لم تتوقع أسرة الطالبة دان محمد حسين اليافعي أن نبوغ ابنتهم المبكر في الرياضيات، سيفضي إلى تفوقها في الأبحاث العلمية، وفوزها في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع 2020) عبر بحثها في الهندسة البيئية. ومرت الطالبة دان بمحطات مهمة في مسيرتها العلمية بدأت حينما لاحظت معلمتها في الصف الثالث الابتدائي، تميزها في الرياضيات، فرشحتها للمشاركة في اختبار «موهبة»، فدخلته وحصلت على درجة عالية جدا. وقالت دان: «اتصلت مؤسسة موهبة بوالدتي وهنأتها بتحقيقي نتائج جيدة في الاختبار، وقدموا لها شرحا موسعا عن البرنامج، خصوصا أننا لم نكن نعلم جيدا عنه من قبل، وقدموا لي منحة لواحدة من ثلاث مدارس، واخترت منها دار الرواد»، مشيرة إلى أنها تعلمت فيها ثلاث سنوات، خضعت في نهاية كل عام منها لاختبار في العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية، وكانت دائما ما تحقق فيها درجات عالية. وخاضت دان اختبار موهبة وهي في سادس ابتدائي، وحققت نتائج عالية، رشحتها للدراسة في دار الفكر التي تعلمت فيها أربع سنوات، اكتشف خلالها برامج موهبة الصيفية التي استغلتها في تقوية لغتها الإنجليزية. ولا تنسى دان تفرغها للمشاركة في أول برنامج صيفي لموهبة (Oxmedica) الدولي في جامعة الملك سعود عام 2018، واختارت تخصص الهندسة الكيميائية، وتعلمت فيه أساسيات الهندسة الكيميائية، مبينة أنها استفادت من البرنامج الصيفي علميا واجتماعيا، بتعرفها على كثير من الزميلات والأكاديميين الذين ساعدوها في مسيرتها البحثية، مشيرة إلى أن ارتباطها زاد بالهندسة والبرنامج ذاته، ما دفعها للمشاركة في البرنامج الإثرائي البحثي في العام التالي 2019 في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الرياض لمدة شهر. وأضافت دان: «عشت أجواء علمية ثرية خلال البرنامج، كنا نتوجه يوميا من السكن إلى مدينة العلوم والتقنية لإجراء البحث الذي اشتركت فيه مع زميلة مع مشرف واحد، وتوفرت لنا بيئة بحثية جاذبة ساعدتنا على التألق والإبداع». وأوضحت أن البرنامج تميز بمشاركة شخصيات ملهمة وشخصيات فازت في مسابقة (Intel ISEF) في العام السابق، ما حفزها على المشاركة في المسابقات وخوض غمارها، لافتة إلى أنه حين بدأ التسجيل في مسابقة «إبداع» تقدمت ببحثها في الهندسة البيئية. وذكرت أن البحث الذي تقدمت به كان مبدئيا لأنه لا يزال في بداياته، وحظي بالقبول في المرحلة الأولى، وعملت على تطويره وترشحت به للمرحلة التالية، مشيرة إلى أنها واجهت صعوبة في السفر إلى الرياض للاستعانة بمشرف أكاديمي لإجراء التجارب والإشراف على بحثها. واستدركت دان بالقول: «لكن مدرستي ثانوية الموهوبات ساعدتني وعالجت المشكلة، بالتواصل مع جامعة الملك عبدالعزيز، وقدموا لي مشرفا أكاديميا، وأصبحت أنفذ التجارب في الجامعة بجدة، وطورت بحثي وتأهلت للرياض وحصلت على المركز الخامس على مستوى المملكة في مسابقة إبداع 2020»، لافتة إلى أن بحثها بعنوان «منهجية مبتكرة للتنبؤ بتراكيز جزيئات PM2.5 باستخدام العوامل الجوية وخوارزميات التعلم الآلي». وتمحور بحثها الفائز في «إبداع» على جزيئات موجودة في الهواء صغيرة جدا PM2.5 تتسلل في مجرى الدم وتؤدي لمشكلات في القلب والجهاز التنفسي وتسبب سرطانا في الرئة، وضيقا في التنفس وربما تؤدي للموت. وتمكن البحث من الحصول على تراكيز هذه الجزيئات ومواقعها بالتعرف على العوامل الجوية، دون الاستعانة بالحساسات التي تبين مواقعها. وعاشت دان قبل التقدم ببحثها إلى الرياض حالة من التوتر والقلق، إذ كانت تطلب من والدتها وشقيقتها قراءة البحث ومراجعته، حتى تطوره وتسد أي ثغرات إن وجدت فيه، وكانت تستفيد من ملاحظاتهما. وتعتبر دان اليافعي انتقالها من دار الفكر إلى ثانوية الموهوبات، نقلة نوعية في مسيرتها البحثية، إذ وجدت فيها التشجيع والتحفيز للمشاركة في المسابقات المختلفة، مبينة أن أول مسابقة تخوض غمارها كانت في أولمبياد التصميم الفني، وتعتمد على صناعة فيديو يعبر عن موضوع موجود، وشاركت فيها مع زميلة لها وفازتا بالمركز الرابع. وشاركت دان في برنامج آخر من شركة إنجاز السعودية يعتمد على كيف نؤسس شركة من الصفر؟، أدت فيه دور مديرة الموارد البشرية، ونفذت تحليلات الشركة والتداول في الأسهم، والاستعانة بموظفين جدد، وأصبحت قادرة على إعداد منتج من الصفر، ووصلت شركتها إلى المراحل النهائية في المسابقة. وترى دان أن خوضها تلك المسابقات نمى شخصيتها وطور قدراتها وتعرفت من خلالها على شخصيات كبير وملهمة ومؤثرة، ساعدتها لتكون باحثة متميزة تستطيع كتابة البحث العلمي بالطريقة الصحيحة، ورسمت خارطة طريق لمستقبلها العلمي والمهني. المشاركة في أولمبياد التصميم الفني