بعدما بدا أن بلدتي بيدفورد وبولتون الإنجليزيتين تمكنتا من السيطرة أمس على تسارع تفشي السلالة الهندية، أضحت بلدتا بلاكبيرن وداروين الأسوأ إصابة بهذه السلالة حالياً. وإثر هذه البيانات المثيرة للقلق، طالب عدد متزايد من العلماء الذين يقدمون النصح إلى الحكومة البريطانية رئيس الوزراء بوريس جونسون بالإقدام على اتخاذ قرار يقضي بتأجيل الرفع الكامل لتدابير الإغلاق، الذي حدد له 21 الجاري موعداً. وقد اصطلح البريطانيون على تسمية هذا الموعد ب«يوم الحرية». ونقلت الصحف البريطانية أمس (الثلاثاء) عن عدد من أولئك العلماء، تحذيرهم من أن سلامة السكان أضحت «على المحك»؛ بسبب تسارع تفشي السلالة الهندية في أرجاء بريطانيا. وأشارت بيانات وزارة الصحة البريطانية أمس، إلى أن بلدة بلاكبيرن، في مقاطعة لانكشاير، غدت الأكثر تفشياً وبائياً، إذ بلغ معدل الإصابة فيها 365 حالة من كل 100 ألف شخص. وقال وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس إن الحكومة لا تستبعد أي خيار في معركتها الهادفة لاحتواء الفايروس خلال الصيف. لكنه قال إنه لن يكون مفاجئاً أن يحدث ارتفاع في عدد الإصابات الجديدة نتيجة لتخفيف تدابير الإغلاق، أو رفعها بالكلية. ونسبت صحيفة «ديلي ميل» أمس إلى أحد علماء الحكومة تحذيره رئيس الوزراء من أن السلالة الهندية «زلزال يمكن أن يجتاح البلاد». وذكر اتحاد أطباء بريطانيا، في بيان، أن بريطانيا تواجه لحظة حاسمة في معركتها ضد وباء فايروس كورونا الجديد. وطالب البروفيسور آدم فين رئيس الوزراء بالإقرار بأن بريطانيا لا تزال هشة، وأن المهمة لم تكتمل بعد. وحض اتحاد أطباء بريطانيا جونسون على ضرورة أن تقوده البيانات، لا التواريخ؛ في إشارة إلى وعده بإبطال قرارات الإغلاق كافة بحلول 21 يونيو. وحذر استشاري في الأمراض التنفسية من أن «براكين وبائية صغيرة» ستندلع في مستشفيات في أرجاء بريطانيا. بيد أن علماء آخرين رأوا أنه لا يزال سابقاً لأوانه القطع بتأجيل «يوم الحرية»، أو الوفاء به. وقالوا إن كل شيء سيتوقف على البيانات التي ستحصل عليها الحكومة عن الوضع الوبائي في البلاد حتى 14 الجاري. ووسط القلق من الاتجاه الذي سيسلكه الوباء العالمي في بريطانيا؛ وعلى رغم الانخفاض الكبير جداً في عدد الوفيات الناجمة عنه؛ فإن وزراء في حكومة جونسون أعربوا عن اعتقادهم بأن البقاء في المسار المحدد لخريطة الطريق إلى «يوم الحرية» سيتوقف على إعطاء مزيد من السكان الجرعة الثانية من اللقاحات المضادة لكوفيد-19. وتشير البيانات إلى أن الإصابات بكوفيد-19 آخذة في الارتفاع في معظم أنحاء بريطانيا. كما أن الفترة من 24 إلى 30 مايو الماضي شهدت 60 وفاة تم قيدها خلال 28 يوماً من نتيجة موجبة للفحص. ويمثل ذلك زيادة نسبتها 42.9% مقارنة بالأسبوع السابق. وتقول الحكومة إن السلالة الهندية غدت سبباً لثلاثة أرباع عدد الإصابات الجديدة. وحض المحاضر في جامعة كامبريدج البروفيسور رافي غوبتا الحكومة أمس، على تأجيل «يوم الحرية» بضعة أسابيع، حتى يمكن تطعيم مزيد من السكان قبل التخلي عن قيود التباعد الاجتماعي. وأشار إلى أن ثمة دلائل تؤكد أن بريطانيا بدأت بالفعل تواجه «موجة ثالثة» من الهجمة الفايروسية، بعدما زاد عدد الحالات الجديدة على 4 آلاف إصابة الجمعة الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ نحو شهرين. وفيما ظل جونسون ووزراؤه يتمسكون طوال الفترة الماضية بأنهم لن يخلفوا وعدهم بتحرير الشعب البريطاني من قيود كوفيد-19، بحلول 21 يونيو، بدأت لهجتهم تتغير منذ أمس، بإقرارهم بعدم استبعاد أي قرار آخر، وبانتظار بيانات 14 الجاري. طالب أكثر من 100 من أعضاء مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، زعماء دول مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بالتبرع باللقاحات للدول الفقيرة، لمنع فايروس كورونا الجديد من إطلاق مزيد من سلالاته المتحورة وراثياً. وجاءت رسالة وقعها النواب المنتمون إلى أحزاب مختلفة متزامنة مع انعقاد قمة مجموعة السبع التي تستضيفها بريطانيا في 11 يونيو الجاري. ويتوقع أن يكون عدم التساوي في امتلاك اللقاحات إحدى القضايا الرئيسية للقمة. وتتزايد الضغوط على الدول الكبرى لمعالجة هذا الخلل الذي سمته منظمة الصحة العالمية «أبارتهيد اللقاحات». وتمكنت دول كبرى، كالولايات المتحدةوبريطانيا من تطعيم الفئات الشابة من سكانها، والقضاء إلى حد كبير على أزمتها الصحية، من خلال امتلاكها مئات الملايين من جرعات اللقاحات. وتقول منظمات دولية إن بوسع الدول السبع ودول الاتحاد الأوروبي أن تتبرع ب153 مليون جرعة، من دون أن يؤثر ذلك في سير حملاتها لتطعيم سكانها.