى اليابان بهذه السلالة التي تتكون من مزيج من التحورين الوراثيين في السلالتين الهنديةوالجنوب أفريقية. وأوضحت أن عدد الإصابات بالسلالة النيبالية بلغ 43 إصابة منذ رصدها للمرة الأولى في بريطانيا في 14 أبريل الماضي. وأشارت إلى أنه تم تسجيل إصابات بهذه السلالة الفايروسية في الولاياتالمتحدة، والهند، والبرتغال. وقال علماء بريطانيون إن السلالة النيبالية أخذت أسوأ تحور وراثي من السلالة الهندية، الذي يتيح لها التفشي المتسارع؛ وأخذت من سلالة جنوب أفريقيا أسوأ ما فيها وهو قدرتها على إبطال فعالية اللقاحات. وإزاء التحدي المتمثل في السلالتين الهندية والنيبالية، وجد جونسون نفسه في محنة كبيرة. فمن المقرر أن يؤدي قراره المرتقب في 21 الجاري الى إعادة فتح الأندية الليلية، وإلغاء التباعد الجسدي، وعودة المتفرجين إلى الملاعب الرياضية، وإقامة الزيجات بلا قيود على عدد المدعوين إلى حضورها. وقال البروفسور فيرغسون، وهو أستاذ في علوم مكافحة الأوبئة بجامعة كينغز كوليدج في لندن، في مقابلة بثتها شبكة «بي بي سي» الليل الماضي، إن جونسون يواجه تحدياً صعباً يتمثل في الموازنة بين رغبات الناس الداعية للعودة للحياة العادية، وبين الخطر المحتمل من عودة التفشي الفايروسي. وسيواجه جونسون تمرداً كبيراً من نواب حزب المحافظين الذي يتزعمه إذا قرر تأجيل «يوم الحرية»، الذي يعتبرونه وعداً من حكومة حزبهم لناخبيها. ويتمسكون بأن حملة التطعيم تتسارع بشكل مُرضٍ. كما أن بريطانيا شهدت أخيراً يوماً لم تحدث فيه أية وفاة بالفايروس، للمرة الأولى منذ اندلاع الجائحة. لكن جونسون -على الطرف الآخر- عليه أن يوازن بين تلك الرغبات والتأثيرات التي ستحدث للصناعات، والصحة العقلية لأفراد الشعب، وفرص التوظيف إذا تعرضت البلاد لهجمة وبائية جديدة. وأبلغ علماء اللجنة العلمية التي تستشيرها الحكومة جونسون بأن عليه أن يؤجل «يوم الحرية» لبضعة أسابيع إذا أراد أن يتفادى وضعاً قد يرغمه على إعادة فرض الإغلاق الكامل. وبالفعل اضطرت الحكومة البريطانية الى تشديد القيود على السفر للخارج الأسبوع الماضي، مزيحة البرتغال من قائمتها الخضراء للدول المسموح للبريطانيين بتقضية عطلتهم الصيفية فيها. السلالة النيبالية: الاسم: دلتا+K417N المنشأ: نيبال تفشيها: بريطانيا، اليابان، أمريكا، البرتغال، الهند. تحورها: جميع خصائص السلالة الهندية سريعة التفشي، علاوة على التحور K417N المقاوم للقاحات. وهو من خصائص السلالة الجنوب أفريقية.