في خضم كل ما يموج به العالم من صراعات وتجاذبات لم يخفف من وطأتها وجود وباء عالمي قتل مليون إنسان، ما زالت المظاهرات والاعتصامات المطولة مستمرة بأنحاء العالم فلماذا كل هذا؟ ماذا يعني أن تقوم الشرطة الفرنسية بضرب مواطنيها لاحتجاجاتهم المستمرة على قانون يقيد حرية الصحافة؟ وقبلها قمعت احتجاجاتهم على السياسات المالية، ماذا يعني ضرب الشرطة الهندية للمزارعين المعتصمين منذ أشهر احتجاجاً على قانون زراعي يعتبرون أنه يضرهم؟ ماذا يعني كل ما تقرره الهيئات والمؤسسات الحكومية والدولية المتخصصة بكل المجالات في كل العالم بخاصة الاقتصادية منها؟ وما هي بالأصل الغاية من إيجاد تلك المؤسسات؟ وما معنى وغاية الحركات والجماعات الإسلامية التي حوّلت حياة المسلمين لجحيم واستجلبت عليهم الدمار والقتل الجماعي والاضطهاد كردة فعل من الآخرين على إرهاب الجماعات؟ ما معنى وغاية كل الأحزاب السياسية والعقائدية الدينية واللا دينية بالعالم؟! أسئلة وجودية يجب أن تثيرها أحداث العالم لإيقاف هذا الانسياق اللا واعٍ وراء ردات الأفعال دون بصيرة ترشّدها، لأن ردات الأفعال المتبادلة اللا واعية تستمر بلا نهاية ويبقى التاريخ يكرر عبرها نفسه ولا يبدو أن هناك هدفاً وغاية محددة يمكن أن تتحقق من ورائها، ولذا تبدو عبثية وعدمية، والسبب هو؛ فقد البصيرة بالغاية الأصلية الجوهرية المفترضة من وراء كل ما يحدث بالعالم وكل ما يقام في العالم من هيئات ومؤسسات وكيانات وسياسات وتصورات وقرارات. أي أن تشريع السبت كعطلة أسبوعية دينية جُعل لكي يكون في خدمة مصلحة الإنسان وليس لكي يكون الإنسان مسخراً لتمجيد هذه العطلة على حساب المنفعة والمصلحة الفردية والجماعية، وهذه هي البصيرة الكبرى الجوهرية التي بفقد الناس لها فقدوا ميزان رشد المصلحة، وبالتالي صارت كل سياساتهم وقراراتهم وغاياتهم وتصرفاتهم وآرائهم متضاربة ومتناقضة وبلا منفعة ولا مصلحة عامة حقيقية لأحد، فكل ما بهذا العالم من سنن وقوانين وأنظمة وعمليات طبيعية ومخلوقات غاية وجودها هي؛ خدمة مصلحة ومنفعة الإنسان فرداً وجماعة، ولذا الحال المثالي أن تكون غاية المؤسسات والكيانات والسياسات والقرارات هي؛ نفع ومصلحة الإنسان فرداً وجماعة ويشمل ذلك الفتاوى الدينية، لا أن يكون الإنسان مسخراً لتمجيدها على حساب مصلحته الواقعية الفردية والجماعية. كاتبة سعودية [email protected]