يعود تشكل المشهد الثقافي والإبداعي الفني في المملكة العربية السعودية إلى محطات تاريخية، عملت رؤية المملكة 2030 على جعله حراكاً دائماً معززاً، وهو ما ألهم الصحفي والكاتب محمد بن عبدالله الحسيني توثيقها في كتاب جديد بعنوان "الفن التشكيلي السعودي" من خلال ملتقيات شقراء الفنية 1442 إلى 1445 – تراجم وسير. في هذا الكتاب استطاع الحسيني جمع محطات فريدة من تاريخ الفن التشكيلي في شقراء، المدينة التي ارتسمت ملامحها الثقافية على صفحات هذا العمل، لتكون شاهداً على نبضها الإبداعي المتجدد. ويقدم الحسيني توثيقاً دقيقاً للفعاليات، وأبرز المخرجات الفنية، وسير المشاركين، في سياق يعكس ارتباط الإنسان بمكانه وبيئته الثقافية، كما يبرز الكتاب دور مدينة شقراء كقاعدة تنموية وإبداعية، تشهد تفاعلاً مميزاً بين الإرث الفني السعودي وتطلعات الجيل الجديد. ويرصد المؤلف "إبداع الفن التشكيلي السعودي: من الماضي إلى المستقبل" جذور الفن التشكيلي السعودي وأفقه المعاصر، مستعرضاً كيف انتقل من حدود المعارض المغلقة إلى الشوارع والساحات العامة، ليصبح تعبيراً حياً عن روح المجتمع السعودي وطموحه، ويشير الحسيني إلى أهمية هذه الملتقيات في تعزيز الهوية الفنية المحلية، وتجديد صلة الشباب بموروثهم الإبداعي، مؤكداً على دور وزارة الثقافة في دعم هذا الحراك الحيوي. تبويب عناوين وفصول الكتاب تشير إلى التنوع الكبير في معلوماته وعمق البحث والتتبع الذي سعى إليه المؤلف، وتوثيقه للوحات فنية لفنانين سعوديين أشبه بمعرض تشكيلي ورقي حيث تضمن أعمال نحات العرب فيصل النعمان، ولوحة زيتية ملكية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- للفنان التشكيلي نواف بن عبد الله الدايل -وأخرى للرياض- 2020م اليوم الوطني، ولوحة من أعمال النحات خالد العنقري - محافظة الدوادمي 2024م، ورسمة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بدهن العود من أعمال التشكيلية مها العتيبي 2019م، إضافة إلى جامع الإمام فيصل بن تركي في أثينا - للفنانة طيف 2023م، ولوحة أخرى لمعالي وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود بريشة الفنانة التشكيلية فهدة بنت محمد السدر 2024م، وأيضا لوحة لغازي القصيبي من أعمال الفنانة التشكيلية أمل الشمري 2024م، ولوحة من أعمال الفنانة التشكيلية منيرة السليم. وشمل الكتاب مقالاً للزميل الكاتب عبدالله الحسني تحدث فيها عن الإبداع في الفن التشكيلي وعلاقته المتغلغلة في نسيج أرواحنا، إذ يرى الزهراني اللوحة التشكيلية فضاء رحباً وشاسعاً، لا يجعلنا على تماس مع التجارب المعيشية المختلفة فقط، بل يتجاوزها إلى استثمار التخييل والنهل من الواقع أو استدعاء أحداث معينة من الذاكرة المتخمة بصور وتداعيات وانتقالات تتدفق، مبيناً دور العهد الزاهر في احتضان المعارف والثقافات والفنون ونصيب الفن التشكيلي من التمكين والتعضيد والدعم والتشجيع من القيادة التي تسير وفق رؤية جعلت من مرتكزاتها جودة الحياة، ومن أهدافها أن تخلق مجتمعاً حيوياً، وشعباً طموحاً، واقتصاداً مزدهراً.