تسربت في الأيام الأخيرة بعد الثورة اللبنانيةوالعراقية، أنباء أن قائد فيلق القدس في الحرس الإيراني قاسم سليماني، أجرى اجتماعات مع قيادات لبنانية وعراقية لاحتواء الأزمة والتصرف حيال موجة المظاهرات.تحركت طهران في الخفاء لمواجهة الاحتجاجات وإنقاذ الحلفاء أو بالأحرى الأدوات، لكن محاولاتها فشلت في التخفيف من عمق الألم الشعبي والنقمة على حكومات بيروتوبغداد. وبحسب مصادر مطلعة، فإن سليماني اجتمع مع قيادات العديد من المليشيات في سورية والعراقولبنان، لوضع شكل النفوذ الإيراني الجديد، ولعل خطابات علي خامنئي التي تطرقت بشكل مباشر إلى ما يجري في العراقولبنان مؤشر واضح على قلق القيادة الإيرانية من عملية تغيير في قواعد اللعبة في بغدادوبيروت وبالتالي خروج الوضع عن السيطرة الإيرانية. في سورية كانت المؤشرات مبكرة عما جرى في لبنانوالعراق، إلا أنها كانت متواضعة طبقا لظروف موضوعية، ففي دير الزور في أقصى الشرق حيث سيطرة مليشيات الملالي ، بدأت المظاهرات تخرج بشكل علني رفضا للوجود الإيراني، عشية إعلان الولاياتالمتحدة الانسحاب من سورية، ما أثار قلق المدنيين من تمدد النفوذ الإيراني، لكن واشنطن عادت وأعادت انتشار بعض قواتها للردع. هذه التحركات المتصاعدة في سورية والعراقولبنان، ليست وليدة الصدفة بقدر ما هي حصاد الغرور الإيراني ، ظنا أن سياسة المليشيات والطائفية هي الحل، مستثمرة بذلك العمق الطائفي في العراقولبنان. المفاجأة الوطنية ما حصل في العراقولبنان على أيدي الشيعة الذين خرجوا يرفضون هذه الوصاية الطائفية، ويثورون على الطبقة السياسية الطائفية المرتبطة كل الارتباط بالنظام الإيراني. ووسط موجات الرفض المتصاعد للسياسة الإيرانية في البلدان العربية، تفجرت الأوضاع الاجتماعية في إيران، فالشعب الإيراني ليس بعيدا عن تفاعلات ما يجري في الشرق الأوسط، وهو يعيش ذات الأوضاع التي تفرضها بلاده على شعوب بعض الدول التي تسيطر عليها، وبالتالي وقع المحظور الذي كانت إيران تخشاه وهو وصول الاحتجاجات إلى عمق أراضيها، ضريبة متراكمة لما ارتكبته في الداخل والخارج، وبدلا من أن يذهب سليماني إلى خارج الحدود لممارسة القمع وهندسة المليشيات، باتت الكرة اليوم في الملعب الإيراني، هذه الموجة الثانية خلال عام من الاحتجاجات على نظام الملالي، ولعلها لن تمر بسلام لتكتمل الحلقة في المنطقة وتسقط مراكز تصدير الفوضى.