شهدت الأيام الماضية جملة أخبار سورية - لبنانية من شأن قراءتها بسياق واحد مساعدتنا على رؤية الصورة الكبيرة للأزمة هناك، ومدى عمقها، ومدلولاتها. بالنسبة للبنان، ووسط اضطرابات شعبية، وقعت الحكومة طلب مساعدة من صندوق النقد الدولي. ووصف رئيس الوزراء حسان دياب ذلك بأنه «لحظة مفصلية في تاريخ لبنان»، بينما قررت الحكومة الألمانية حظر نشاطات حزب الله على أراضيها باعتباره تنظيماً إرهابياً، وفي سوريا ناشد الملياردير رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، في فيديو نادر الأسد من أجل التدخل لإنقاذ شركاته من الانهيار المالي. وهذا ليس كل شيء، فبينما يواجه حزب الله نقمة مستمرة في لبنان، استهدفت طائرات هليكوبتر إسرائيلية بعدة صواريخ من الجولان أهدافاً في جنوبسوريا، قالت رويترز نقلاً عن مصادر بأجهزة مخابرات إن الهجمات الإسرائيلية هي زيادة في العمليات ضد فصائل مسلحة تدعمها إيران، ومنها بالطبع حزب الله. وعليه فعند قراءة الأخبار أعلاه بسياق واحد يتضح أن الأزمة اللبنانية - السورية، وبالتالي أزمة حزب الله، على اعتبار أن حكومة دياب هي حكومة الحزب، ونافذة الأسد الدولية، لا تزال أزمة مالية صرفة، ولا حلول في الأفق، ومهما وقعت الحكومة اللبنانية من اتفاقات، وهي التي تباهت قبل أشهر معدودة بتعطيلها تسديد الديون الخارجية، خصوصاً وأن حكومة دياب، وحتى اللحظة، لم تحظ بأي تعاون دولي، أو عربي، حقيقي، كما لم تجد وحدة لبنانية، ولو في الحد الأدنى داخلياً. ومن شأن كل ذلك أن يزيد مصاعب حزب الله، مثلما أنه يزيد مصاعب مصرف لبنان، على اعتبار أن هناك من يرى أن قطاعين فقط في لبنان يعملان مؤخراً، وهما حزب الله، ومصرف لبنان. اليوم تختنق الحكومة اللبنانية مالياً، بينما يختنق حزب الله مالياً، ويحاصر دولياً، مع استمرار العمليات النوعية الإسرائيلية باستهداف الحزب في سوريا التي بات الخلاف المالي فيها علنياً بين أفراد أسرة الأسد، وخصوصاً بعد فيديو ابن خال بشار الأسد. كل ذلك يقول لنا إن الأزمة المالية هي أقوى من سلاح حزب الله، وتذكر الجميع بأن واقع الأسد صعب، والمراهنة على مستقبله خطأ، مما يقول لنا أيضا إن العقوبات الاقتصادية على إيران مهمة، وتتضح أهميتها في النظر لواقع حزب الله، والأسد، ومعهم حكومة لبنان التي كان يفترض عند تشكيلها أن تمثل طوق النجاة لحزب الله، والأسد، وحلفائهم. ملخص القول، لإيران، وحلفائها، هو ما قاله جيمس كارفيل، المخطط الاستراتيجي لحملة بيل كلينتون الانتخابية في عام 1992: «إنه الاقتصاد يا غبي». [email protected]