يقر الخبراء الأوروبيون، في أعقاب السجال بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في شأن التعاقد على كميات اللقاحات؛ بأن بريطانيا خاضت مقامرة أتت أُكلها، في حين كان الاتحاد الأوروبي يتفرج بسخرية على لندن، وهي تغدق الأموال على شركات الأدوية، التي أعلنت أنها تقوم بتطوير لقاحات، حتى قبل أن يرى أي من تلك اللقاحات النور. ومن أبرز الأمثلة على ذلك أن بريطانيا أردفت ذلك بطلب آخر للشركة الواقعة على شط نهر لوار لتزويدها ب40 مليون جرعة إضافية. وحصلت الشركة على جانب كبير من قيمة هذين العقدين، لأن أكبر مصانعها يوجد في اسكتلندا. وكانت بريطانيا أول دولة في العالم تحصل على كميات كبيرة من اللقاحات التي تعاقدت عليها في وقت مبكر من جائحة فايروس كورونا الجديد. وهو ما أثار حُنق الأوروبيين الذين وجدوا أنفسهم بلا لقاحات، في أتون تسارع تفشي السلالات المتحورة من الفايروس. وحتى حين بدأت بروكسل تحصل على كميات من اللقاحات، اتضح أن الكميات ليست كافية لتلبية طلب الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة؛ خصوصاً بعدما أعلنت شركة أسترازينيكا البريطانية-السويدية أنها واجهت مشكلات تتعلق بالتصنيع، ستضطر بسببها إلى خفض كميات اللقاح التي تعاقدت عليها مع الاتحاد الأوروبي. وحين حمي وطيس التراشق بين بروكسلولندن، بسبب اتهامات الأوروبيين لبريطانيا ب«المكاوشة» على اللقاحات، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة فالنيفا الفرنسية فرانك غريمو أن شركته ستسلم بريطانيا أولاً لأن بريطانيا تعاقدت مع الشركة قبل الأوروبيين ببضعة أشهر. كما أن بريطانيا تفوقت على دول الاتحاد الأوروبي بأن هيئتها المتخصصة في فسح الأدوية واللقاحات سبقت جميع البلدان الأوروبية إلى فسح أول لقاحين رأيا النور، وهما لقاح فايزر-بيونتك الأمركي-الألماني، ولقاح أسترازينيكا، ولذلك سارعت بريطانيا لبدء حملات التطعيم في أراضيها، حتى وصلت حالياً الى مرحلة تطعيم 15% من سكانها، في مقابل 3% فقط هم الأوروبيون الذين حصلوا على التطعيم. وكنتيجة طبيعية لذلك خسرت أوروبا مجتمعة 490 ألفاً من سكانها الذين توفوا بفايروس كورونا الجديد، من جملة عدد سكانها البالغ 450 مليون نسمة، بحسب الأرقام التي نشرتها جامعة جونز هوبكنز الأمريكية. وفي مقابل ذلك خسرت بريطانيا أكثر من 112 ألفاً من مواطنيها الذين توفوا بالوباء، من جملة عدد سكانها البالغ 67 مليوناً. وواجهت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين انتقادات جمة في البرلمان الأوروبي، وصحف الدول الأعضاء. واضطرت إلى الإقرار بأن مفوضيتها ارتكبت أخطاء. وتعهدت بمعالجة تلك الأخطاء. ومن أكبر تلك الأخطاء تباطؤ وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي في فسح اللقاحات ومهتمة بالحصول على أسعار تنافسية.