سرعان ما تعالقت أشعار شعراء مع أخبار فايروس كورونا، وتقاطع الشعر الفصيح مع الشعبي مع قصيدة النثر في إدانة وشجب وتوصيات ومواعظ، فالشاعر نايف البراق يقول: «لا تجزعي إن أصاب القوم «كورونا»، فقد غدا القلب بالأسقام مفتونا». والشاعر المغربي إدريس علوش كتب: «فيروس كورونا جبان لا شكَّ؛ لأنه يقتل النفس بغير الحق كما يشهد العالم الآن ويغلق فصول المدارس». والشاعر خالد المريخي قال: «والله لو تملا المساجد كورونا، إني لاصلي فيهن فروضي الخمس». وتاريخياً ندد الشاعر المتنبي بالحمى في قصيدته: «وزائرتي كأن بها حياء، فليس تزور إلا في الظلام». فيما شجبت الشاعرة نازك الملائكة الكوليرا إبّان اجتياحها مصر: «الكوليرا في كهف الرعب مع الأشلاء». وتحاور الشاعر غازي القصيبي مع الحمى: «مُرّي بكفيك على جبيني، وقبل أن أرقد حدّثيني». من جهته عدّ الشاعر حسن صميلي الشاعر الذي يكتب في كل غرض وفي كل قضية (ناظما) وقال: «الخطابية سبيل من لا يجيد الشعر»، ويرى أنه حتى هذه اللحظة لم تفرض كورونا نفسها على النصوص؛ فالنص يحتاج أنَّ ينضج فكرة وأداة، وأن يسير بعد وعي بماهية طريقه التي يخوضها، وذهب إلى أن كورونا ما زال جنينا لم يكتمل في الوعي الكتابي والقرائي، وحين يكتمل سيفرض نفسه على النصوص، وآمل أن يكون النص جادّاً وناضجاً في التعامل معه رؤية وتشكيلاً ووعياً. ويؤكد الشاعر محمد الفوز أن كورونا حدثٌ فجائعي كالطاعون الذي حل بأوروبا وأصبح مادة لغوية وأدبية، مشيراً إلى تأثير الكوليرا وغيره من الأمراض القاتلة في النص الشعري، إلاّ أن الأدب المتجاوز يتحمل مسؤولية الكتابة بأسلوب إبداعي وتأويل الحدث إلى مناطق غير دارجة في النص أيّاً كان شعرياً أم سردياً بعيدا عن التقريرية التي قضت وطرها في الصحافة، وتحفظ على سرعة تناول كورونا إذ انتشر في جسد النص كما انتشر الفايروس في جسد الكائن، ويرى انتشارها في فضاءات الأدب أكثر من أروقة الحياة؛ لأن اللسان عجول وتداوله للأفكار جدلي أكثر. فيما يراها الشاعر طلال الطويرقي حالة إنسانية عامة وينعت التناول ب«وصفة شعرية وطبية». ويرى الشاعر عبدالله الهميلي أن ما يمر به العالم حتى هذه اللحظات جراء تسلل فايروس قاتل لا يمت للحياة بصلة مهدداً الإنسانية برمتها أشبه بحرب كونية أخرى، وأضاف: ليست المرة الأولى التي يمر بها الإنسان بمثل هذه الكوارث، إلا أن الفارق في الحقبة التي بلغت فيها التقانة الإنسانية ذروة لم يحلم بها إنسان العصور السابقة، ولولا وسائل الاتصال الموجودة لكانت كارثة غير متوقعة النتائج. مؤكداً أنه تجاه هذا المأزق الإنساني الحرج من وجهة فلسفية وجمالية يحضر الشاعر محمود درويش بجداريته «هزمتك يا موت الفنون جميعها»، «على هذه الأرض ما يستحق الحياة». وقال: علينا أن نثق في حدوسات الفنانين والأدباء، كما يؤكد ذلك فرويد ويونغ؛ لأنهم يمتلكون طاقة المخيلة التي هي أهم من الواقع كما يقول انشتاين الأبطال الجماليون لهذه المرحلة هم الأدباء والفنانون والشعراء بما يمتلكونه من طاقة جمالية تستطيع تحريرنا من بؤس الوباء أشبه بعملية تطهيرية من كل ما يسبب البؤس، ولعلها فرصة ثمينة في العزلة المؤقتة أن تتحول إلى عزلة جمالية واشتغال مشروع على كل ما يحفز ويغذي المخيلة الإنسانية ويوصلها لذروتها الإبداعية كون الفن والجمال مشروع خلاصي حقيقي لا يستهان به النزوع الجمالي إلى فضاء التأمل والتفلسف يجد أن في الفلسفة بنياناً إبداعياً يمكن أن يتحلق فيه مع هذه الأزمة الإنسانية. وعدها فرصة لترتيب الحياة الداخلية وتنظيم علاقتنا مع الجمال والتنمية البيئية والجمال وما يحفز على الإبداع.