في هذه المرحلة اللبنانية التعيسة لا تستغربوا أي شيء يحدث في لبنان أو يقال على لسان بعض مسؤوليه الذين جاءت بهم المرحلة إلى المشهد. هذا شيء طبيعي ومتوقع ومفهوم، فمرحلة كهذه لن تستقطب الساسة المحنكين الذين يجيدون شروطها وأدبياتها وأساليبها وبروتوكولاتها، ويحسنون الحديث فيها، ويدركون جيداً تبعات وارتدادات تصريحاتهم. إنها مرحلة من أسوأ مراحل التأريخ اللبناني، فبعد الزعامات اللبنانية التي سطعت في سماء السياسة العربية منذ استقلال لبنان وصولاً إلى رفيق الحريري، بدأت النكسة اللبنانية بسيطرة حزب الله على مقدرات لبنان، وظهور مسؤولين على شاكلة شربل وهبة وأسوأ منه، فماذا بالله نتوقع منهم. إن الأشد سوءاً في مقابلة السيد شربل ليس الكلام الذي تلفظ به على الشعب السعودي والخليجي والاتهامات الجوفاء بشأن المنظمات الإرهابية، فذلك متوقع من شخص مأزوم اختاره حزب إرهابي وفرضه على الحكومة اللبنانية بعد فرض سيطرته على كل مفاصل لبنان، إن الأسوأ يتمثل في إثبات شربل وهبة أن لبنان مستمر في السقوط إلى قاع هاوية سحيقة، وهذا أمر طبيعي عندما يتحكم فيه منطق العصابة التي تحتله. إن لبنان بهذه الحالة المستعصية يثبت للعالم أنه يعاني من مرض عضال ينهشه بسرعة وشراسة اسمه حزب الله. إن مسألة البدو التي ذكرها مسيو شربل يجب أن نكون قد تجاوزنا التحسس منها، وهي في كل الأحوال ليست مسبة أو نقيصة، هي فخر ودليل على قدرة الشعوب الأصيلة على تحقيق المعجزات، إنها دليل عجز قائليها وفشلهم الذريع في اللحاق بركب البدو. كما أن اتهامه المضحك في مسألة إنشاء المنظمات الإرهابية هو خير دليل على مستوى تردي وعي الدبلوماسية اللبنانية في هذا الزمن، زمن شربل وأمثاله. سوف تتكفل الدبلوماسية السعودية والخليجية بالتعامل مع الأخ العاق لبنان، وسوف نمضي نحن في مشروعنا الحضاري الإعجازي، الذي أسقط كل النزعات الشوفينية والمصطلحات الفوقية للذين ما زالوا يرزحون في الماضي، ويحتاجون إلى سنوات ضوئية لتقليص مسافة التقدم بيننا وبينهم.