بعيدا عن الأجواء الاحتفالية الإيجابية، التي أثارتها لقطات استقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالعناق، قبل بدء قمة العلا الخليجية، فإن تسارع وتيرة المصالحة الخليجية/ الخليجية، جعل النظام الإيراني يموت بغيظه، إذ قطعت قمة العلا الخليجية الطريق أمام النظام الإيراني لتنفيذ أجندته الطائفية كونه المستفيد الأول من تأجيج الخلافات وتشجيع الأطراف على الاستمرار في المنازعات، وأحدثت قمة العلا حالة الإجماع الخليجي التي أعلت المصالح العليا للمنظومة كاملة. وليس هناك رأيان أن إيران حظيت بنصيب الأسد من الرسائل في البيان الختامي للقمة الخليجية التي أكدت على المواقف والقرارات الثابتة بشأن العلاقات مع طهران، مطالبة بضرورة التزامها بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأممالمتحدة ومواثيق القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. المشاركون في القمة رفضوا رفضا تاما استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون والمنطقة، وأدانوا أيضا بشدة جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها طهران، وتغذيتها النزاعات الطائفية والمذهبية، في انتهاك واضح للأعراف والقيم الدولية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي. لقد وقع قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون في القمة على بيان العلا الذي قال ولي العهد عنه إنه يؤكد «تضامننا واستقرارنا الخليجي والعربي والإسلامي».. وأرسل قادة دول المجلس رسالة موحدة عن وقوف دول مجلس التعاون صفا واحدا في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس، مشددا على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها. ويبدو أن النظام الإيراني مستمر في غيه ولم يرد إيجابيا على قرارات القمة، كونه شعر بمزيد من العزلة والحقد على مجلس التعاون الذي وطد علاقاته مع أعضائه وأصبح محصنا من الداخل.. وأعطى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده بنهاية أعمال القمة الثلاثاء الماضي، مزيداً من الإضاءات على الانفراج في العلاقات الخليجية عندما قال، إن مخرجات القمة أكدت طياً كاملاً لنقاط الخلاف مع قطر، مضيفا أن ما تم اليوم هو عودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية مع الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر). رسائل القمة لنظام خامنئي كانت شفافة وحازمة عندما طالبت طهران بضرورة الكف والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، وإيقاف دعم وتمويل وتسليح المليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تزويدها بالصواريخ البالستية والطائرات دون طيار لاستهداف المدنيين، وتهديد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي. وسلط البيان الختامي الضوء على الاتفاق النووي الإيراني الذي تراهن طهران على عودة العمل به، لافتا إلى ضرورة أن تشمل أي عملية تفاوضية مع إيران معالجة سلوك إيران المزعزع لاستقرار المنطقة، وبرنامج الصواريخ الإيرانية بما في ذلك الصواريخ البالستية والكروز والطائرات المسيرة، والبرنامج النووي الإيراني في سلة واحدة، مؤكدا أيضا ضرورة إشراك دول مجلس التعاون في مثل هذه العملية، ومشددا على أهمية منع الانتشار النووي، واستكمال الجهود الرامية إلى إيجاد منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ونوه البيان إلى ضرورة مشاركة دول المجلس في المفاوضات الدولية المستقبلية التي تخص البرنامج النووي الإيراني، وإخضاع طهران للالتزام بمعايير وبروتوكولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما فيها الالتزام باتفاق الضمانات الشاملة التي تشمل تلك الضمانات توضيح المسائل المتصلة بالأبعاد العسكرية الممكنة لبرنامجها النووي، إضافة إلى معالجة سلوك إيران المزعزع لاستقرار المنطقة والعالم، ورعايتها الإرهاب، بما يكفل عدم قيامها بأي نوع من الاستفزازات مستقبلا، الأمر الذي سيعيد دمجها في المجتمع الدولي ويحقق مصلحة ورفاه الشعب الإيراني. وأعرب المشاركون في القمة عن استنكارهم لاستمرار إيران في عدم الوفاء بالتزاماتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووقف تنفيذ تعهداتها، وتأخرها في توفير المعلومات المطلوبة حول برنامجها النووي. وشددت القمة على ضرورة مواصلة الجهود الدولية لحمل النظام الإيراني على وقف سياسته المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، والالتزام بمبادئ القانون الدولي، ووقف تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ودعمه الإرهاب والطائفية. وأقر البيان الختامي بقرار الولاياتالمتحدةالأمريكية تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وأكد أهمية هذه الخطوة في التصدي للدور الخطير الذي يقوم به كعنصر عدم استقرار وعامل توتر وأداة لنشر العنف والإرهاب في الشرق الأوسط وفي العالم. لقد مثلت المبادرة السعودية لرفع الحظر فتح الأجواء، والحدود البرية والبحرية القطرية، المغلقة منذ الخامس من يونيو 2017، أول خطوة وإجراء بناء ثقة في طريق إنهاء الأزمة الخليجية، حيث تعاملت القيادة السعودية من منطلق المسؤولية التكاملية للحفاظ على الأمن الخليجي ورفض أي اختراق للمنظومة.. لقد قامت إيران طوال المراحل الماضية بصب الزيت على النار وأشعلت فتنة طائفية في المنطقة ووظفت الإعلام الطائفي، إلا أن إعلان المصالحة الخليجية قطع الطريق على إيران، وأعاد ترميم البيت الخليجي. والمطلوب من الإعلام الخليجي الاصطفاف وراء بيان قمة العلا والدفع بمخرجاته لقطع الطريق أمام النظام الإيراني وعزله إعلاميا وصناعة مستقبل آمن للدار الخليجية، ومن الضروري تجاوز الاحتكاكات الإعلامية وتوحيد الصفوف وتصحيح المسار الإعلامي والمضي في مسار المصالحة والحديث عن القواسم المشتركة لأن المحور المعادي يرغب في فتح ثغرات لإجهاض مساعي حل الأزمة ومخرجات القمة وأهمية وجود موقف موحد واضح ضد التهديدات الإيرانية، وإعلاء المصالح العليا الاستراتيجية للمنظومة. المحصلة النهائية: مجلس التعاون عصي على الانشقاق.. وبيان العلا قطع الطريق على المغرضين والمتسلقين.. الآن إيران تحت المجهر.