على مدى يومين كاملين استضافت مكةالمكرمة قمتين خليجية وعربية طارئتين صدر في ختامهما بيان ختامي، ثم قمة إسلامية عادية صدر في ختامها بيان ختامي مطول من 102 بند، إضافة إلى قرار بشأن فلسطين، وإعلان حمل اسم "إعلان مكة". واتفقت البيانات الختامية الصادرة عن القمم الثلاث على إدانة الأعمال التي قامت بها المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، من الهجوم بالطائرات المسيرة على محطتي ضخ النفط داخل المملكة الى ماقامت به طهران من أعمال تخريبية طالت 4 سفن تجارية قرب المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة. خارطة طريق: ووضعت البيانات في بنودها خارطة طريق واستراتيجية للتعامل مع جرائم إيران وأذرعها وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة، إضافة إلى آليات شاملة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب. وتصدرت القضية الفلسطينية كلمات وبنود بيانات القمة الإسلامية، إضافة إلى صدور قرار خاص بشأنها يدعم صمود الشعب الفلسطيني، ويؤكد مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة الإسلامية جمعاء، ويعيد التأكيد على ضرورة اتخاذ تدابير عملية ضد الدول التي تمس بالوضع التاريخي والقانوني والديني القائم لمدينة القدس الشريف، أو تسهم في ترسيخ الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي للمدينة. مواجهة إرهاب الملالي : ركز البيان الختامي للقمتين الخليجية والعربية الطارئتين اللتين عقدتا لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به المليشيا الحوثية المدعومة من إيران على محطتي ضخ نفط بالمملكة وما قامت به طهران من اعتداء على 4 سفن تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات على أدان السلوك العدوانية لإيران في المنطقة. وأكد تضامن دول مجلس التعاون مع المملكة في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تهدف إلى إثارة الاضطرابات في المنطقة، وتأييد المجلس الأعلى ودعمه لكل الإجراءات والتدابير التي تتخذها لحماية أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها». وطالب البيان المجتمع الدولي ب»تحمل مسؤولياته بالمحافظة على الأمن والسلم الدوليين، ويقوم باتخاذ إجراءات حازمة تجاه النظام الإيراني، وخطوات أكثر فاعلية وجدية لمنع حصول إيران على قدرات نووية، ووضع قيود أكثر صرامة على برنامج إيران للصواريخ الباليستية». وجدد قادة الخليج تأييدهم للاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران، بما في ذلك ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وأنشطتها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة ودعمها الإرهاب ومكافحة الأنشطة العدوانية لحزب الله والحرس الثوري ومليشيا الحوثي وغيرها من التنظيمات الإرهابية»، مشيدين بالإجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدةالأمريكية لمواجهتها. بدوره أدان البيان الختامي للقمة الإسلامية «بشدة الاعتداء الإرهابي على محطات الضخ البترولية بمدينتي الدوادمي وعفيف « وأعرب عن «كامل تضامنه مع المملكة ودعمه اللامحدود لجميع الإجراءات التي تتخذها لحماية أمنها القومي وإمدادات النفط». كما «أدان بشدة الأعمال التخريبية التي تعرضت لها أربع سفن تجارية مدنية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات في بحر عمان، بوصفه عملاً إجرامياً يهدد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية الدولية». ودعا المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته لضمان حركة الملاحة البحرية وسلامتها، وضمان استقرار أمن المنطقة». قضايا الأمة المحورية : في هذا الصدد جدد قادة العالم الإسلامي دعمهم للحل السياسي للأزمة السورية، كما أكدوا دعمهم المتواصل للشرعية الدستورية في اليمن التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي، وأكدوا دعمهم استئناف الأممالمتحدة للعملية السياسية للوصول إلى حل سياسي قائم على التنفيذ التام لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، وقرارات الشرعية الدولية، وأكدوا كذلك «مساندتهم لتنفيذ مخرجات اجتماعات السويد وفقا لقراري مجلس الأمن 2451 و2452 بما في ذلك الرقابة الثلاثية». وفيما يتعلق بالتغيرات في السودان، أعرب مؤتمر القمة الإسلامي «عن تأييده لخيارات الشعب السوداني وما يقرره حيال مستقبله، ورحب بما اتخذ من قرارات وإجراءات تراعي مصلحة الشعب وتحافظ على مؤسسات الدولة». وأهاب «بجميع الأطراف السودانية مواصلة الحوار البناء من أجل الحفاظ على السلام والتماسك الاجتماعي في البلاد بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة». ودعا المؤتمر «إلى شطب اسم السودان من قائمة الولاياتالمتحدةالأمريكية للدول الداعمة للإرهاب». وفيما يتعلق بمسلمي الروهينجيا «ندد المؤتمر بالوضع اللاإنساني الذي تعيشه أقلية الروهينجيا المسلمة، ودعا إلى التحرُك العاجل لوقف أعمال العنف، وكل الممارسات الوحشية التي تستهدف هذه الأقلية مع منحها جميع الحقوق دون تمييز أو تصنيف عرقي». الإرهاب والإسلاموفوبيا : وفي شأن مكافحة الإرهاب، جدد البيان الختامي للقمة الإسلامية «موقف الدول الأعضاء ضد الإرهاب بجميع صوره وأشكاله ومظاهره، بغض النظر عن دوافعه ومبرراته، وأكد براءة الإسلام الوسطي السمح من التطرف والغلو». ودعا إلى «ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب تقوم على استئصال الفكر المتطرف وتجفيف منبع الإرهاب»، وجدد «عزمه على العمل معاً على منع الأعمال الإرهابية وقمعها عن طريق زيادة التضامن والتعاون الدوليين». وهي قضايا عالجها أيضا «إعلان مكة» الذي أكد «إدانة الإرهاب والتطرف والغلو بجميع أشكاله ومظاهره مهما كانت الأسباب والدوافع». وأكد «رفض أي محاولة لربط الإرهاب بأي جنسية أو حضارة أو دين، ورفض تقديم أي دعم مباشر أو غير مباشر للجماعات والمنظمات التي تدعو للعنف والتطرف والإرهاب تحت أي ذريعة». وأكد «التحلي بالتسامح والاحترام والحوار والتعاون بين جميع الشعوب، سبيلاً لمكافحة العنصرية والكراهية»، وشدد على «رفض الطائفية والمذهبية بجميع أشكالها ومظاهرها». وفيما يتعلق بالإسلاموفوبيا، شجع البيان الختامي الصادر عن القمة الإسلامية في منظمة الأممالمتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية على اعتماد يوم 15 مارس يوما دوليا لمناهضة الإسلاموفوبيا. وأدان في هذا الصدد وبأشد العبارات الممكنة الهجوم الإرهابي المروع والشنيع الذي ينضح بكراهية للإسلام، والذي استهدف مصلين أبرياء في مسجد النور ومسجد لينوود في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا يوم 15 مارس 2019. بناء مرتكز تغيير حقيقي : هذا فيما اجمع خبراء ومراقبون على ان قمم مكة استطاعت بناء مرتكز تغيير حقيقي، سيقوض الدور الإيراني. وأفاد المحلل السياسي أحمد جمعة بأن النظام الإيراني يعيش عزلة إقليمية ودولية غير مسبوقة، وشدد جمعة في تصريح صحفي على أن المملكة ودول الخليج لم تكن قط عامل بلبلة وإرباك للأمن الإقليمي والعالمي، بعكس الجار الإيراني والذي دأب دائما على التهديد والتوعيد، وأوغل في إحداث الضرر بجيرانه، وبشعوب المنطقة. وأكد جمعة بأن الشراكة الخليجية العربية الإسلامية الراهنة، ستقف كالسد المنيع أمام المد الإيراني المؤثم، وأمام الجماعات الإرهابية والتكفيرية والمتطرفة المختلفة، والتي تحاول النيل من مقدرات المنطقة، ومن ثروات شعوبها. بدوره قال المحلل السياسي أسامة الماجد إن القمم الثلاث بمكةالمكرمة ليس للمجاملات أو لإطلاق الكلمات الرنانة، بل هي مرتكز تغيير حقيقي ومحوري للمستقبل، مرتكز سيوفر الضمانات الأمنية المطلوبة للمنطقة، وسيقوض الدور الإيراني في التخريب وتغذية الإرهاب وتمويله، وسيضع الحد النهائي له. القضية الفلسطينية محور اهتمام القمم : تصدرت القضية الفلسطينية كلمات وبنود بيانات القمة الإسلامية، سواء البيان الختامي أو «إعلان مكة»، إضافة إلى صدور قرار خاص بشأنها. وأكد مؤتمر أعمال القمة الإسلامية الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي «قمة مكة: يداً بيد نحو المستقبل» في بيانه الختامي على «مركزية قضية فلسطين وقضية القدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية». وجدد «دعمه المبدئي والمتواصل على كافة المستويات للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف». وأكد البيان «رفضه وإدانته بأشد العبارات لأي قرار غير قانوني وغير مسؤول يعترف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، واعتبره لاغياً وباطلاً، ويُشكل اعتداء على الحقوق التاريخية والقانونية والوطنية للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية». وأكد المؤتمر «رفضه أي مقترح للتسوية السلمية، لا يتوافق ولا ينسجم مع الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وفق ما أقرته الشرعية الدولية، ولا ينسجم مع المرجعيات المعترف بها دولياً لعملية السلام وفي مقدمتها القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة». وجدّد «إدانته ورفضه أية مواقف تصدر عن أية جهة دولية تدعم إطالة أمد الاحتلال ومشروعه الاستيطاني التوسعي على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك اعتراف الإدارة الأمريكيةبالقدس عاصمة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وكذلك محاولات تقويضها حقوق اللاجئين الفلسطينيين»