كل إنسان لديه (نقطة عمياء) في حياته تؤثِّر في علاقته بالآخرين، فالناس ينظرون إلى جزء لا تشعر به من شخصيتك، أسلوبك، هيئتك، بحيث لا تعلمه ولا تدركه، ويتصرَّفون معك تبعاً لتلك الرسائل -اللفظية أو غير اللفظية- التي تصدرها دون وعي كامل، هذا هو السبب في ردود فعل الآخرين التي لا يفهم الإنسان سببها، لذا -برأيي- أنَّ الشخص المحظوظ هو الذي قرأ أو اطلع على نموذج (نافذة جوهاري) وأدركها ليزيد من وعيه الشخصي وعملية تفاعله مع مَن حوله، ولعلي استثمر المساحة المُخصَّصة لي للحديث هنا عن كيفية الاستفادة من خانات (النافذة) الأربع، دون الغوص في تفاصيل وسبب وضع هذا النظام والنموذج الاتصالي من العالمين (جوزيف لوفت) و(هاري إنقهام) اللذين سُميت النافذة بدمج الحروف الأولى من اسميهما معاً (جوهاري). أتمنى أن تُدرج (نافذة جوهاري) ضمن مناهج التعليم العام لزيادة الوعي الشخصي لدى النشء، وكيفية تفاعلهم مع المُحيطين، فكل شخص منَّا تزيد لديه أحد مربعات النافذة لتتحكم بتفاعل الآخرين معه في المنزل أو العمل أو حتى الشارع، وعليه إعادة ضبط مساحات النافذة بشكل طبيعي حتى يحظى بعلاقات واضحة وسليمة مع غيره، فوفق هذه النافذة قم بتقسيم علاقتك بالناس إلى (4 مربعات)، المُربع الأول يمثِّل (المنطقة المفتوحة) التي تعرفها عن نفسك ويعرفها الآخرون عنك كالاسم، الهوايات، المؤهلات، طبيعة عملك ... إلخ من المعلومات العامة التي يتشاركها الآخرون عنك، وهذه تساعدك على الاتصال مع الناس بفعالية أكبر، لأنَّهم - ببساطة- يفسرون مواقفك وآراءك تبعاً لما يعرفون. المربع الثاني هو (المنطقة العمياء) التي ذكرناها أعلاه، والمتمثِّلة بما يراه الناس عنك وفيك ولا تدركه أنت، مثل العادات والحركات أثناء الحديث وشكل العيون ... إلخ، وهذه تحتاج لإعادة فهم وإدراك من الشخص نفسه، بتقبل وتشجيع نقد الآخرين أو الاهتمام بآرائهم عندما يُصارحه أحد، فإعادة إضاءة وإدراك المنطقة العمياء سيجعلك تكتشف نفسك وعيوبك وعاداتك، لتعيد ترتيبها وتدريب نفسك على ملاحظتها، وتعديل سلوكك أو تحسين شكلك وهيئتك، بعد إدراك هذه الرسائل (المجهولة) وتفسير أثرها. انتهت مساحة المقال، غداً نتحدث عن أثر المربع الثالث (منطقة الأسرار الخفيَّة) التي تخفيها عن الآخرين، والمربع الأخير (المنطقة المجهولة) التي تجهلها عن نفسك، ولا يعلمها الآخرون عنك كذلك. وعلى دروب الخير نلتقي.