أضحت الوقائع اليومية للحرب على جائحة كورونا، في جبهة اللقاحات أكثر إثارة للاهتمام بمجريات البؤس اليومي في المستشفيات، والتدابير الحكومية في بلدان العالم. ففي أتون انعدام دواء ناجع، ليس أمام العالم سوى اللقاح سلاحاً وحيداً لدحر الجائحة. وبعد أن تجاوز العالم محاولات مروجي «نظريات المؤامرة»، ونشاطات مناهضي التطعيم؛ تشعبت الخلافات حول أمثل السبل لنشر هذا السلاح السحري. وبدأت الشركات الصانعة للقاحات تئن تحت وطأة الطلبيات المتزايدة. وظهرت مخاوف من أن يؤدي تحور فايروس كورونا الجديد إلى إعطاب هذا السلاح الوحيد، فيهيمن البؤس على حياة البشر. وفي أحدث تحذير من المخاوف الجديدة؛ قال مدير برنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية الدكتور مايكل ريان، أمس الأول، إنه لا توجد كميات من اللقاحات تكفي لوقف تفشي الفايروس في المستقبل المنظور. وأضاف أن نجاح التطعيم يتمثل في تقليص قدرة الفايروس على القتل، والتنويم بالمشافي، وتدمير الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبشر، «لكن لا توجد لقاحات كافية في الوقت الراهن حتى لإنقاذ من هم أشد تعرضاً للمخاطر». وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الأول، إنه إذا لم يتحرك العالم الغني بشكل عاجل لمساعدة البلدان النامية على تطعيم سكانها، فإن مزيداً من السلالات الفايروسية المتحورة ستجعل اللقاحات الحالية عديمة الفعالية. غير أن حرب اللقاحات فتحت جبهة في عقر البلدان الغنية أمس. فقد اندلع نزاع خطير بين بروكسلوبريطانيا، بعدما أصدرت مفوضية الاتحاد الأوروبي تعليمات لمصنع شركة فايزر في بلجيكا، بضرورة إشعارها رسمياً قبل مغادرة أية شحنة من اللقاح إلى خارج الاتحاد الأوروبي، في إشارة واضحة إلى بريطانيا. وفي بيان مهم، قالت شركة موديرنا الأمريكية إن لقاحها أثبت جدواه في صد السلالة البريطانية من الفايروس، طبقاً لنتائج اختبارات أجرتها بمختبراتها. وأضافت أنه حين تم استخدامه ضد السلالة الجنوب أفريقية أنتج أجساماً مضادة أقل من المعدل المرتقب بستة أضعاف. ومن ناحية أخرى، أعلنت شركة ميرك الدوائية الأمريكية أنها قررت التخلي عن تطوير لقاحين ضد كوفيد-19، بعدما اتضح لها أنهما لم يولّدا عدداً كافياً من الأجسام المضادة خلال التجارب السريرية. وقالت إنها ستنصرف حالياً إلى محاولة تطوير عقارين يمكن أن يفيدا في معالجة كوفيد-19. قال مدير معهد الحساسية والأمراض المُعدية الأمريكي الدكتور أنطوني فوتشي، أمس الأول، إنه يشعر بالقلق من الاتجاه المتزايد لتمديد الفاصل الزمني بين إبرتي اللقاح، بدعوى الحاجة إلى تطعيم أكبر عدد ممكن من السكان. وحذر من أن أي انحراف عن الجداول الزمنية التي تم تحديدها في ضوء التجارب السريرية سيؤدي إلى إيجاد مخاطر؛ أهمها ظهور سلالات جديدة من فايروس كورونا الجديد. وقال: إنني قلق، لأنك لن تحصل على الفعالية الكاملة للقاح حتى تحصل على جرعته الثانية. وكانت بريطانيا قد بدأت هذا الجدل بقرارها تمديد الفترة بين إبرتي لقاحي أسترازينيكا وفايزر-بيونتك من 3 أسابيع إلى 12 أسبوعاً. وتبعتها فرنسا السبت الماضي بتوصيتها الجهات المختصة بتطويل الفترة بين الإبرتين بمعدل ضعف ما توصي به الشركة الصانعة للقاح. وعزز ذلك الاتجاه المركز الأمريكي للحد من الأمراض بإعلانه أنه يمكن تأخير الإبرة الثانية مدة تصل إلى 6 أسابيع. فوتشي يؤجج جدل «الفاصل الزمني»