جميع أوقاتنا ولقائتنا ليس لها معنى من دون كلمات، فتأتي مسترسله؛ إما مليئة وإما خاوية، تترجم لنا الأفكار والمشاعر، تكون أحياناً مبطنة أرسلت للتأثير، الخضوع، الهيمنة، أو العاطفة، وأسوأ الحالات التي يجب أن تثمنّ الكلمة حينها ما قيل في المواساة، فإذا لم تكن لديك حساسة مرهفة تجاه المشاعر فأرجوك توقف لا تزيد الهم همين. ثم ماذا عن تلك المجالس التي يكثر فيها الجدال والنقاش، رحماك ربي، حتى أن صاحب الفكرة المطروحة المستميت من أجلها يفوز، والبعض رغم حريتهم إلا أنهم قرروا التحلي بالصمت حفظاً لبعض الود أن يبقى ودا، رغم أن الجميع في الغالب لديهم روح نقية وعذبة ولكن حينها تتواضع حرية الرأي ويصبح الإقناع سيد الموقف، مع كل أسف. الإنصات فن وأدب، وهو أقرب طريق لقلوب وعقول الآخرين، لذلك اخترع العلماء والمحترفون قواعد للحوار وفن الإنصات، لنحظى بجلسة ثرية وممتعة، تم اختصارها في «نافذة جوهاري» (Johari Window)، وهي تقنية تستخدم لمساعدة الناس على فهم علاقتهم مع أنفسهم ومع الآخرين بصورة أفضل، وضعها اثنان من علماء النفس عام 1955 وهما: «جوزيف لوفت» (1916 2014) و«هارينغتون انغهام» (1916 1995)، هذان العالمان وضعا أربع نوافذ حسب الموقف وطبيعة الشخص؛ وهي: أولاً: المنطقة المفتوحة (Open)، وهي مجمل المعلومات التي نعرفها عن الآخرين بشكل واضح، مثل: الاسم والبلد والجنسية والمشاعر والحاجات والرغبات والأهداف. ثانياً: المنطقة العمياء (Blind)، وتضم معلومات يعرفها الآخرون عنا ونحن نجهلها، ويخشى البعض مصارحة الآخرين بها، وقد تكون متعلقة بالعادة أو السلوك، ومتى ما سمحنا ببعض الأشخاص بأخبارنا بنواقصنا وتقبلنا النقد، فهي كهدية على طبق من ذهب تبصرنا بعيوبنا لنقوم بترميمها. ثالثاً: المنطقة المخفية (Hidden)، وهي المعلومات التي تخص الشخص ولا يعرفها الآخرون، ويظل الشخص يحرسها من فضول الآخرين، كن حذراً فلا تحاول أن تقفز عنوة، وقد تفتح المساحة بعفوية وتسمى «الإفصاح عن الذات»، وتزداد كلما زادت الثقة بالشخص الآخر، ومتى ما شعرنا بالراحة علينا الصمت للحصول على كمية من الحديث المريح والممتع أكثر. رابعاً: منطقة غير معروفة (Unknown)، كل المعلومات التي نجهلها عن أنفسنا وعن الآخرين يفضل فيها الوضوح والإجابة الشافية وتبادل الحوار والإنصات بشكل أكثر فاعلية للوصول إلى معلومات أكثر دقة وجعل عملية التواصل ممتعة ومفيدة. هذه النوافذ الأربع ستعينك على إدارة الحديث بشكل أكثر فاعلية، وتذّكر أن الجدال إن كثر وطَال ازداد معه الخطأ، والأفضل حينها أن نصمت، فقد امتدح أحد الحكماء الصمت قائلا: إن الصمت هيبة من غير سلطان، حصن من غير حارس. [email protected]