أكد قادة دول مجلس التعاون الخليجي وأميركا مواصلة جهودهم المشتركة لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته وملاحقة عناصره وتجفيف مصادر تمويله، والاهتمام بأمن المنطقة واستقرارها، والعمل معاً لمواجهة التهديدات الأمنية التي تواجه دولها، مستنكرين استمرار التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لدول المنطقة، ومحاولتها بث الفرقة وإثارة الفتنة الطائفية بين مواطني دول مجلس التعاون، ومواجهة أنشطتها المزعزعة للأمن، واتفقوا على عقد قمة سنوية لاستعراض التقدم في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال هذه القمة. وشددت واشنطن على التزامها بالدفاع عن أمن دول مجلس التعاون، ضد أي تهديد خارجي. وأوضح بيان القمة الاستثنائية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي وأميركا التي عقدت أول من أمس (الأحد) في الرياض، أن القمة التي عقدت بناء على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لإعادة التأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ناقشت القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إذ توافقت الرؤى حول أهمية تكاتف الجهود لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار. وعبّر القادة عن التزامهم بضرورة معالجة جذور الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات العاجلة لتكثيف الجهود لهزيمة تنظيمي «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين، ومعارضة التدخلات الإيرانية المزعزعة للاستقرار، وتخفيف حدة الصراعات الإقليمية والسعي لإيجاد الحلول لها. وأكدوا تعزيز قدرة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في التصدي للتهديدات أياً كان مصدرها، ومواجهة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للأمن، والعمل معاً للحد من الطائفية والتوترات الإقليمية التي تغذي عدم الاستقرار، مثمنين ما تم التوصل إليه من اتفاق لتأسيس مركز استهداف تمويل الإرهاب في مدينة الرياض، والذي سيتم فتح الباب لدول أخرى للانضمام إليه مستقبلاً. واستعرض القادة ما أنجزته مجموعات العمل المشتركة التي تم تشكيلها تنفيذاً لنتائج القمة الأولى، في مجالات الدفاع ضد الصواريخ الباليستية، والتسلح، والتدريب، ومكافحة الإرهاب، والأمن البحري، والأمن السيبراني وحماية البنى التحتية، وكذلك مواجهة التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة. كما أكد القادة التزامهم بمواصلة التنسيق الوثيق بين مجلس التعاون وأميركا حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، من خلال اجتماعات وزراء الخارجية والدفاع من الجانبين. ووجه القادة الجهات المعنية في دولهم بأن تجتمع مجموعات العمل المشتركة مرتين على الأقل في السنة، وذلك بهدف تسريع وتيرة الشراكة حول مكافحة الإرهاب وتيسير نقل القدرات الدفاعية الحساسة والتصدي للصواريخ الباليستية ورفع الجاهزية العسكرية والأمن الإلكتروني (السيبراني)، وذلك لضمان استمرار تلك الأنشطة وتسريع تنفيذ القرارات التي تضمنها البيان المشترك للقمة الخليجية - الأميركية الثانية في 21 نيسان (أبريل) 2016. كما وجهوا الأجهزة المعنية في الجانبين بتعزيز أطر الشراكة بينهما، بما في ذلك «منتدى التعاون الاستراتيجي الخليجي - الأميركي». وشدد القادة على اهتمامهم المشترك بالحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، والعمل معاً لمواجهة كافة التهديدات الأمنية التي تواجه دول المنطقة، بما في ذلك التهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابية، وأكد الجانب الأميركي التزامه بالدفاع عن أمن دول مجلس التعاون ضد أي تهديد خارجي. وتعهد القادة بتعزيز التعاون الأمني وبمسؤوليتهم المشتركة تجاه معالجة المخاطر التي تواجه المنطقة. وأشار البيان إلى أن القادة بحثوا بلورة رؤية مشتركة للتعامل مع الصراعات الأكثر إلحاحاً في المنطقة، وأكدوا دعمهم للمبادئ المشتركة المتضمنة أنه ما من حل للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة إلا من خلال السبل السياسية والسلمية، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وكذلك الحاجة إلى حماية الأقليات واحترام حقوق الإنسان في الدول التي تعصف بها الصراعات، مجددين تصميمهم على مواصلة الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته وملاحقة عناصره وتجفيف مصادر تمويله. وأكدوا العمل معاً لمواجهة التهديدات الإرهابية ومكافحة تمويل الإرهاب بمزيد من الإجراءات التي تشمل حماية منشآت البنى التحتية، وتعزيز أمن الحدود والطيران. ورحبت أميركا بتأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب بقيادة السعودية، باعتباره جزءاً من الحرب الدولية ضد الإرهاب. ونوّه القادة بجهود التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية والعراق بقيادة أميركا، وشددوا على ضرورة تضافر الجهود لإيصال المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين والنازحين العراقيين والسوريين. وأعرب القادة عن رفضهم القاطع لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وطالبوا بالالتزام التام بقواعد القانون الدولي وبالأسس والمبادئ والمرتكزات الأساسية المبنية على مبدأ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها. وطالبوا إيران باتخاذ خطوات حقيقية وعملية لبناء الثقة وحل خلافاتها مع جيرانها بالطرق السلمية. كما عبروا عن استنكارهم وإدانتهم لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لدول المنطقة، باعتبارها انتهاكاً لسيادة دول المجلس، ومحاولة إيران بث الفرقة وإثارة الفتنة الطائفية بين مواطني دول المجلس، ومن ضمنها البحرين، وذلك من خلال مساندة العناصر المتطرفة العنيفة، وتدريب وكلائها، وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية، والإدلاء بالتصريحات التحريضية على مختلف المستويات لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار، ما يتنافى مع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وفقاً للمبادئ والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية. وأكدوا ضرورة التزام إيران بالاتفاق النووي، وعبروا عن قلقهم البالغ بشأن استمرار إيران في إطلاق صواريخ باليستية، باعتبار ذلك انتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد القادة التزامهم بالعمل معاً لتحقيق سلام شامل بين فلسطين والإسرائيليين، واتفقوا على القيام بما في وسعهم لتوفير البيئة المناسبة للتقدم بعملية السلام. كما أكدوا على موقفهم الثابت في الحفاظ على وحدة سورية واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وأعربوا عن دعمهم لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي مبني على بيان مؤتمر جنيف 1 قرار مجلس الأمن رقم 2254، مشددين على ضرورة رفع الحصار عن المدن السورية المحاصرة، وإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة والمدنيين المحاصرين، ووقف القصف على المناطق الآهلة بالسكان، والإفراج عن المعتقلين. وحول اليمن، أكدوا الالتزام الكامل بوحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، وأهمية الحل السياسي وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 لسنة 2015، معربين عن تقديرهم البالغ لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن لاستئناف المشاورات بين الأطراف اليمنية بهدف التوصل إلى الحل السياسي وفق لهذه المرجعيات. وأكدوا التزامهم بالعمل مع المجتمع الدولي لمنع استمرار إمداد الميليشيات الحوثية وحلفائها بالأسلحة، في خرق لقرار مجلس الأمن رقم 2216، كما شددوا على ضرورة بذل جهود جماعية لمواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في شبه الجزيرة العربية. وأبدى القادة قلقهم من استمرار الميليشيات الحوثية في مصادرة المواد الإنسانية والإغاثية، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في اليمن، ورحبوا بنتائج مؤتمر المانحين الذي عقد في جنيف في 25 أبريل 2017، مؤكدين سرعة الوفاء بالالتزامات التي قدمتها الدول المانحة. ويتطلع القادة للعمل معاً في عودة الأمن والاستقرار وتأهيل الاقتصاد اليمني واستعادة الخدمات العامة بعد التوصل إلى الحل السياسي المنشود. وأعرب القادة عن الأمل بأن تؤدي عملية تحرير الموصل إلى عودة النازحين إلى مدنهم وقراهم، وإيجاد عملية إصلاح سياسي شاملة تجمع أطياف الشعب العراقي من غير إقصاء أو تفرقة، بما يلبي تطلعات الشعب العراقي. واتفق القادة على تعزيز العلاقات الاقتصادية ودعمها في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال التجاري والاستثماري، ومجالات الطاقة والطاقة البديلة، والصناعة، والتقنية، والزراعة، والمواصلات، وتطوير البنية التحتية، وذلك وفقاً لرؤى التنمية التي تبنتها دول المجلس، وعلى عقد قمة سنوية على هذا المنوال لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال هذه القمة، واستشراف السبل الكفيلة بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون وأميركا.