إذا لم تستحِ فافعل ما شئت.. تلك هي حال ملالي قم والنظام الإيراني الذي ظل مثخناً بالجراح وتجرع السم منذ اندلاع ثورتهم في 1979. فهم كاذبون ولا يخجلون من كونهم الدولة الإرهابية الأولى في العالم، ومن كونهم جبناء، لا يواجهون خصومهم مباشرة، وإنما يشترون الأتباع ويجندون الوكلاء بأرخص الأثمان ليقوم «عملاؤهم» بالفوضى نيابة عنهم. وحين يتعرض نظامهم، وبرامجهم السرية، خصوصاً البرنامج النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية؛ للاختراق، والتخريب، يكتفون بالتنديد والوعود.. لكنهم يظلون قلقين ويرتعدون، ويتفننون في اختراع «النفخات» التخويفية، كإعلانهم أخيراً أنهم قرروا بدء تخصيب اليورانيوم بمنشأة نطنز بنسبة 60%، وهو ما يعني «إياك أعني واسمعي يا واشنطن».. لكنهم يديرون وجوههم إلى الجانب الآخر من الحائط، لا يريدون أن يواجهوا حقيقة أن حرسهم الثوري -ذراعهم الإرهابية في الداخل والخارج- مخترق، وعاجز عن حماية برنامجهم النووي، وعلماء مفاعلاتهم النووية. فخلال السنوات الثلاث الماضية ارتكب الحرس الثوري أخطاء عدة، وتعرض لضربات لا يزال يترنح منها. فقد أسقط طائرة الركاب الأوكرانية ليقتل 176 مدنياً، وتعرضت منشأة نطنز -جوهرة البرنامج النووي- للتخريب، وتم اغتيال أكبر علماء البرنامج، بل مؤسسه محسن فخري زاده، وتم استهداف قاعدته البحرية العائمة على البحر الأحمر، وتم اصطياد قائده الميداني قاسم سليماني في سيارته ببغداد.. وأخيراً وليس آخراً الوفاة الغامضة لنائب قائد فيلق القدس العميد محمد حجازي الداعم الأكبر بعد سليماني للمليشيات الإرهابية في المنطقة، خصوصاً مليشيا الحوثي في اليمن و«حزب الله» في لبنان. وحتى الآن لا يفعل الحرس الثوري سوى الجعجعة، ليس عن حكمة، بل ضعفاً، وارتعاداً، وخوفاً من مستقبل أفعاله وملامح ما يحدث له من خيبات وإخفاقات متتالية، وآخرها ما تعرضت له منشأة نطنز من تخريب آخر الأسبوع الماضي. وفي أتون هذا الجحيم من الخراب، والاختراقات، والعجز عن التصدي، أعلنت إيران أنها ستخصب اليورانيوم بنسبة 60%، وهو ما وصف بأنها محاولة بائسة لحفظ ماء الوجه، ولذلك كان طبيعياً أن يبدأ ارتفاع الأصوات المنتقدة للحرس الإرهابي الباطش، خصوصاً من نائب الرئيس الإيراني إسحق جهانجيري، الذي قال أخيراً، في مقطع مرئي انتشر على نطاق واسع: لا أحد على استعداد لتحمّل مسؤولية ما حدث في نطنز. غير أن عجز إيران، وجُبن قادتها، وسهولة اختراق واحتراق أمنها وبرامجها السرية لا تعني أن على العالم الاستهانة بإعلان الملالي نيتهم تسريع تخصيب اليورانيوم بنسبة تدل دلالة واضحة على أنهم يسعون إلى امتلاك سلاح نووي، وليس برنامجاً نووياً سلمياً كما ظلوا يزعمون. الأكيد أنه على رغم تأكيد الحلفاء الغربيين أنهم لن يسمحوا لإيران بامتلاك قنبلة نووية؛ فإن ذلك ليس كافياً وحده لردع الملالي والتصدي لمليشياتهم الإرهابية في اليمن ولبنان والعراق وسورية ومواجهة أدوارها الإجرامية. لا بد من تبلور تحالف دولي وإقليمي ناشط وفعال؛ للاستعداد لخطوة متقدمة لإحباط المخططات الإرهابية الإيرانية لمنعها من زعزعة استقرار الإقليم وأمن العالم، وتهديد مصادر الطاقة العالمية. الأكيد أن نظام الملالي يناور ويشتري الوقت لخداع العالم.. ويجب أن لا يخدع العالم مرتين، ولا يسمح لأصحاب العمائم الإرهابية بذلك مجدداً.