استُقبل نوري المالكي في مطار الشهيد رفيق الحريري في بيروت من قِبل مندوبين من حزب حسن نصر الله (حزب الله) وحزب نبيه بري (حركة أمل)، مع تجاهل من الحكومة اللبنانية؛ فالوزراء والنواب الذين التقاهم نوري المالكي كانوا يؤدون واجباً حزبياً، وليس رسمياً. فزيارة نوري المالكي للبنان زيارة تدخل ضمن تحركاته الداعمة للحلف الطائفي، وترميم (الهلال الشيعي)، الذي قُضم أحد أطرافه حينما أُطيح بنوري المالكي شخصياً؛ فسارعت إيران لدعوة المالكي لشد أزره، وبحث مواجهة المرحلة القادمة، التي تستدعي تكثيف المخططات لدعم النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان. وأُعطي نوري المالكي دوراً رئيسياً في تثبيت النفوذ الإيراني. ومع أن نوري المالكي يقوم بزياراته إلى لبنان، وقبلها إيران، وهو يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، إلا أن الأوساط الرسمية العراقية لم تأتِ على ذكر هذه الزيارة الموجهة إلى بحث ترتيبات تمويل المشاركة العسكرية للمليشيات الطائفية اللبنانية منها والعابرة القادمة من العراق والهند وباكستان واليمن والبحرين؛ إذ إن نوري المالكي منذ كان رئيساً للحكومة العراقية، وبعد تأثر نظام ملالي إيران من العقوبات المفروضة عليه من الأسرة الدولية، أُنيطت بحكومته تعويض أموال دعم المليشيات الطائفية. وقد أدى المالكي هذا الدور بأساليب ملتوية، رغم تلكُّئه في تقديم الخدمات للشعب العراقي. فإضافة إلى تهريب الأموال العراقية إلى لبنان، ومنها (الكنز) الذي أُرسل إلى بيروت، وموجود في الضاحية الجنوبية، وهو ما كشفت عنه مصادر إعلامية أمريكية ولبنانية وعراقية، تواصلت التحويلات العراقية بأساليب متعددة عبر حزب الله لتمويل حربه ضد الشعب السوري، والصرف على المليشيات الطائفية الشيعية القادمة من أماكن عديدة، وتستعمل مطار رفيق الحريري نقطة عبور، وهو المطار الذي يسيطر عليه حزب الله. دور نوري المالكي في توفير الغطاء المالي للمليشيات الطائفية التي تحارب الشعب السوري يفسر الحفاوة التي استُقبل بها نوري المالكي من قِبل الطائفيين في بيروت، سواء وزراء ونواب حزب حسن نصر الله وحركة نبيه بري؛ فهاتان الواجهتان الطائفيتان كانتا - ولا تزالان - أكثر الجهات استقبالاً للأموال العراقية التي أرسلها نوري المالكي، ويواصل إرسالها حتى الآن، فيما يواجه المواطن العراقي وضعاً مزرياً في ظل تناقص الخدمات؛ ما جعل المرجع الشيعي علي السيستاني يمتنع عن استقباله في السنوات الأخيرة من حكمه. نوري المالكي يعول الآن على مراكز تدعيم النفوذ الإيراني، وكأنه ممثل لمرشد تصدير الإرهاب الإيراني علي خامنئي، مع أنه يحتل منصباً رسمياً عراقياً؛ كونه نائباً لرئيس الجمهورية العراقية. فكيف توصف تحركاته هذه من قِبل العراق حكومة وشعباً؟ وهل تمثل تحركاته وأقواله العراق، أم تندرج في سياق الفوضى السياسية التي أوجدها الاحتلال الأمريكي للعراق، واستغلها الإيرانيون لتكريس نفوذهم في هذا البلد العربي؟