(قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا) ترشد الآية المكذبين بالرسالة للطريقة التي يمكنهم بها التوصل للحقيقة.. وهي باعتزال العقل الجماعي وأن يفكر الإنسان بعقله المستقل الفردي أو بالتعاون مع آخر، والعقل الجماعي هو ما استقر عليه المجتمع من مفاهيم وأعراف ومعتقدات ومنظور عام، (واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر) فهذه سنة في الناس أن أكثريتهم بالسيئ أو بالحسن هم مسيرون من قبل العقل الجماعي السائد وليس لديهم قرار فردي مستقل، والعقل الجماعي يشكل ما يسمى «بارادايم قالب إدراكي» بمعنى أن الناس تدرك الأمور من خلال منظور هذا القالب الذي شكله العقل الجماعي السائد، ولهذا «لا يعز نبي في قومه» ودائما هناك مقاومة لدعوات المصلحين المجددين واجتهاد المجتهدين وهذا ليس فقط في الدين بل في كل مجال، حتى أن أينشتاين العالم الفيزيائي قال أن العلاج الوحيد لحالة المعارضة من القالب الإدراكي لأهل الزمان هو موت أولئك الذين يحملون ذلك القالب الإدراكي، ولهذا كثيرون من علماء الإسلام المقدرين الآن واجهوا في عصرهم أشد المعارضة والنبذ واتهموا بأنواع التهم بسبب اجتهاداتهم، وحتى في مجال العلوم الحديثة لا يزال العلماء حتى يومنا هذا في الغرب يعترفون بأنهم يعانون من تشدد وتعصب القالب الإدراكي الغربي العلمي الذي يرى العالم والإنسان بمنظور ميكانيكي. لكن فروع العلم الحديثة كالفيزياء الكمية «والباراسيكلوجي القدرات الفوق حسية» والطب البديل مثلت التحدي لهذا القالب الإدراكي الميكانيكي الأصولي الذي لا زال يضطهد العلماء الذين يخرجون عن إجماعه ويثبتون نتائج مغايرة له، فأصولية القالب الإدراكي العلمي الغربي لا تقل عن أصولية القالب الإدراكي الديني المتشدد في بعض المجتمعات الإسلامية، ولكل زمان ومكان قالبه الإدراكي الذي يبرز الناس من خلال خدمتهم له ودفاعهم عنه وتملقهم له وحتى استغلاله في فرض السيطرة الجماعية وتوجيه مسار الأحداث باتجاه معين، وهناك من يحاول تشكيل قالب إدراكي لهذه الغاية تحديدا كما الحال مع نظرية «صراع الحضارات»، والإعلام يعمل على فرض قالب إدراكي معين على المجتمع كالخلط بين التطور والتغريب، وكل من له وصول جماعي يحاول فرض قالب إدراكي معين على الجماعة، وللأسف أن قلة من الناس فقط تتمتع بيقظة الوعي ومنهجية مستقلة وواعية في معالجة المعلومات والمدركات عبر التأصيل المعرفي وسعة وتنوع الاطلاع المعمق، والبقية هم أتباع القوالب الإدراكية التي تلقى عليهم، وفقط الذين ليس لديهم عقلية مستقلة وواعية ذاتيا هم الذين يخشى عليهم من انسلاخ الهواية أو التأثر بالأفكار المتطرفة وما شابه، لأنهم يفتقرون للمنظور النقدي والمعالجة الموضوعية للمعلومات، ولهذا يجب أن تحصل يقظة وعي جماعية لحقيقة أن إرادة إبقاء كل الناس في قالب واحد جامد منغلق على ذاته هي في الواقع تجعلهم عرضة لخطر أن يستلبهم أي قالب إدراكي آخر يعرض لهم، لأن هذه تصبح آلية عمل الدماغ.. الانقياد الأعمى للقالب الإدراكي الأكثر حضورا، لكن العقل الحر الواعي المنفتح المستقل المتعمق المتجذر الفكر والمنهجي الإدراك يلقى في البحر ولا يبتل، وهذه حقيقة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة